عناصر البيئة في القرآن الكريم
فاروق محمد أبو طعيمة *
جنسترا آفاق علمية
البيئة في اللغة اسم مشتق من الفعل الماضي باء وبوأ (1), وبوأ له منزلاً هيأه ومكن له فيه ،وتعني البيئة مكان الإقامة أو المنزل المحيط به (2)، وجاء في الوجيز , ما يحيط بالفرد أو المجتمع ويؤثر فيها (3)أما البيئة في الاصطلاح :فهي مجموعة النظم الطبيعية والاجتماعية التي يعيش فيها الإنسان والكائنات الأخرى و التي يستمدون منها زادهم ويؤدون فيها نشاطهم (4) وفي عام1972 عرفها مؤتمر ((ستوكهولم)) بأنها كل شيء يحيط بالإنسان (5) ، والبيئة أيضا الإطار الذي يحيا فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته ويمارس فيه علاقته مع بني البشر (6) في حين عرفها قانون البيئة المصري لسنة 1994 بالمحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية وما يحويه من مواد وما يحيط بها من هواء وماء وتربة وما يقيمه الإنسان من منشئات (7) أما ا التعريف الإسلامي للبيئة الذي يمكن استنباطه من القرآن الكريم (( كل ما يحيط بالإنسان من أرض وماء وهواء ومباني وحدائق وغابات , وما يعيش عليها من حيوان وزروع وأشجار ))
البيئة في القرآن الكريم
وردت اشتقاقات البيئة في القران الكريم في عدة سور كريمة ففي سورة الأعراف (( وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ))(74)، وفي سورة يونس ( (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)) (87( ، وفي نفس السورة ((وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)) آية/ 93
الماء في القرآن الكريم
يعتبر الماء العنصر الأول من عناصر النظام البيئي في القرآن الكريم ولأهمية هذا العنصر للإنسان وسائر الكائنات , فقد ذكره القرآن الكريم بما يزيد عن أربعين مرة يقول تعالى في سورة الأنبياء ((أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)) آية / 30 و الماء الذي تتحدث عنه الآية الكريمة هو الماء النقي الذي يشتمل على المكونات الأساسية دون أية شوائب أو ملوثات تغير من خصائصه الكيميائية أو الغير الفيزيائية أو الحيوية ,ويتصف بخلق الكون أو الطعم أو الرائحة ( و تؤكد الآية التاسعة من سورة ((ق)) هذه الخصائص والصفات التي يتصف بها الماء ((وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ)) آية / 9 ، والناظر في كتاب الله العزيز يجد أن مصادر الماء الخمسة : الأمطار و الأنهار والبحار والعيون ولآبار الجوفية .
أما ماء المطر يقول تعالى في سورة الرعد((أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ)) آية 17 ، وفي سورة النحل ((هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ))آية / 10 ، أما الأنهار فقد جاء في سورة البقرة ((ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) آية / 74 ،وفي ذلك إشارة علمية لطيفة إلى منابع الأنهار التي تنبع معظمها من الجبال والهضاب فعلى سبيل المثال فنهر النيل ينبع من هضبة فكتوريا و الفرات من هضبة أرمينيا ودجلة من جبال طوروس والأمازون من جبال الآند في البيرو أما العيون فقد جاء في سورة يس ((وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ)) آية /34 ، ووردت لفظة البئر في سورة الحج ((فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ)) أية /45 ، أما الآبار الجوفية وما يسمى بالخزانات الجوفية جاء في سورة الزمر ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ))آية/21 وفي سورة الحجر ((وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ))آية /22 وفي سورتي الكهف والملك لفت القرآن الكريم أنظار المؤمنين إلى ظاهرة خطيرة وهي عدم استقرار المياه الجوفية , ففي سورة الكهف : ((أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا))أية / 41 ، وفي الملك ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ)) آية/ 30 يقول الأستاذ سيد قطب- رحمه الله – الماء الغور : الغائر الذاهب في الأرض لايقدرون عليه (9) ويذكر القرآن الكريم البحار في مواطن عديدة فيذكر صفاتها وأحيائها وللدلالة على أهميتها أستخدمها القرآن الكريم كوسيلة محسوسة للتعبير عن قدرته وعظمته سبحانه وتعالى جاء في سورة الكهف ((قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)) آية (109) ويتحدث القرآن الكريم في سورة النور عن صفات البحر وخصائصه()أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ))آية (40) ويذكر القرآن الكريم فوائد البحر وخاصة الملاحة ففي سورة البقرة((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )) آية (164) وما تزال هذه النعمة من أضخم النعم التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها على الإنسان فيسرت له أسباب الحياة والانتقال والرفاهية والكسب (10) ويعتبر البحر مصدرا رئيسيا للغذاء الصحي كما أشارت إليه سورة النحل ((وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) آية14 فنعمة البحر وأحيائه تلبي ضرورات الإنسان وأشواقه فمنه اللحم الطري من السمك وغيره من الطعام (11) والبحر مصدر هام للحلي والجواهر والمعادن الثمينة التي تلبي متطلبات الإنسان الاقتصادية والتنموية ((يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)) الرحمن آية 22 وفي سورة فاطر(وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) آية12، أما في سورة الروم يخبرنا القرآن الكريم عن خطر يتربص بالبحر وأحيائه يتمثل بالتلوث البحري يقول تعالى في سورة الروم((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) آية(41)
