الانتماء والالتزام تم إعداد هذه المحاضرة من قبل مدرسة الشهيد ماجد أبوشرار لإعداد
الكوادر في التوجيه السياسي والوطني في فلسطين -رام الله ، والمادة تبرز في طبعتها الثالثة معدلة ومزيدة في 13/2/2003 .
حقوق الطبع والنشر محفوظة لمدرسة الشهيد ماجد أبوشرار لإعداد
الكوادر ، ويمكن الاستفادة من هذه المادة شريطة ذكر المصدر .
الانتماء والالتزام *
المحتويات
1- مقدمة.
2- تعريف الانتماء والولاء.
3- درجات الانتماء والولاء.
4- الانتماء والإدارة
5- العوامل المؤثرة في الانتماء والولاء
أ- الموهبة والمهارة
ب_ الأنانية الفردية والإيثار.
ج _الإحساس ودافع السلوك الإنساني.
د _الدوافع الاجتماعية.
هـ _القيم والنسبية.
6- العقيدة الدينية والانتماء الوطني.
7- ماذا يعني الانتماء للوطن ؟
8- الانتماء والولاء الثوري.
9- لمن الولاء لمن الانتماء.
10- تعميق الانتماء
11- معنى الالتزام.
12- أشكال الالتزام.
13- تحقيق الانضباط والالتزام .
14- هوامش .
مقدمة:
لا يقوم التنظيم (المنظمة) إلا بانتماء العناصر (الأفراد) إليه
والانتماء يكون أساسا لجماعة أو تنظيم أو للمجتمع . ان تشكل المجتمع يتم
بانتماء الأفراد و المجموعات المختلفة إليه. ومن هنا نرى ترابط مفهومي
(المجتمع) أو (التنظيم) والولاء والانتماء. في البداية يمكننا ان نعرف
الانتماء بأنه الانتساب (الاشتراك) للمجموع أو للجماعة - ونقصد بالجماعة
تحديدا اثنين أو أكثر بينهما تفاعل اجتماعي مما يعني أن الأسرة والنادي
والطائفة والتنظيم السياسي والشركة والمجتمع والجهاز ...الخ كلها جماعات
منها الأولية التي يتم الانتماء إليها قسرا( الأسرة والحي والمدرسة...)
ومنها ما يتم الانتماء إليه طوعا - والاندماج بعلاقات معينة معهم وممارسة
العمل من خلال ذلك . أما الولاء فهو النصرة والإعزاز للفكرة أو الهدف أو
الجماعة وفي الولاء يقول الشاعر حسان بن ثابت : ألا أبلغ خزاعيا رسولا فإن
الغدر ينقصه الولاء ، ويقول فيه ابن التعاويذي : صدقي لكم في الولاء يا آل
عباس ليوم الجزاء مدخر ، ويقول فيه صفي الدين الحلي : لذاك أحجم عن مدحي
فيبعثني صدق الولاء وإني فيك معتقد .
الانتماء إلى أي تنظيم يعني بوضوح وبساطة انه انتماء إلى الفكر
والبرنامج الذي يقوم عليه ذاك التنظيم، وكذلك إلى الأهداف التي يسعى إلى
تحقيقها. وهو يعني بشكل بديهي ان العضو الذي يتصف بالانتماء، لابد وان
يكون على درجة من الوعي تمكنه من فهم فكر التنظيم وبرنامجه، وتبني
أهدافه عن إيمان واقتناع، وانحياز كامل لهذه الأهداف التي تمثل في واقع
الأمر أهداف الشعب ومصلحة المجموع. ولا أدل على هذا الانتماء، من ممارسة
دائمة ويومية تعكس الالتزام بفكر التنظيم وبرنامجه، وبالسعي لتحقيق
أهدافه وغاياته من خلال المشاركة في مجمل النشاطات وتنفيذ المهمات
التنظيمية المحددة، وأيضا بالمبادرة الفردية وممارسة النقد والنقد
الذاتي بهدف إثراء الجهد الجماعي للتنظيم وضبط المسار والاسهام في تنقية
التنظيم وتخليصه من السلبيات والشوائب. والمنتمي لا بد له من ان يجسد في
كل سلوك له، احترامه البالغ للجماهير، وان يعيش بينها متحسساً مشاعرها،
ومستلهماً تطلعاتها، ومعتبراً إنها القاعدة العريضة لتنظيمه، وصاحبة
القضية التي يتبناها ذلك التنظيم.
