وهكذا سأل نفسه الجنرال زعيرا، في جلسة الوزراء في ظهيرة ذلك اليوم (صفحة 5 من البروتوكول):
«ما هي البدائل والخطط المصرية في حالة البدء بفتح النار؟» وجوابه:
«توجد لهم بشكل أساسي ثلاث امكانيات: أ. عبور القناة. ان لديهم خطة لعبور القناة والوصول الى المضائق. ب. القيام باجتياحات في سيناء وعلى طول القناة. جـ. البدء بقصف. واضح ان هناك أيضا طريق رابع، هو خليط من التفجيرات والاجتياحات. في كل هذا، فإن الاحتمال الأضعف هو العبور والاحتمال الأكبر هو الاجتياحات وربما اطلاق النار هنا وهناك. لكن، لا يوجد تفاؤل كبير لدى المصريين أو السوريين ازاء النجاح في هذه الامكانيات، خصوصا إذا حاولوا [الهجوم] على نطاق واسع، وذلك بشكل أساسي بسبب وعيهم الكبير بأن مستواهم الجوي منخفض بالمقارنة معنا. وطالما لم يتوفر لديهم الشعور بأن بإمكانهم احراز وضع مريح أكثر في الجو، لن يتجهوا الى حرب وبالتأكيد ليس لحرب كبيرة. ربما في حالة متطرفة يذهبون الى عملية صغيرة من خلال الأمل في أن تتطور الى شيء كبير».
إذا أخذنا في الاعتبار مجموعة الأخبار المتراكمة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية حتى ذلك الموعد، فإنه لم يكن لدى شعبة الاستخبارات أي أساس لرؤية الأمر على انه هجوم معاد على أهبة الانفجار، خصوصا ان الأخبار الوحيدة التي كانت بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية، تحدثت عن حرب شاملة وليس حرب استنزاف. ولكن حتى في هذه اللحظة المصيرية، برز التمسك الكامل في الفرضية، التي قضت على قدرة شعبة الاستخبارات العسكرية على تقدير المعلومات المتوفرة بين ايديه، بشكل واع وموضوعي. ومن الممكن ان تكون هذه الرؤية المشوشة لماهية هجوم العدو، ساهمت بقسطها في التشويش على استعدادات جيش الدفاع الاسرائيلي ونشر قواته في جبهة القناة.
الصور من الجو: تغيير مواقف شعبة الاستخبارات العسكرية 86. من أجل اكمال الصورة التي ظهرت من مجمل المعلومات الواردة الى شعبة الاستخبارات العسكرية حتى يوم 5 أكتوبر، يجب أن نعود ونذكر الصور التي التقطت من الجو في منطقة القناة في يوم 4 أكتوبر وتم تحليلها في الليل، عشية 5 أكتوبر، والتي كشفت كما ذكرنا (البند 55 آنفا): تشكيلات طوارئ كاملة على نطاق لم نعهده من قبل، تبين منه أنه جرى تعزيز القوات بـ5 ـ 6 ألوية مدفعية متوسطة، ما أدى الى رفع عدد بطاريات المدفعية في خط الدفاع الأول وخلفيته الى 130 بطارية، وعدد الدبابات الى 760 (شهادة الجنرال حوفي في صفحة 1846). وتم تقديم 8 ألوية مدفعية متوسطة الى ما يبعد 6 ـ 7 كيلومترات عن خط وقف اطلاق النار (نشرة رقم 426/73 من يوم 6 أكتوبر، الساعة 3:40). كذلك في الجبهة السورية كانت علامات واضحة حول التشكيلات الدفاعية الهجومية، وهذه لم تؤد الى تغيير فوري في مواقف شعبة الاستخبارات العسكرية عما كانت عليه قبل الخامس من أكتوبر. وقد جاء التغيير فقط مع تلقي الخبر من المصدر المذكور آنفا، حوالي الساعة الثالثة فجرا (وثيقة البينات رقم 98، الوثيقة 64). في ضوء هذا الخبر، غيرت شعبة الاستخبارات العسكرية رأيها، أخيرا، حول إجلاء السوفيات من مصر وسورية وفي النشرة 427/73 من يوم 6 أكتوبر الساعة 6:35 (أو 7:30)، ورد العنوان: «من المحتمل أن يكون هذا الإجلاء مرتبطا باستعدادات العرب للحرب».