فاروق محمد أبو طعيمة *
جنسترا آفاق علمية
البيئة في اللغة اسم مشتق من الفعل الماضي باء وبوأ (1), وبوأ له منزلاً هيأه ومكن له فيه ،وتعني البيئة مكان الإقامة أو المنزل المحيط به (2)، وجاء في الوجيز , ما يحيط بالفرد أو المجتمع ويؤثر فيها (3)أما البيئة في الاصطلاح :فهي مجموعة النظم الطبيعية والاجتماعية التي يعيش فيها الإنسان والكائنات الأخرى و التي يستمدون منها زادهم ويؤدون فيها نشاطهم (4) وفي عام1972 عرفها مؤتمر ((ستوكهولم)) بأنها كل شيء يحيط بالإنسان (5) ، والبيئة أيضا الإطار الذي يحيا فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته ويمارس فيه علاقته مع بني البشر (6) في حين عرفها قانون البيئة المصري لسنة 1994 بالمحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية وما يحويه من مواد وما يحيط بها من هواء وماء وتربة وما يقيمه الإنسان من منشئات (7) أما ا التعريف الإسلامي للبيئة الذي يمكن استنباطه من القرآن الكريم (( كل ما يحيط بالإنسان من أرض وماء وهواء ومباني وحدائق وغابات , وما يعيش عليها من حيوان وزروع وأشجار ))
البيئة في القرآن الكريم
وردت اشتقاقات البيئة في القران الكريم في عدة سور كريمة ففي سورة الأعراف (( وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ))(74)، وفي سورة يونس ( (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)) (87( ، وفي نفس السورة ((وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)) آية/ 93
الماء في القرآن الكريم
يعتبر الماء العنصر الأول من عناصر النظام البيئي في القرآن الكريم ولأهمية هذا العنصر للإنسان وسائر الكائنات , فقد ذكره القرآن الكريم بما يزيد عن أربعين مرة يقول تعالى في سورة الأنبياء ((أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)) آية / 30 و الماء الذي تتحدث عنه الآية الكريمة هو الماء النقي الذي يشتمل على المكونات الأساسية دون أية شوائب أو ملوثات تغير من خصائصه الكيميائية أو الغير الفيزيائية أو الحيوية ,ويتصف بخلق الكون أو الطعم أو الرائحة ( و تؤكد الآية التاسعة من سورة ((ق)) هذه الخصائص والصفات التي يتصف بها الماء ((وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ)) آية / 9 ، والناظر في كتاب الله العزيز يجد أن مصادر الماء الخمسة : الأمطار و الأنهار والبحار والعيون ولآبار الجوفية .
أما ماء المطر يقول تعالى في سورة الرعد((أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ)) آية 17 ، وفي سورة النحل ((هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ))آية / 10 ، أما الأنهار فقد جاء في سورة البقرة ((ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) آية / 74 ،وفي ذلك إشارة علمية لطيفة إلى منابع الأنهار التي تنبع معظمها من الجبال والهضاب فعلى سبيل المثال فنهر النيل ينبع من هضبة فكتوريا و الفرات من هضبة أرمينيا ودجلة من جبال طوروس والأمازون من جبال الآند في البيرو أما العيون فقد جاء في سورة يس ((وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ)) آية /34 ، ووردت لفظة البئر في سورة الحج ((فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ)) أية /45 ، أما الآبار الجوفية وما يسمى بالخزانات الجوفية جاء في سورة الزمر ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ))آية/21 وفي سورة الحجر ((وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ))آية /22 وفي سورتي الكهف والملك لفت القرآن الكريم أنظار المؤمنين إلى ظاهرة خطيرة وهي عدم استقرار المياه الجوفية , ففي سورة الكهف : ((أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا))أية / 41 ، وفي الملك ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ)) آية/ 30 يقول الأستاذ سيد قطب- رحمه الله – الماء الغور : الغائر الذاهب في الأرض لايقدرون عليه (9) ويذكر القرآن الكريم البحار في مواطن عديدة فيذكر صفاتها وأحيائها وللدلالة على أهميتها أستخدمها القرآن الكريم كوسيلة محسوسة للتعبير عن قدرته وعظمته سبحانه وتعالى جاء في سورة الكهف ((قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)) آية (109) ويتحدث القرآن الكريم في سورة النور عن صفات البحر وخصائصه()أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ))آية (40) ويذكر القرآن الكريم فوائد البحر وخاصة الملاحة ففي سورة البقرة((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )) آية (164) وما تزال هذه النعمة من أضخم النعم التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها على الإنسان فيسرت له أسباب الحياة والانتقال والرفاهية والكسب (10) ويعتبر البحر مصدرا رئيسيا للغذاء الصحي كما أشارت إليه سورة النحل ((وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) آية14 فنعمة البحر وأحيائه تلبي ضرورات الإنسان وأشواقه فمنه اللحم الطري من السمك وغيره من الطعام (11) والبحر مصدر هام للحلي والجواهر والمعادن الثمينة التي تلبي متطلبات الإنسان الاقتصادية والتنموية ((يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)) الرحمن آية 22 وفي سورة فاطر(وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) آية12، أما في سورة الروم يخبرنا القرآن الكريم عن خطر يتربص بالبحر وأحيائه يتمثل بالتلوث البحري يقول تعالى في سورة الروم((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) آية(41)