وعلى المنتمي لحركة ( فتح ) على سبيل المثال : ان يتمسك بكل حزم
بقواعد المسلكية الثورية في المجالات كافة، مدركاً ان أي تصرف وسلوك يصدر
عنه انما ينعكس ايجاباً أو سلباً على الحركة، التي هي بحاجة اليوم
لتخليصها من الشوائب حتى تظل حركة طليعية وقائدة ورائدة. وعليه ان يسعى
بدأب للحفاظ على الوحدة التنظيمية والفكرية للحركة، وان يتصدى لأي تكتلات
، وان يضرب دائماً المثل في التفاني والشجاعة والتضحية والإخلاص والصبر
والمثابرة ونكران الذات. وان يعمل بروح أخوية وجماعية نابذاً كل الأساليب
الفردية والمزاجية، وان يحترم التسلسل التنظيمي وقرارات اللجان الأعلى
مرتبة. وان يخدم الشعب بكل أمانة واخلاص، وان يلجأ إلى معالجة المشاكل من
أي نوع بهدوء أعصاب، وتركيز التجارب التي تساعد على حل المشاكل
المستقبلية، والتعود على وضع حلول مسبقة للمشاكل المتوقعة عبر مسيرة
العمل والممارسة النضالية.
وعليه وهو ينطلق بممارسة تنسجم مع الأهداف التي تنطلق من مصلحة
الجماهير، ان يساعد هذه الجماهير على التحرك الفاعل للعمل على خلق حياة
سعيدة. ولارشادها في نضالاتها إلى الطريق الصحيح. دون ان يظن بأنه البديل
عنها أو المعلم لها، وانما باعتباره جزءاً منها. يتعلم منها ويتحسس
آمالها وآلامها.
تعريف الانتماء والولاء:
الولاء هو المحبة والصداقة أو القرب والنصرة والإخلاص ، بينما
الانتماء هو الانتساب والاعتزاز ، أو أن يكون الإنسان بوعي وإدراك جزء من كل
، جزء مما هو أكبر وأعظم وأكثر أهمية ، أن يكون منتسبا أو مشتركا في
مدخل غير ذاته ، والإنسان بطبعه منتمي لجماعات وتنظيمات عدة وللمجتمع ككل
فابن تنظيم حركة ( فتح ) على سبيل المثال في إقليم ما منتمٍ بالضرورة
لعائلته ولمجموعة أصدقائه، ومنتمٍ لنادي رياضي أو نادي ثقافي كما هو منتمٍ
لاتحاد الطلاب أو اتحاد العمال في البلد التي يقطنها وفي نفس الوقت لفرع
الاتحاد الفلسطيني وقد يكون من المهتمين بالبيئة أو الحفاظ على التراث أو
من أنصار حركة حقوق الانسان أو من مؤيدي مكافحة السرطان فينتمي إلى أي من
هذه الجمعيات (التنظيمات) ، فتتعدد الانتماءات وتختلف درجاتها وتبعا له
تتعدد الولاءات وتختلف درجاتها وقد يكون الانتماء قسريا بالولادة كالانتماء
للعائلة والإقليم والبلد و طوعيا كالانتماء للتنظيم السياسي أو لتنظيم
اجتماعي أو رياضي أو ثقافي أو لأي من جماعات المصالح المختلفة ، وكما
الانتماء ينمو ويتطور فهو انتقائي ما دام طوعي، كل يختار الجماعة أو
التنظيم الذي يرغب بالانتماء إليه ويتفق مع ميوله ورغباته وقدراته
وإمكانياته وما يلبي حاجاته الاجتماعية والنفسية.
والانتماء ان كان ماديا بالوجود ضمن جماعة أو جماعات محددة فالولاء
حالة نفسية وعاطفية تعني للشخص المنتمي الحب والنصرة والالتزام، ولا يتأتى
الانتماء والولاء والالتزام إلا تلبية لحاجة نفسية في هرم ماسلو للحاجات أو
لتحقيق حاجات في الهرم دنيا يتوقف تلبيتها على هذا الانتماء.
