المسجد الحرام والكعبة المشرفة
أول بيت وضع للناس وقبلة إبراهيم أبي الأنبياء وقبلة المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين" (آل عمران: 96) المسجد الحرام، يقع في قلب مكة المكرمة، ويتوسطه الكعبة المشرفة قبلة المسلمين أينما كانوا.. وشعائر الله الأخرى التي يقوم بها الناس في الحج والعمرة إنما هي في قلب الحرم المكي.. أرض الله الحرام وكلها مقدسة، إذا دخلها الإنسان كان آمناً..
وهو بيت الله الذي فرض الله الحج إليه لمن استطاع إليه سبيلا.. وتقع مدينة مكة المكرمة غرب المملكة العربية السعودية في أرض محاطة بالجبال من جميع الجهات، ولا يوجد لها سوى أربع مداخل هي المدخل الشمالي الشرقي، ويفضي إلى وادي (منى)، والمدخل الشمالي الغربي ويفضي إلى وادي فاطمة، والمدخل الجنوبي ويؤدي إلى اليمن، والمدخل الغربي ويؤدي إلى سيناء جدة، ولمدينة مكة المكرمة ستة عشر اسما ورد منها أربعة في القرآن الكريم منها مكة
كما في سورة الفتح "وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم"وكذلك وردت بصيغة بكة، كما في الآية "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدىً للعالمين" ووردت باسم أم القرى في سورة الأنعام "وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق لما بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها"، كما وردت باسم البلد الأمين كما في سورة التين "والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين"
عمارة الكعبة المشرفة.. عبر الزمان
الكعبة المشرفة هي أصل مدينة مكة المكرمة، وتقع في وسط المسجد الحرام، ثم نشأت حول البيت الحرم مدينة مكة المكرمة التي صارت موطن قبيلة قريش وذرية إسماعيل عليه السلام، كما تقع الكعبة المشرفة في مركز الكرة الأرضية، ويعلوها في السماوات العلى البيت المعمور الذي تطوف حوله الملائكة، ويقال إن الملائكة هم الذين قاموا ببناء الكعبة قبل خلق الإنسان بعد أن أذن لهم الله تعالى بذلك.. وظلت مندثرة فترة من الزمن تحت الرمال، حتى عين الله (سبحانه وتعالى) موقع البيت لسيدنا إبراهيم عليه السلام وساعده في عمارتها سيدنا إسماعيل عليه السلام، وكان ذلك منذ قرابة أربعة آلاف عام،
وبناء سيدنا إبراهيم يعتبر البناء الثاني للكعبة المشرفة حيث ورد بالقرآن الكريم أن سيدنا إبراهيم وابنه سيدنا إسماعيل رفعا قواعد البيت مما يدل على أنه كان موجودًا من قبل ذلك، وهو البناء الذي شيده الملائكة المكرمون؛ ويصف أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي الكعبة التي بناها إبراهيم عليه السلام بأنها كانت بناء ذا جوانب أربعة ارتفاعها تسعة أذرع وكان بابها إلى الأرض، وجعل سيدنا إبراهيم عليه السلام في جدارها حجرا أسود علامة على بداية الطواف حولها ثم أمر الله تعالى نبيه إبراهيم عليه السلام بأن يؤذن في الناس بالحج، وقد أسمع الله تعالى جميع خلقه هذا النداء..
وتفضل الله سبحانه وتعالى فجعل هذا البيت حرماً طاهراً آمناً يلجأ إليه الناس ويأمنون فيه على أنفسهم. وقد أسمت العرب الكعبة المشرفة بعدة أسماء منها البيت الحرام، والبيت المحرم، البيت العتيق، وأصبحت الكعبة بعد السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة قبلة المسلمين، يتجهون إليها في صلاتهم.
أهم الأماكن في الكعبة المشرفة
يوجد بالمسجد الحرام وحول الكعبة أجزاء هامة، منها:
المطاف: وهو البقعة التي تحيط بالكعبة، وهو مكسو بالرخام، ويبدأ الطواف من الحجر الأسود، فإن استطاع أن يقبله فعل، أو يلمسه أو يشير إليه، ثم يجعل الكعبة على يساره ويمضي ويطوف سبعة أشواط حول الكعبة.