تقرير متفق عليه 87. في موضوع المعلومات التي توفرت لشعبة الاستخبارات العسكرية حتى نشوب الحرب، بقيت لنا قضيتان، الأولى تتعلق بالخبر الإضافي الذي تلقيناه في يوم السبت [6 أكتوبر] نفسه الساعة 11:56، وكان ذلك خبرا ــــــــــــــــــ [جملة طويلة شطبتها الرقابة]، من تجربة حرب الاستنزاف ــــــــــــــــ [رقابة مرة أخرى] لكي تحذر من صخب المدفعية من الطرف المقابل. وقد أعطي الخبر لقائد اللواء الجنوبي وهو في قيادة الأركان العامة بين الساعة 12:00 و13:00، فأعطي أمر فوري باستعداد للامتصاص، أي الاستعداد لمواجهة ضربات المدفعية (شهادته في صفحة 1928، وكذلك في شهادة المقدم غداليا لاحقا في صفحة 2279 فصاعدا، وشهادة العميد باروخ هرئيل في صفحة 3379 فصاعدا).
كما يبدو انه ونتيجة لذلك، أعطي أمر فوري للوحدة 252 في الساعة 13:00 تقريبا. وبعد عشر دقائق فقط غيرت الوحدة الأمر بخصوص الكتيبة 275، بأمر آخر أعطي لقائدها بألا يحرك الآن الدبابات الى الأمام (شهادة العقيد نوي، قائد الكتيبة 275 في صفحة 1821).
على اية حال، لم يفهم الشعار المتفق عليه والذي يدل على الاستعداد المصري لعبور القناة، وعلى أساس تجارب الماضي، لم يكن ممكنا أن يفهم الشعار بحد ذاته. ولكن، لو كان قد جرى تحليل لهذا الخبر المتوفر حول البدء بحرب شاملة في اليوم نفسه، في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، على الفور، لكان من الممكن ان يستخلص منه أن العدو قرر تبكير ساعة الحرب الشاملة. لم نسمع من الشهود ان تحليلا كهذا تم في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية (شهادة العميد شيلو، صفحة 2204 فصاعدا، شهادة المقدم بندمن صفحة 2561).
* (في الحلقة القادمة: ساعة الصفر لإطلاق النار)
«ما هي البدائل والخطط المصرية في حالة البدء بفتح النار؟» وجوابه:
«توجد لهم بشكل أساسي ثلاث امكانيات: أ. عبور القناة. ان لديهم خطة لعبور القناة والوصول الى المضائق. ب. القيام باجتياحات في سيناء وعلى طول القناة. جـ. البدء بقصف. واضح ان هناك أيضا طريق رابع، هو خليط من التفجيرات والاجتياحات. في كل هذا، فإن الاحتمال الأضعف هو العبور والاحتمال الأكبر هو الاجتياحات وربما اطلاق النار هنا وهناك. لكن، لا يوجد تفاؤل كبير لدى المصريين أو السوريين ازاء النجاح في هذه الامكانيات، خصوصا إذا حاولوا [الهجوم] على نطاق واسع، وذلك بشكل أساسي بسبب وعيهم الكبير بأن مستواهم الجوي منخفض بالمقارنة معنا. وطالما لم يتوفر لديهم الشعور بأن بإمكانهم احراز وضع مريح أكثر في الجو، لن يتجهوا الى حرب وبالتأكيد ليس لحرب كبيرة. ربما في حالة متطرفة يذهبون الى عملية صغيرة من خلال الأمل في أن تتطور الى شيء كبير».
إذا أخذنا في الاعتبار مجموعة الأخبار المتراكمة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية حتى ذلك الموعد، فإنه لم يكن لدى شعبة الاستخبارات أي أساس لرؤية الأمر على انه هجوم معاد على أهبة الانفجار، خصوصا ان الأخبار الوحيدة التي كانت بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية، تحدثت عن حرب شاملة وليس حرب استنزاف. ولكن حتى في هذه اللحظة المصيرية، برز التمسك الكامل في الفرضية، التي قضت على قدرة شعبة الاستخبارات العسكرية على تقدير المعلومات المتوفرة بين ايديه، بشكل واع وموضوعي. ومن الممكن ان تكون هذه الرؤية المشوشة لماهية هجوم العدو، ساهمت بقسطها في التشويش على استعدادات جيش الدفاع الاسرائيلي ونشر قواته في جبهة القناة.