الانتماء أيضا هو اعتقاد الانسان (بوعي) واحساسه انه جزء من شعب أو
مبدأ أو وجهة نظر. والانتماء من طبائع الانسان، فكما ان المادة لا تفنى
وانما تتحول من حال إلى حال أو إلى طاقة، فانتماء الانسان لا ينعدم وانما
يتحول من جهة إلى جهة أخرى. والشعور بالأمن (باعتباره من حاجات الانسان
الأساسية) هو حافز أساسي للانتماء. أما الالتزام فهو ضريبة أو ثمن يدفعه
الانسان ليحتفظ بانتمائه.
الانسان ينتمي لاهله (من أسرته إلى قومه مرورا بقبيلته أو مدينته)
وينتمي لطبقته، وينتمي لدينه مرورا بطائفته، وينتمي لحزبه أو تنظيمه،
وينتمي لجمعيته أو أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، وينتمي لعمله
المتفرغ له، وينتمي لهوايته.
قد يكون هنالك أحيانا تناقض بين جهات الانتماء هذه، وقد يكون بينها
توافق وتكامل ويتساوق الالتزام والاستقرار مع هذا التوافق والتكامل، أما
في حالة التناقض فسيضعف انتماؤه لجهة على حساب جهة أخرى، فينحاز للجهات
التي توفر له الأمان الأكبر . وفي الانتماء للوطن والمحبوب يقول امرؤ القيس
قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزلِ/بسقط اللِّوى ( الرمل المتموج) بين الدّخول
(مكان) فحَومل (مكان) . ويقول طرفة بن العبد : لخولةَ أطلالٌ ببُرقةِ ( مكان
به حجارة وحصى) ثهمد/ تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد . وفي الانتماء للأرض
والوطن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم أحد جبل يحبنا ونحبه ويقول جرير :
يا حبذا جبل الريان من جبل/وحبذا ساكن الريان من كانا .
درجات الانتماء والولاء:
هناك درجات للانتماء والولاء ..... وهناك حد أدنى لعملية الانتماء
والولاء، فالفرد منا يكون منتميا لفكرة أو مجموعة في مرحلة من مراحل
حياته ولكن يتطور هذا الانتماء والولاء إلى درجة أعلى عندما يرتقي أو
عندما يكبر في العمر أو عندما ينضج تفكيره، بحيث تصبح عنده الرؤيا افضل
و أوضح، ويصبح الانتماء والولاء بشكل اشمل وأعم، وتصبح عنده نسبة الانتماء
والولاء بشكل أوسع مما كانت عليه في الصغر أو السابق.
وعلى هذا الأساس فإن هرم أو درج أو سلَّم ماسلو للحاجات الإنسانية أو
سلم الأولويات وهو نظرية للعالم أبراهام ماسلو تتعرض لاحتياجات الفرد
بالترتيب والتدريج أي حسب الدرجة والإشباع و الذي منه الانتماء والولاء
يظهر في السلم بعد الحاجات الفسيولوجية وحاجات الأمن والأمان .
إن الانسان العادي لا بد أولا من ان يشبع حاجاته فسيلوجيا من أكل
وشراب ودفء وإخراج وملبس.....، بمعنى أن الحاجات الأساسية هي أول شيء
تكون مطلوبة للإنسان، ويكون انتماؤه وولاؤه لها أو لمن يوفرها، لانه بحاجة
لان يشبع هذه الحاجيات الأساسية كي يستمر في العيش والبقاء ، ومن خلال هذا
الانتماء يحاول ان يؤكد وجوده وذاته ، ووجود ذاته يبرز من خلال مجموعة
ينتمي إليها، هنا لا يكون فردا لوحده
ان الفرد منا عندما يكون صغيرا يحاول ان يكون لوحده فقط.....
وكلما كبر الانسان فان عملية الانتماء تتطور عنده فيصبح "فلان".... ابن
حركة فتح ، فلان ابن الجامعة.. فلان ابن قرية كذا ، علان إبن الجهاز الفلاني
، أو فلنتان ابن الشبيبة .....الخ ،عملية الانتماء هنا تكون للمجتمع الذي
يعيش فيه ، وهي التي تتطور، فكلما كبر الانسان منا كلما كبرت حاجته إلى
انتمائه لمجتمعه ( وللجماعات أو التنظيمات في مجتمعه ، وبعد الثورة
المعلواتصالية للانتماء لمجموعات المصالح والهوايات والاحتياجات المتشابهة
في كل مكان عبر جماعات ومجتمعات ونوادي الشبكة العنكبوتية –الإنترنت )
وفي الوقت نفسه يكبر نضجه ويكبر نسبة فهمه لكل هذه الأمور، وبالتالي
تتسع حتى تشمل في مرحلة متقدمة من العمر نسبة اكبر من 50، 60، 70، %
وهكذا تتدرج إلى ان يصبح هناك نوع من الانتماء الكامل نسبيا .
