جدد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية مطالبته بحوار عربي ـ إيراني يشمل الأمن الإقليمي والموقف من القضية الفلسطينية وأمور كثيرة جدا. واكد أن اللحظة قد حانت الآن لعمل فلسطيني ـ فلسطيني يعتمد على الدعم العربي، وعلى الرغبة الدولية في إغلاق هذا النزاع بين فتح وحماس.
وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة عقب مشاركته في قمة للفاو، وقبيل مغادرته إلى موسكو، إن السعودية سدت الفجوة المالية التي كان يعاني منها برنامج الغذاء العالمي، مشددا على ضرورة تعاون زراعي عربي لمواجهة مشاكل استخدام الطاقة الحيوية. وتحدث موسى عن المشكلة التي تناولتها قمة الفاو الأخيرة، وبخاصة حول تأثير استخدام الطاقة الحيوية على إنتاج الغذاء، وسبل الاكتفاء الذاتي منه في العالم العربي. وإلى نص الحوار..
> كيف ترى تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس والتي تسير باتجاه الحوار الفلسطيني ورفع الحصار عن غزة؟
ـ لقد استمعت إلى تصريحات الرئيس أبومازن وأرى أنها ايجابية تماما، وكذلك (استمعت) لرد فعل زعماء حماس، وهو (أمر) إيجابي أيضا.. أعتقد أن اللحظة قد حانت الآن لعمل فلسطيني ـ فلسطيني يعتمد على الدعم العربي، وعلى الرغبة الدولية في إغلاق هذا النزاع بين فتح وحماس، وان يتحاورا ويصلا إلى توحيد قواهما ومواقفهما والجامعة العربية مهتمة جدا بهذا الموضوع.. أنا على اتصال بكثير من قادة الجانبين ودول عربية بذلت جهوداً كثيرة في هذا سواء المملكة العربية السعودية ومصر وكذلك المبادرة اليمنية الأخيرة.
> لكن إسرائيل تحذر السلطة الفلسطينية دائما من الحوار والتوافق مع حماس وتقول لها إذا اقتربتم من حماس سوف نبتعد عنكم؟
ـ ثبت أن اقترابهم (اقتراب الإسرائيليين من السلطة الفلسطينية) مثل ابتعادهم، وأقصد أن اقتراب إسرائيل من السلطة لا فائدة منه، وبناء المستوطنات يتم على قدم وساق، والمفاوضات بين الجانبين لم تصل إلى شيء، وبالتالي ما هو الفرق لو ابتعدت إسرائيل عن السلطة الفلسطينية.. أصبح قربهم مثل بعدهم والفلسطينيون يدفعون الثمن في كل الأحوال، والأفضل أن يتصالح الفلسطينيون، وإذا كانت إسرائيل لا تريد وحدة الصف الفلسطيني، فليكن، لأنها لم تقدم شيئاً.
> ماذا ستفعل في موسكو.. هل ستطالب بانعقاد مؤتمر السلام كما كان متفق عليه بعد أنابوليس؟
ـ سوف التقي مع المسؤولين في موسكو وأنا أرى ضرورة انعقاد هذا المؤتمر، ويجب أن نجتمع على مستوى العالم، ونحن كعرب، وكذلك نذكِّر بما اتُفق عليه في مؤتمر أنابوليس.. (يقولون) سوف نفعل، ونفعل، ولم يعملوا شيئا.. لابد أن نضع هذا على جدول أعمال مؤتمر موسكو.. هناك حديث بأنه حدث تقدم في المسار الفلسطيني الإسرائيلي، وهناك حديث آخر بعدم حدوث أي تقدم، والثابت أنه لم تتم إطلاقا كتابة أي شيء، ولا صياغة أي حرف.. إضافة إلى سياسة الاستيطان.. طالما إن إسرائيل تبني مستوطنات، وتعلن عنها بكل تبجح، كيف نبني السلام.. أي حتى نقيم الدولة الفلسطينية.. إذن الموقف الإسرائيلي موقف متراجع بموضوع السلام والسؤال: ما هو العمل، وهذه مسؤولية الدول العربية، وليست مسؤولية فرد، أو دولة، وإنما الجميع.. وباعتبار أن هذا الموضوع يمس السلام العالمي إذن هو مسؤولية العالم أيضا؛ لذلك أقول إن اجتماعاً دولياً للمتابعة أمر لابد منه.
> يتردد وجود أفكار عربية (جديدة) تتعلق بعملية السلام؟
ـ لن أتحدث في هذا الموضوع قبل أن ينعقد مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية.
