عواصم- قالت مصادر سياسية إسرائيلية، أمس الأربعاء، إن حكومة ايهود اولمرت أبلغت القيادة المصرية مؤخرا بتحفظاتها حيال مسار التهدئة مع حركة حماس، التي قالت ان الكرة في الملعب الاسرائيلي بعد توافق الفصائل الفلسطينية على التهدئة.
لكن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي آفي ديختر حضّ حكومته إلى وقف أية اتصالات مع مصر، ورفض مسار التهدئة والاستمرار بالقتال في قطاع غزة.
وكان الطاقم الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية عقد اجتماعا امس، برئاسة رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، لبحث آخر التطورات على صعيد الاتصالات مع مصر، والعدوان المستمر على قطاع غزة.
وقالت مصادر في مكتب أولمرت، لوسائل إعلام إسرائيلية، إن رئيس الحكومة أولمرت امتنع خلال الاجتماع عن إبداء رأيه في مسألة الاتصالات مع القيادة المصرية حول التهدئة مع قطاع غزة، وحول التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس.
وقال أولمرت إنه ينتظر سماع رأي وزير الحرب إيهود باراك، وقيادة جيش الاحتلال، وهو موقف ما يزال طور التبلور، حسبما نشر.
إلا أن الوزير ديختر هاجم مجرد المفاوضات مع الجانب المصري، داعيا إلى عدم التوجه إلى مسار التهدئة، وقال في الاجتماع ان "موافقة إسرائيل على الخوض في المسار المصري يمنح حركة حماس شرعية، وطالما ان المصريين لا ينفذون التزامهم بمنع تهريب الأسلحة عبر الأنفاق تحت الحدود مع قطاع غزة، فإنه لا يوجد ما يبرر إجراء مفاوضات من أجل التهدئة".
واضاف ديختر، إن على إسرائيل أن تتوصل إلى تهدئة فقط من مكانة قوة وردع، على أن يشمل هذا إطلاق الجندي الاسير في قطاع غزة جلعاد شليط. وهاجم ديختر حكومته وجيش الاحتلال، معتبرا ان الجيش لم ينفذ قرار الحكومة بوقف عمليات إطلاق القذائف الفلسطينية تجاه مواقع وبلدات إسرائيلية بكل الوسائل.
وانضم رئيس جهاز الاستخبارات العامة، "الشاباك"، يوفال ديسكين، إلى تحذيرات ديختر، بتحذيره الطاقم الوزاري من أن حركة حماس ستستغل فترة التهدئة من اجل تعزيز قوتها، وهو الموقف الذي عبر عنه، أول من امس الثلاثاء، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، عاموس يدلين.
أما نائب وزير الحرب، متان فلنائي، فقد نفى في تقريره أمام الطاقم الوزاري وجود أزمة إنسانية في قطاع غزة، نتيجة الحصار الجائر الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، مدعيا أن المواد الأساسية ستستمر في الدخول إلى القطاع.
وكانت إسرائيل أعربت للجانب المصري عن تحفظاتها حيال مخططه للتهدئة، بزعم انه يعطي وزنا اضافيا لحركة حماس، على حساب الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقالت صحيفة "هآرتس"، إن هناك مؤشرات على أن إسرائيل تتعامل بتشكيك كبير مع الاتصالات التي تجريها مع حركة حماس، والجانب الإسرائيلي، ومن بين هذه المؤشرات، حسب الصحيفة، هو أن رئيس طاقم المفاوضات الإسرائيلي في هذه القضية، اللواء احتياط عاموس غلعاد، كان قد أمضى أسبوع عيد الفصح العبري الأسبوع الماضي، في إسرائيل دون أن يتوجه إلى مصر، وأنه في هذه الأيام يزور الولايات المتحدة في زيارة عمل.
وعلى الرغم من ذلك، فقد قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى لصحيفة "هآرتس"، أمس، إنه على الرغم من تحفظات إسرائيل من المسار المصري للتهدئة، إلا أن إسرائيل قد تجد نفسها أمام معضلة في حال اتفق المصريون مع الفصائل الفلسطينية على التهدئة، لأن إسرائيل لن يكون بوسعها أن ترفض العرض المصري.