ان الكثير من الاعتماد داخل عالمنا ينطلق من الوسيلة ، فلو أخذنا
مثلا لذلك الطفل .... الطفل يعتمد اعتمادا كليا في بداية حياته على أمه ،
وبالتالي يكون حبه لوالدته وحبه لمجتمع الوالدة الذي يكون موجودا فيه ،
فهو ينتمي إلى هذا المجتمع من خلال موقف أمه في إعطائه الأكل والشراب
والملبس والدفء والحنان والإخراج واللمس ( وسيلته إلى العالم) ، وبالتالي
مساعدة هذا الطفل في الحياة والبقاء والنمو ومساعدته في استمراره في
منهجية عمله الاجتماعي ، عندما يكبر هذا الطفل ويصل إلى مرحلة البلوغ و
الشباب، يبطل اعتماده عليها من خلال الحاجة للعناية ( فيقل انتماؤه لها
ذاك المرتبط بالوسيلة)، ويصبح يحبها بشكل آخر و يقدرها ويحترمها
وبالتالي ينتمي إليها ولا يستغني عن وجودها مع انه استغنى عن حاجاته
الفسيولوجية منها، بمعنى آخر: كان في الأول يرضع منها، تلبسه، تطعمه،
تسقيه وتطل به على الحياة، ولما كبر أصبحت هذه الحاجات غير أساسية له
منها وانتقلت لمؤسسات أخرى في المجتمع يتعامل معها لوحده ، وبالتالي
اصبح الأساس في عملية وجود الوالدة مع وجوده هو، وجود نوع من الإحساس
بالشعور بالانتماء إلى الأم التي أنجبته والتي ربته وبالتالي تصبح عملية
اجتماعية اكثر منها عملية اعتماد فسيولوجي .
الكوادر في التوجيه السياسي والوطني في فلسطين -رام الله ، والمادة تبرز في طبعتها الثالثة معدلة ومزيدة في 13/2/2003 .
حقوق الطبع والنشر محفوظة لمدرسة الشهيد ماجد أبوشرار لإعداد
الكوادر ، ويمكن الاستفادة من هذه المادة شريطة ذكر المصدر .
الانتماء والالتزام *
المحتويات
1- مقدمة.
2- تعريف الانتماء والولاء.
3- درجات الانتماء والولاء.
4- الانتماء والإدارة
5- العوامل المؤثرة في الانتماء والولاء
أ- الموهبة والمهارة
ب_ الأنانية الفردية والإيثار.
ج _الإحساس ودافع السلوك الإنساني.
د _الدوافع الاجتماعية.
هـ _القيم والنسبية.
6- العقيدة الدينية والانتماء الوطني.
7- ماذا يعني الانتماء للوطن ؟
8- الانتماء والولاء الثوري.
9- لمن الولاء لمن الانتماء.
10- تعميق الانتماء
11- معنى الالتزام.
12- أشكال الالتزام.
13- تحقيق الانضباط والالتزام .
14- هوامش .
مقدمة:
لا يقوم التنظيم (المنظمة) إلا بانتماء العناصر (الأفراد) إليه
والانتماء يكون أساسا لجماعة أو تنظيم أو للمجتمع . ان تشكل المجتمع يتم
بانتماء الأفراد و المجموعات المختلفة إليه. ومن هنا نرى ترابط مفهومي
(المجتمع) أو (التنظيم) والولاء والانتماء. في البداية يمكننا ان نعرف
الانتماء بأنه الانتساب (الاشتراك) للمجموع أو للجماعة - ونقصد بالجماعة
تحديدا اثنين أو أكثر بينهما تفاعل اجتماعي مما يعني أن الأسرة والنادي
والطائفة والتنظيم السياسي والشركة والمجتمع والجهاز ...الخ كلها جماعات
منها الأولية التي يتم الانتماء إليها قسرا( الأسرة والحي والمدرسة...)