الحجر الأسود: وموقعه بالركن الجنوبي الشرقي من الكعبة، وأهمية الحجر الأسود، أنه من وضع سيدنا إبراهيم (عليه السلام) جعله بالكعبة ليبدأ الحجاج الطواف من عنده فلا يحدث تقابل أو اضطراب، وقد اختلف العلماء والمؤرخون حول حقيقة الحجر الأسود، فنقل النويري عن ابن عباس قوله: ليس في الأرض من الجنة إلا الركن الأسود فإنه جوهرة من جواهر الجنة، ومن التقاليد العامة بين المسلمين أن هذا الحجر المقدس أصله من الجنة وكان لونه أبيض، فاسود نتيجة ارتكاب أهل الأرض للمعاصي والآثام، وعلى كل أن من يعرف معنى العبادة يقطع بأن المسلين لا يعبدون الحجر الأسود ولا الكعبة، ولكن يعبدون الله تعالى باتباع تعاليم شرعه، وقد قال سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) "والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك".
الشاذروان: وهو جدار يلاصق جدار الكعبة مكسي بالرخام ارتفاعه حوالي 50 سم، وأصل الشاذروان هو الأرض التي أنقصتها قريش من عرض جدار أساس الكعبة حين أعيد بناؤها وقت قصي بن كلاب.
الملتزم: وهو مكان يقع بين الحجر الأسود وباب الكعبة ويسمى بالملتزم لأن الحاج يلتزم هذا المكان للدعاء فيه، وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يدعو منه.
مقام إبراهيم: وهو مكان الحجر الذي قام عليه سيدنا إبراهيم عند بنائه للكعبة وصلى فيه، وقد ورد في القرآن الكريم "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" ويقع إلى جهة الشرق من الكعبة وقد قام الخليفة المهدي العباسي بإحاطته بحليات ذهبية.
كسوة الكعبة: فقد كانت مصر تقوم بعمل كسوة الكعبة المشرفة سنوياً وتخرج في موكب مهيب يعرف بالمحمل، ويخرج مع المحمل البعثة الرسمية التي تتولى إزالة الكسوة القديمة ووضع الكسوة الجديدة ولهذا أنشأت مصر داراً لكسوة الكعبة المشرفة في حي "الحرنفش" بالقاهرة، كما كانت تقوم بعمل كسوة للحجرة النبوية بالمدينة المنورة وستارة لباب الكعبة وكسوة لمقام إبراهيم عليه السلام وكيس من الديباج لمفتاح باب الكعبة، ومنذ أن تحسنت أحوال المملكة العربية السعودية المالية، أخذت على عاتقها العناية بالحرمين الشريفين وعمارتها وكسوتها وتجديد الأثاث فيهما، وشق الطرق المؤدية إليهما في مكة والمدينة والمشاعر المقدسة، وأنشأت مؤسسة لعمل كل ما يلزم الحرمين الشريفين
المسجد الحرام حالياً
يتكون المسجد الحرام من مساحة مستطيلة 192×132 متراً أي بمساحة إجمالية قدرها 25344 متراً، ويتوسط هذه المساحة الكعبة المشرفة ويحيط به من الجهات الأربع ظلات بها أروقة مغطاة بقباب ضحلة مقامة على مثلثات كروية محمولة بدورها على عقود وأكتاف من الحجر ونتيجة لتزايد أعداد المسلمين الوافدين لأداء فريضة الحج ـ وتجديد مباني الحرم كله ليصبح على الشكل الذي نراه اليوم ـ أمر الملك عبد العزيز آل سعود فوسعت ساحته وفي عام 1377 هـ - 1958 م أمر الملك سعود بن عبد العزيز بتجديد مباني الحرم الشريف بإشراف ولي العهد فيصل بن عبد العزيز كما قام الملك فهد بن عبد العزيز بدور كبير لزيادة مساحة الحرم المكي وتجديده ليصل عدد المصلين به الآن لأكثر من 2 مليون مصلي ويحيط بالحرم شارع عرضه ثلاثون متراً وهو من مظاهر تعظيم الكعبة المشرفة وللمسجد الحرام 25 باباً في الإجمالي، منها ثمانية في الشمال وسبعة في الجنوب وخمسة في الشرق وخمسة في الغرب.