> أثار الاتفاق الأميركي العراقي (ببقاء القوات الأميركية بالعراق لمدة طويلة قادمة) خلافا واسعا في العراق.. ألا ترى أهمية لعرضه على الجامعة العربية أولا؟
ـ نحن لا نطلب من دولة عربية أن تعرض علينا ما تتخذه من قرارات، وإنما نحن نتابع هذا الموضوع لحساسيته وخطورته البالغة على وضع العراق ومستقبله وعلى سيادة العراق.. نحن نتابعه إنما لسنا في موقع للاستفسار عن مضمونه. وبالمتابعة أرى أن هناك مقاومة عراقية شديدة لأية شروط تضع قيودا على السيادة العراقية لسنوات قادمة، بل من الآن، ولذلك نحن نتابع بدقة كل ما يجرى أو يقال حول هذا الموضوع.. وسوف نتحدث عن ذلك في حينه.
> ماذا عن موضوع الجزر الإماراتية والحوار مع إيران.. ما هي الصيغة المناسبة لحسم هذا الملف؟
ـ هي الصيغة ذاتها التي صدر بها قرار في قمة دمشق، وهي إيجاد حل عادل للمشكلة ومازلت أرى أنه يجب أن يكون هناك عمل سياسي سريع ومستمر للتعامل مع هذا الموضوع.
>وماذا عن حوار عربي إيراني؟
ـ هناك ضرورة لهذا الحوار وموقفي هو هذا وطالبت في مرات سابقة بحوار عربي إيراني.. المسألة ليست في جزر الإمارات فقط، وإنما تتعلق بالأمن الإقليمي وبالموقف من القضية الفلسطينية وأمور كثيرة جدا، وليس شرطاً أن تكون نقاط اختلاف.. قد تكون هناك نقاط اتفاق، ولذا يجب البدء في حوار كبير مع إيران.
> ماذا بشأن ملف استخدام دول عربية للطاقة النووية خاصة أن وفداً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجري زيارة لسورية هذا الشهر؟
ـ من حق الدول العربية امتلاك الطاقة النووية للاستخدام السلمي والعلمي.. طالبتُ بذلك منذ عامين، وهناك قرار من القمة العربية حول هذا الشأن ونحن ندفع ونؤيد الدول العربية في هذا.. يجب أن تُقدِم الدول العربية على الاستغلال السلمي للطاقة النووية، وهذا حقها طبقا للمعاهدة ولا يحتاج إلى إذن ولا تساؤلات، وإنما يحتاج إلى أموال تدفع ومفاعلات تعمل وطاقة تنتج والعلم النووي موجود للجميع، فلماذا يكون حكرا على دولة أو اثنتين أو خمسة أو ستة.. منع الانتشار هو منع انتشار الأسلحة النووية وفيما عدا ذلك غير مقبول أي قول. > المبعوث الأميركي للسودان يرى أن مشكلة منطقة أبيي بداية لعودة الحرب بين الشمال والجنوب؟ كيف ترى ذلك؟
ـ قرأتُ عن الاقتراب من الاتفاق لحل مشكلة ابيي من خلال التحكيم، ولا أدري إذا كان هناك تفاهم على هذا.. هي خطوة لتفاهم الطرفين على كيفية الحل..
> حيث أنكم شاركتم في قمة الفاو الأخيرة، ما هي النتائج العملية التي خرجت بها القمة حول الطاقة والغذاء؟
ـ أولا هذا الموضوع أصبح بنداً أساسياً، وربما له أولوية أكثر من غيره على الأجندة العالمية، لأنه يتصل بالصحة العامة، وبمشكلة السكان والثروة والزراعة، وهناك دول لابد من معاونتها فوريا.. كما إن هناك تغييراً مناخياً سيؤدي بدوره إلى تغيير في نوعية الزراعة والأرض وتضاريسها.. إضافة إلى أن خلافاً في الأولويات من حيث البيئة وتأثيرها وموضوع الطاقة والزراعة ثم موضوع الدعم المالي.. هنا كان دور الجامعة العربية، لأن رئيسة برنامج الغذاء العالمي جاءت إلى الجامعة العربية، وطلبت مساعدتها من الدول العربية لمعالجة هذه الأزمة المتصاعدة، وكان ذلك منذ عام.. والحقيقة أن المملكة العربية السعودية تبرعت بـ 500 مليون دولار، وهو ما يعادل حجم الفجوة المالية التي كان يعاني منها برنامج الغذاء العالمي، وبالتالي سد هذه الفجوة جاء من العرب أي من المملكة العربية السعودية، وهذا ذكر كثيرا، وأكدت أن المنظمة الدولية جاءت إلى الجامعة وقد وفت بالالتزام من خلال ما قامت به السعودية.. ثم إن هناك موضوع استخراج الطاقة.. كان طرحاً برازيلياً.. أي استخراج الطاقة من الحبوب والمنتجات الزراعية، وقدم الوزير البرازيلي توضيحا أشار فيه إلى أن بلاده تستخرج الطاقة من مخلفات القصب.. أي من قصب السكر وليس من الحبوب على الإطلاق.. وأن كل المساحة المزروعة قصب سكر في البرازيل لا تساوي 2 % ومنها 1% لقصب السكر و1 % لاستخدامات الطاقة.. كما دارت المناقشات حول كيفية مساعدة الدول النامية حتى لا تخسر اقتصاديا، وفي نفس الوقت تبقى على إنتاجها.. وكذلك الدول الأفريقية التي لديها مساحات زراعية شاسعة غير مستغلة والسؤال هو لماذا لا نضاعف هذا الاستغلال وفق خطة تستطيع أن تخدم المجموع وفي نفس الوقت لا توقف التطور العلمي وبالتالي كان لابد من مناقشة خطة عالمية حول التوازن بين الاستخدام الأمثل للمحاصيل الغذاء والطاقة.