ومنها ما يتم الانتماء إليه طوعا - والاندماج بعلاقات معينة معهم وممارسة
العمل من خلال ذلك . أما الولاء فهو النصرة والإعزاز للفكرة أو الهدف أو
الجماعة وفي الولاء يقول الشاعر حسان بن ثابت : ألا أبلغ خزاعيا رسولا فإن
الغدر ينقصه الولاء ، ويقول فيه ابن التعاويذي : صدقي لكم في الولاء يا آل
عباس ليوم الجزاء مدخر ، ويقول فيه صفي الدين الحلي : لذاك أحجم عن مدحي
فيبعثني صدق الولاء وإني فيك معتقد .
الانتماء إلى أي تنظيم يعني بوضوح وبساطة انه انتماء إلى الفكر
والبرنامج الذي يقوم عليه ذاك التنظيم، وكذلك إلى الأهداف التي يسعى إلى
تحقيقها. وهو يعني بشكل بديهي ان العضو الذي يتصف بالانتماء، لابد وان
يكون على درجة من الوعي تمكنه من فهم فكر التنظيم وبرنامجه، وتبني
أهدافه عن إيمان واقتناع، وانحياز كامل لهذه الأهداف التي تمثل في واقع
الأمر أهداف الشعب ومصلحة المجموع. ولا أدل على هذا الانتماء، من ممارسة
دائمة ويومية تعكس الالتزام بفكر التنظيم وبرنامجه، وبالسعي لتحقيق
أهدافه وغاياته من خلال المشاركة في مجمل النشاطات وتنفيذ المهمات
التنظيمية المحددة، وأيضا بالمبادرة الفردية وممارسة النقد والنقد
الذاتي بهدف إثراء الجهد الجماعي للتنظيم وضبط المسار والاسهام في تنقية
التنظيم وتخليصه من السلبيات والشوائب. والمنتمي لا بد له من ان يجسد في
كل سلوك له، احترامه البالغ للجماهير، وان يعيش بينها متحسساً مشاعرها،
ومستلهماً تطلعاتها، ومعتبراً إنها القاعدة العريضة لتنظيمه، وصاحبة
القضية التي يتبناها ذلك التنظيم.
وعلى المنتمي لحركة ( فتح ) على سبيل المثال : ان يتمسك بكل حزم
بقواعد المسلكية الثورية في المجالات كافة، مدركاً ان أي تصرف وسلوك يصدر
عنه انما ينعكس ايجاباً أو سلباً على الحركة، التي هي بحاجة اليوم
لتخليصها من الشوائب حتى تظل حركة طليعية وقائدة ورائدة. وعليه ان يسعى
بدأب للحفاظ على الوحدة التنظيمية والفكرية للحركة، وان يتصدى لأي تكتلات
، وان يضرب دائماً المثل في التفاني والشجاعة والتضحية والإخلاص والصبر
والمثابرة ونكران الذات. وان يعمل بروح أخوية وجماعية نابذاً كل الأساليب
الفردية والمزاجية، وان يحترم التسلسل التنظيمي وقرارات اللجان الأعلى
مرتبة. وان يخدم الشعب بكل أمانة واخلاص، وان يلجأ إلى معالجة المشاكل من
أي نوع بهدوء أعصاب، وتركيز التجارب التي تساعد على حل المشاكل
المستقبلية، والتعود على وضع حلول مسبقة للمشاكل المتوقعة عبر مسيرة
العمل والممارسة النضالية.
وعليه وهو ينطلق بممارسة تنسجم مع الأهداف التي تنطلق من مصلحة
الجماهير، ان يساعد هذه الجماهير على التحرك الفاعل للعمل على خلق حياة
سعيدة. ولارشادها في نضالاتها إلى الطريق الصحيح. دون ان يظن بأنه البديل
عنها أو المعلم لها، وانما باعتباره جزءاً منها. يتعلم منها ويتحسس
آمالها وآلامها.