الصور من الجو: تغيير مواقف شعبة الاستخبارات العسكرية 86. من أجل اكمال الصورة التي ظهرت من مجمل المعلومات الواردة الى شعبة الاستخبارات العسكرية حتى يوم 5 أكتوبر، يجب أن نعود ونذكر الصور التي التقطت من الجو في منطقة القناة في يوم 4 أكتوبر وتم تحليلها في الليل، عشية 5 أكتوبر، والتي كشفت كما ذكرنا (البند 55 آنفا): تشكيلات طوارئ كاملة على نطاق لم نعهده من قبل، تبين منه أنه جرى تعزيز القوات بـ5 ـ 6 ألوية مدفعية متوسطة، ما أدى الى رفع عدد بطاريات المدفعية في خط الدفاع الأول وخلفيته الى 130 بطارية، وعدد الدبابات الى 760 (شهادة الجنرال حوفي في صفحة 1846). وتم تقديم 8 ألوية مدفعية متوسطة الى ما يبعد 6 ـ 7 كيلومترات عن خط وقف اطلاق النار (نشرة رقم 426/73 من يوم 6 أكتوبر، الساعة 3:40). كذلك في الجبهة السورية كانت علامات واضحة حول التشكيلات الدفاعية الهجومية، وهذه لم تؤد الى تغيير فوري في مواقف شعبة الاستخبارات العسكرية عما كانت عليه قبل الخامس من أكتوبر. وقد جاء التغيير فقط مع تلقي الخبر من المصدر المذكور آنفا، حوالي الساعة الثالثة فجرا (وثيقة البينات رقم 98، الوثيقة 64). في ضوء هذا الخبر، غيرت شعبة الاستخبارات العسكرية رأيها، أخيرا، حول إجلاء السوفيات من مصر وسورية وفي النشرة 427/73 من يوم 6 أكتوبر الساعة 6:35 (أو 7:30)، ورد العنوان: «من المحتمل أن يكون هذا الإجلاء مرتبطا باستعدادات العرب للحرب».
تقرير متفق عليه 87. في موضوع المعلومات التي توفرت لشعبة الاستخبارات العسكرية حتى نشوب الحرب، بقيت لنا قضيتان، الأولى تتعلق بالخبر الإضافي الذي تلقيناه في يوم السبت [6 أكتوبر] نفسه الساعة 11:56، وكان ذلك خبرا ــــــــــــــــــ [جملة طويلة شطبتها الرقابة]، من تجربة حرب الاستنزاف ــــــــــــــــ [رقابة مرة أخرى] لكي تحذر من صخب المدفعية من الطرف المقابل. وقد أعطي الخبر لقائد اللواء الجنوبي وهو في قيادة الأركان العامة بين الساعة 12:00 و13:00، فأعطي أمر فوري باستعداد للامتصاص، أي الاستعداد لمواجهة ضربات المدفعية (شهادته في صفحة 1928، وكذلك في شهادة المقدم غداليا لاحقا في صفحة 2279 فصاعدا، وشهادة العميد باروخ هرئيل في صفحة 3379 فصاعدا).
كما يبدو انه ونتيجة لذلك، أعطي أمر فوري للوحدة 252 في الساعة 13:00 تقريبا. وبعد عشر دقائق فقط غيرت الوحدة الأمر بخصوص الكتيبة 275، بأمر آخر أعطي لقائدها بألا يحرك الآن الدبابات الى الأمام (شهادة العقيد نوي، قائد الكتيبة 275 في صفحة 1821).
على اية حال، لم يفهم الشعار المتفق عليه والذي يدل على الاستعداد المصري لعبور القناة، وعلى أساس تجارب الماضي، لم يكن ممكنا أن يفهم الشعار بحد ذاته. ولكن، لو كان قد جرى تحليل لهذا الخبر المتوفر حول البدء بحرب شاملة في اليوم نفسه، في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، على الفور، لكان من الممكن ان يستخلص منه أن العدو قرر تبكير ساعة الحرب الشاملة. لم نسمع من الشهود ان تحليلا كهذا تم في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية (شهادة العميد شيلو، صفحة 2204 فصاعدا، شهادة المقدم بندمن صفحة 2561).
* (في الحلقة القادمة: ساعة الصفر لإطلاق النار)