من جانبها، اعتبرت حركة المقاومة الاسلامية حماس توافق الفصائل الفلسطينية حول رؤية مصر للتهدئة التي تبدأ من غزة اولا ثم تمتد الى الضفة الغربية "خطوة ايجابية" واكدت ان "الكرة باتت في الملعب الاسرائيلي".
وقال سامي ابو زهري المتحدث باسم حماس لوكالة فرانس برس ان الاعلان في القاهرة عن توافق الفصائل حول التهدئة برعاية مصرية "خطوة جيدة وتؤكد ان الكرة باتت في ملعب الاحتلال الاسرائيلي وعلى الاحتلال ان يختار بين انجاح الجهد المصري والتوصل الى تهدئة متبادلة او افشال هذا الجهد ومن ثم تحمل تبعات ذلك".
واوضح ابو زهري ان "هذا التوافق الفلسطيني يؤكد ان المشكلة بشأن التهدئة ليست في الطرف الفلسطيني انما في الطرف الاسرائيلي الذي يستمر بالتهديدات والعدوان".
وشدد على ان حركته "في ضوء هذا الاعلان بانتظار رد اسرائيل رسمي عبر القاهرة لنحدد موقفنا النهائي بشأن التهدئة".
في غضون ذلك، قالت الحكومة الفلسطينية المقالة التي يرأسها القيادي البارز في حماس اسماعيل هنية في بيان تلقته فرانس برس "ترحب الحكومة بالموقف الموحد للفصائل الفلسطينية بشأن الطرح المصري حول التهدئة الشاملة والمتزامنة والمتبادلة" وتابع ان هذا الموقف "ينقل الكرة الآن للملعب الاسرائيلي من اجل وقف سياسة العقاب الجماعي".
وشدد البيان على "ضرورة احترام التوجه الفلسطيني والاستجابة للمطالب الفلسطينية التي تتضمن وقف كل اشكال الاعتداءات الاسرائيلية ورفع الحصار الظالم عن شعبنا وفتح المعابر بما فيها معبر رفح وفق الآليات التي تم التوافق عليها مع القيادة المصرية".
وقالت حكومة هنية المقالة ان موقف الفصائل "يضع المجتمع الدولي امام اختبار جدية جهوده من اجل انهاء معاناة الشعب الفلسطيني".
وأكد مسؤول مصري رفيع المستوى امس ان الفصائل الفلسطينية توافقت بعد يومين من الاجتماعات، وأكدت حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين امس انها وان كانت لا تؤيد ان تشمل التهدئة مع اسرائيل قطاع غزة وحده، فإنها ستلتزم بالاجماع الوطني مع التشديد على ان اي اتفاق للتهدئة لن يمنعها من حقها في الرد على اي اعتداء.
من جهتها، اكدت حركة الجهاد الاسلامي انها ليست جزءا من اتفاق التهدئة الذي اعلن التوصل اليه في القاهرة، الا انها لن تقوم بخرقه او عرقلته، بحسب ما جاء في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه.
وقال نائب الامين العام للحركة في فلسطين زياد النخالة الذي ترأس وفد الحركة الى حوارات القاهرة، بحسب البيان، عن الاتفاق حول التهدئة في "غزة اولا"، "لا نستطيع ان نكون جزءا من هذا الاتفاق ولكن لن نبادر في الوقت نفسه الى خرقه او عرقلته، وسنعطي فرصة لفتح المعابر والتخفيف من معاناة ابناء شعبنا".
وأضاف "نحن نقول ان موقف حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين مع التهدئة الشاملة والمتزامنة والمتبادلة".
وتابع "لا نستطيع تحمل الثمن السياسي المطلوب بفصل الضفة عن غزة واعطاء شرعية لجرائم الاحتلال بحق ابناء شعبنا الفلسطيني هناك".