تعريف الانتماء والولاء:
الولاء هو المحبة والصداقة أو القرب والنصرة والإخلاص ، بينما
الانتماء هو الانتساب والاعتزاز ، أو أن يكون الإنسان بوعي وإدراك جزء من كل
، جزء مما هو أكبر وأعظم وأكثر أهمية ، أن يكون منتسبا أو مشتركا في
مدخل غير ذاته ، والإنسان بطبعه منتمي لجماعات وتنظيمات عدة وللمجتمع ككل
فابن تنظيم حركة ( فتح ) على سبيل المثال في إقليم ما منتمٍ بالضرورة
لعائلته ولمجموعة أصدقائه، ومنتمٍ لنادي رياضي أو نادي ثقافي كما هو منتمٍ
لاتحاد الطلاب أو اتحاد العمال في البلد التي يقطنها وفي نفس الوقت لفرع
الاتحاد الفلسطيني وقد يكون من المهتمين بالبيئة أو الحفاظ على التراث أو
من أنصار حركة حقوق الانسان أو من مؤيدي مكافحة السرطان فينتمي إلى أي من
هذه الجمعيات (التنظيمات) ، فتتعدد الانتماءات وتختلف درجاتها وتبعا له
تتعدد الولاءات وتختلف درجاتها وقد يكون الانتماء قسريا بالولادة كالانتماء
للعائلة والإقليم والبلد و طوعيا كالانتماء للتنظيم السياسي أو لتنظيم
اجتماعي أو رياضي أو ثقافي أو لأي من جماعات المصالح المختلفة ، وكما
الانتماء ينمو ويتطور فهو انتقائي ما دام طوعي، كل يختار الجماعة أو
التنظيم الذي يرغب بالانتماء إليه ويتفق مع ميوله ورغباته وقدراته
وإمكانياته وما يلبي حاجاته الاجتماعية والنفسية.
والانتماء ان كان ماديا بالوجود ضمن جماعة أو جماعات محددة فالولاء
حالة نفسية وعاطفية تعني للشخص المنتمي الحب والنصرة والالتزام، ولا يتأتى
الانتماء والولاء والالتزام إلا تلبية لحاجة نفسية في هرم ماسلو للحاجات أو
لتحقيق حاجات في الهرم دنيا يتوقف تلبيتها على هذا الانتماء.
الانتماء أيضا هو اعتقاد الانسان (بوعي) واحساسه انه جزء من شعب أو
مبدأ أو وجهة نظر. والانتماء من طبائع الانسان، فكما ان المادة لا تفنى
وانما تتحول من حال إلى حال أو إلى طاقة، فانتماء الانسان لا ينعدم وانما
يتحول من جهة إلى جهة أخرى. والشعور بالأمن (باعتباره من حاجات الانسان
الأساسية) هو حافز أساسي للانتماء. أما الالتزام فهو ضريبة أو ثمن يدفعه
الانسان ليحتفظ بانتمائه.
الانسان ينتمي لاهله (من أسرته إلى قومه مرورا بقبيلته أو مدينته)
وينتمي لطبقته، وينتمي لدينه مرورا بطائفته، وينتمي لحزبه أو تنظيمه،
وينتمي لجمعيته أو أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، وينتمي لعمله
المتفرغ له، وينتمي لهوايته.
قد يكون هنالك أحيانا تناقض بين جهات الانتماء هذه، وقد يكون بينها
توافق وتكامل ويتساوق الالتزام والاستقرار مع هذا التوافق والتكامل، أما
في حالة التناقض فسيضعف انتماؤه لجهة على حساب جهة أخرى، فينحاز للجهات
التي توفر له الأمان الأكبر . وفي الانتماء للوطن والمحبوب يقول امرؤ القيس
قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزلِ/بسقط اللِّوى ( الرمل المتموج) بين الدّخول
(مكان) فحَومل (مكان) . ويقول طرفة بن العبد : لخولةَ أطلالٌ ببُرقةِ ( مكان
به حجارة وحصى) ثهمد/ تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد . وفي الانتماء للأرض
والوطن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم أحد جبل يحبنا ونحبه ويقول جرير :
يا حبذا جبل الريان من جبل/وحبذا ساكن الريان من كانا .
درجات الانتماء والولاء:
هناك درجات للانتماء والولاء ..... وهناك حد أدنى لعملية الانتماء
والولاء، فالفرد منا يكون منتميا لفكرة أو مجموعة في مرحلة من مراحل
حياته ولكن يتطور هذا الانتماء والولاء إلى درجة أعلى عندما يرتقي أو
عندما يكبر في العمر أو عندما ينضج تفكيره، بحيث تصبح عنده الرؤيا افضل
و أوضح، ويصبح الانتماء والولاء بشكل اشمل وأعم، وتصبح عنده نسبة الانتماء
والولاء بشكل أوسع مما كانت عليه في الصغر أو السابق.