> كيف ترون هذه الخطة العالمية؟
ـ لقد تحدث رئيس البنك الدولي عن خطة عالمية من عشر نقاط كما تحدث غيره، وكل ذلك يحتاج لدراسة.. ما يهمني هنا هو العالم العربي الذي يملك أراض شاسعة، ولكن معظمها صحارى، إنما يوجد بين دوله من لديه أراض خصبة جدا مثل السودان أو مثل برنامج توشكى في مصر.. وكذلك لدينا أراض يمكن زراعتها في شمال مصر على البحر الأبيض المتوسط والتي كانت في زمن الرومان حقل قمح كبيرا جدا. كل هذا يجب إعادة النظر فيه وإزالة الصعوبات والدعوة إلى الاستثمار الزراعي.. ويجب أن يكون لدينا في العالم العربي اكتفاء ذاتي من الغذاء، في إطار التكامل بين الدول واستغلال الأراضي الخصبة استغلالا استثماريا اقتصاديا وفق خطة تعود بالنفع على الدولة صاحبة الأرض، وبما أن أزمة الغذاء أصبحت بهذه الخطورة، فسوف تكون لها أولوية، وهذا سوف يعرض على القمة الاقتصادية التي ستعقد في الكويت.
> ما هي الخطة العربية المتاحة لمواجهة أزمة الغذاء؟
ـ أطلق مجلس وزراء الزراعة في جامعة الدول العربية في أبريل (نيسان) الماضي إعلان الرياض لتعزيز التعاون العربي لمواجهة أزمة الغذاء العالمية.. هذا الإعلان يتضمن مبادرة لإقامة برنامج عربي للأمن الغذائي العربي لمواجهة هذه الأزمة في المنطقة العربية وتهدف إلى تشجيع الاستثمار في المشروعات العربية الزراعية المشتركة من خلال برنامج قطري وقومي لتحقيق الأمن الغذائي العربي بتكاليف محددة للقطاعين العام والخاص ورجال الأعمال العرب مع التزام الدول بمنح امتيازات للاستثمار الزراعي.. وتبنى برنامجاً غذائياً عربياً لدعم الدول العربية الأكثر تضررا من نقص الغذاء وارتفاع أسعاره وتحديد آلية تنفيذه والإسراع بوضع التشريعات والقوانين التي تدعم التكامل الزراعي العربي.. وإطلاق برامج لتعبئة الطاقات والموارد وإعداد المشروعات التي تسهم في تحقيق أهداف التنمية الزراعية العربية لزيادة القدرة على توفير الغذاء الآمن.. إضافة إلى إعداد خطة عمل وبرنامج زمني محدد الآجال لتنسيق السياسات الزراعية في الدول العربية، ومطالبة الحكومات العربية بوضع الضوابط والتشريعات المقننة لاستخدام المحاصيل الزراعية والأعلاف في إنتاج الوقود الحيوي في البلدان العربية وتشجيع التوجه إلى إنتاج هذا الوقود من المخلفات الزراعية والغذائية.
> عمليا.. هل تبادر الجامعة العربية باتخاذ خطوات حول موضوع أزمة الغذاء مع الدول العربية قبل قمة الكويت الاقتصادية؟
ـ الأزمة عالمية وليست عربية.. نحن عندما نتحدث في العالم العربي يجب أن يكون هذا الحديث مرتبطا بالخطة العالمية وليس خارجا عنها، والعالم العربي على اتساعه هذا، من المحيط إلى الخليج، مرورا بأراض وجبال وحقول ووديان، يمكن أن يحقق الاكتفاء الذاتي والتصدير أيضا، كما يجب أن نكون جزءا من الخطة العالمية ولكن في إطار دور واضح للعرب بأنهم سوف ينفذون خطتهم التي تصب أيضا في خانة المصلحة العالمية، خاصة عندما نتحدث عن الاكتفاء أو التكامل الذاتي.. يجب أن تكون لدينا آمال وآفاق أوسع للتوازن واستخدام الطاقة من مخلفات الغذاء وليست على حسابه.