وعلى هذا الأساس فإن هرم أو درج أو سلَّم ماسلو للحاجات الإنسانية أو
سلم الأولويات وهو نظرية للعالم أبراهام ماسلو تتعرض لاحتياجات الفرد
بالترتيب والتدريج أي حسب الدرجة والإشباع و الذي منه الانتماء والولاء
يظهر في السلم بعد الحاجات الفسيولوجية وحاجات الأمن والأمان .
إن الانسان العادي لا بد أولا من ان يشبع حاجاته فسيلوجيا من أكل
وشراب ودفء وإخراج وملبس.....، بمعنى أن الحاجات الأساسية هي أول شيء
تكون مطلوبة للإنسان، ويكون انتماؤه وولاؤه لها أو لمن يوفرها، لانه بحاجة
لان يشبع هذه الحاجيات الأساسية كي يستمر في العيش والبقاء ، ومن خلال هذا
الانتماء يحاول ان يؤكد وجوده وذاته ، ووجود ذاته يبرز من خلال مجموعة
ينتمي إليها، هنا لا يكون فردا لوحده
ان الفرد منا عندما يكون صغيرا يحاول ان يكون لوحده فقط.....
وكلما كبر الانسان فان عملية الانتماء تتطور عنده فيصبح "فلان".... ابن
حركة فتح ، فلان ابن الجامعة.. فلان ابن قرية كذا ، علان إبن الجهاز الفلاني
، أو فلنتان ابن الشبيبة .....الخ ،عملية الانتماء هنا تكون للمجتمع الذي
يعيش فيه ، وهي التي تتطور، فكلما كبر الانسان منا كلما كبرت حاجته إلى
انتمائه لمجتمعه ( وللجماعات أو التنظيمات في مجتمعه ، وبعد الثورة
المعلواتصالية للانتماء لمجموعات المصالح والهوايات والاحتياجات المتشابهة
في كل مكان عبر جماعات ومجتمعات ونوادي الشبكة العنكبوتية –الإنترنت )
وفي الوقت نفسه يكبر نضجه ويكبر نسبة فهمه لكل هذه الأمور، وبالتالي
تتسع حتى تشمل في مرحلة متقدمة من العمر نسبة اكبر من 50، 60، 70، %
وهكذا تتدرج إلى ان يصبح هناك نوع من الانتماء الكامل نسبيا .
ان الكثير من الاعتماد داخل عالمنا ينطلق من الوسيلة ، فلو أخذنا
مثلا لذلك الطفل .... الطفل يعتمد اعتمادا كليا في بداية حياته على أمه ،
وبالتالي يكون حبه لوالدته وحبه لمجتمع الوالدة الذي يكون موجودا فيه ،
فهو ينتمي إلى هذا المجتمع من خلال موقف أمه في إعطائه الأكل والشراب
والملبس والدفء والحنان والإخراج واللمس ( وسيلته إلى العالم) ، وبالتالي
مساعدة هذا الطفل في الحياة والبقاء والنمو ومساعدته في استمراره في
منهجية عمله الاجتماعي ، عندما يكبر هذا الطفل ويصل إلى مرحلة البلوغ و
الشباب، يبطل اعتماده عليها من خلال الحاجة للعناية ( فيقل انتماؤه لها
ذاك المرتبط بالوسيلة)، ويصبح يحبها بشكل آخر و يقدرها ويحترمها
وبالتالي ينتمي إليها ولا يستغني عن وجودها مع انه استغنى عن حاجاته
الفسيولوجية منها، بمعنى آخر: كان في الأول يرضع منها، تلبسه، تطعمه،
تسقيه وتطل به على الحياة، ولما كبر أصبحت هذه الحاجات غير أساسية له
منها وانتقلت لمؤسسات أخرى في المجتمع يتعامل معها لوحده ، وبالتالي
اصبح الأساس في عملية وجود الوالدة مع وجوده هو، وجود نوع من الإحساس
بالشعور بالانتماء إلى الأم التي أنجبته والتي ربته وبالتالي تصبح عملية
اجتماعية اكثر منها عملية اعتماد فسيولوجي .