ويبقى ابو عمار الرقم الصعب
ويبقى أبو عمار الرقم الصعب !! باعتراف الأعداء قبل الأصدقاء ، يعتبر الرئيس ياسر عرفات من أبرز محترفي السياسة ، ليس في الساحة الفلسطينية فحسب ، بل على مستوى المنطقة ، والساحة الدولية بشكل عام ، وحتى ألد خصومه في الطرف الآخر من معادلة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يعترفون بقدرته الهائلة على الخروج من المازق والأزمات ، بل ويحسدونه على هذا الصبر والصمود في مواجهة كل الأعاصير السياسية ، والمؤامرات الداخلية والخارجية ، والحصار الممتد كالإعصار من بيروت الى رام الله ، وكما قال أحد المحللين السياسيين الإسرائيليين " نتمنى أن يساعدنا نظامنا السياسي ، والقضية التي نتصدى لها في صراعنا مع الفلسطينيين ، أن تتكرر ظاهرة ياسر عرفات على الساحة الإسرائيلية ". فعلى مدار ما يقارب الأربعة عقود ، استطاع أبو عمار ، أن يجعل من نفسه ا لرقم الصعب ، في معادلة القضية الفلسطينية ، الذي لا يمكن تجاوزه ، والإبقاء على تلك التركيبة السياسية المعقدة لتلك المعادلة ، سواء في مرحلة النضال العسكري ، وغابة ديمقراطية البنادق ، كما يسميها هو ، أو في مرحلة النضال السياسي الذي قاده في العودة الى أرض الوطن ، وإقامة أول سلطة فلسطينية على جزء من أرض فلسطين ، رغم المآخذ والمعوقات ، ورغم الموازين العسكرية ، والظروف السياسية الدولية ، الكل يعترفون له بذلك ، الفلسطينيون , والإسرائيليون ، الذي يتفهمون ذلك ، ولو كان ذلك على مضض ، فاستراتيجية أبو عمار ، في إدارة اللعبة السياسية ، رغم صعوبتها ، ومطباتها ، وحواجزها ، على كافة المستويات ، بسيطة ، ومعقدة ، في نفس الوقت ، ففلسطينياً جعل من قيادته للثورة ، وللسلطة ، مرجعية تتمتع بالمشروعية الفائقة ، حيث لا يمكن تجاوزه ، ولا تجاوز مشروعيته دون ما تكلفة عالية ، لا يستطيع أحد أن يقدم عليها ،وأن يضمن نتائجها ، وإسرائيليا وإقليمياً دولياً ، لم يتمكن أي طرف ، مهما كان تصميمه وعزيمته ، وحيلته ، من إقامة سلام ، أو فرض تسوية ، وفشلت جميع الأطراف المحلية والخارجية في المضي بأية خطوة للتسوية ، وأن تصل الى نتيجتها المرجوة ، دون موافقة أبو عمار الصريحة . في الوضع الداخلي ، الذي تأزم مؤخراً ، بفعل الممارسات القمعية الإسرائيلية ، لم يمنع عرفات من أن يمارس النقد الذاتي ، وهذا ما شاهدناه وسمعناه على لسانه أمام المجلس التشريعي ، عندما أعلن أن هناك فاسدون ، حتى من أقرب المقربين له ، وأن هذا الفساد يجب أن يقف ، وأن هؤلاء المفسدون يجب أن يعاقبوا . عرفات الذي لم يتجرأ أحد ، فلسطينياً ، أن يوجه له بصورة مباشرة الاتهام ، لم يمنعه ذلك أن يستجيب " تكتيكياً " لضغوط فلسطينية وإقليمية ودولية ، تطالب بإصلاح هيكلية السلطة ، فكان إنشاء مؤسسة رئاسة الحكومة ، ثم هيكلة أجهزة الأمن ، ثم هذه ا لشفافية المالية ، وأخيراً هذا الخطاب الذي تطرق الى الأسباب ، وهي في معظمها إسرائيلية ، وشخص المرض ، ووصف العلاج والدواء ، واستطاع أن يحظى خطاب الرئيس بثقة المجلس التشريعي ، رغم العديد من الانتقادات ،التي تعبر أيضاً عن ديمقراطية وشفافية ، انتقلت من ديمقراطية البنادق ، الى ديمقراطية ممثلي الشعب، في نقل مباشر على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد . في مقر المقاطعة ، حيث يدير الرئيس عرفات السلطة الوطنية بكل منهجية ، حيث لا يزال رغم الحصار ، يمتلك كل أروق اللعب الحقيقية ، فجميع الاجتماعات للقيادة الفلسطينية ، بمؤسساتها الرسمية وتنظيماتها الشعبية ، تتم داخل المقاطعة ، وهذه ا لملفات عن يمينه ويساره وتكاد تحجبه عن الحاضرين وكاميرات المصورين ، تؤكد على قدرته الهائلة في الإدارة ، وترمز الى مدى سلطته واتساعها ، رغم ما يلقى ذلك من بعض المعارضة ، لكن ذلك في علم السياسة " الكلاسيكية " ظاهرة تشير الى تملك الرجل أوراق اللعبة السياسية ، هذا بالاضافة الى هذا الكم الهائل من زيارات المسؤولين من كافة انحاء العالم , الذين لاينقطعون عن التشاور مع عرفات , رغم الضغوطات والمقاطعات الاسرائيلية لكل وزير او مسؤول اجنبي يقوم بزيارة المقاطعة , فياسر عرفات السلطة لديه ليست غاية ، بقدر ما هي وسيلة لتكريس التراث السياسي في مسيرة القضية الفلسطينية ، وعرفات يريد أن يدخل التاريخ كأول زعيم فلسطيني اقام دولة فلسطينية على ارض فلسطين ، وهو وإن كان يقيمها الآن على جزء من أرض فلسطين التاريخية ، فهو في الوقت نفسه ، يريد أن يعطي الإشارة من خلال صموده ورفضه ، أنه لا يفرط بأي شبر من فلسطين ، لأنه يريد للتاريخ أن يتذكره كمناضل ، وليترك للأجيال بعده تحقيق الحلم بالتحرير والعودة . ورهان ياسر عرفات على الوقت ، طالما أنه يستطيع أن يحتفظ بأوراق اللعبة في يده ، ويجعل الآخرين يتلهون باللعب دون أوراق لعب حقيقية في يدهم ، والإسرائيليون فهموا شخصية أبو عمار بكل حقائقها وتعقيداتها ، محاولين استغلالها الى ابعد مدى ، دون التمكن من لي ذراعه ، ولا كسر إرادته ، ولا حتى الإساءة الى رمزيته عند شعبه ، أما الفلسطينيون من جانبهم ، فهم يعرفون قوة الردع الصارمة لدى زعيمهم ، ويعرفون مدى القوة التي تمتلكها هذه ا لشخصية ، وعدم المواجهة المكشوفة معها . ويكاد يجمع المراقبون والمحللون السياسيون ، على أن القضية الفلسطينية ، التي تمر في هذه الفترة بأسوأ ظروف منذ نكبة 1948 ، ستبقى القضية الأهم في ساحة الأحداث ، على الرغم من المحاولات الأميركية والإسرائيلية ، بتنحيتها جانباً على أقل تقدير ، أو إلغائها حسب حلمهم الذي لم ولن يتحقق أبداً ، بفضل حنكة وحكمة أبو عمار ، الذي ظل طوال العقود الأربعة الماضية حافظاً ومحافظاً على عهده لفلسطين ، ومن المؤكد أن عرفات الذي عبر بالقضية جسر الخطر طوال رحلته النضالية الطويلة والعصيبة ، سيعبر هذه ا لأزمة بسلام .. وسيبقى أبو عمار الرقم الصعب .. ويا جبل ما يهزك ريح!!
ويبقى أبو عمار الرقم الصعب !! باعتراف الأعداء قبل الأصدقاء ، يعتبر الرئيس ياسر عرفات من أبرز محترفي السياسة ، ليس في الساحة الفلسطينية فحسب ، بل على مستوى المنطقة ، والساحة الدولية بشكل عام ، وحتى ألد خصومه في الطرف الآخر من معادلة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يعترفون بقدرته الهائلة على الخروج من المازق والأزمات ، بل ويحسدونه على هذا الصبر والصمود في مواجهة كل الأعاصير السياسية ، والمؤامرات الداخلية والخارجية ، والحصار الممتد كالإعصار من بيروت الى رام الله ، وكما قال أحد المحللين السياسيين الإسرائيليين " نتمنى أن يساعدنا نظامنا السياسي ، والقضية التي نتصدى لها في صراعنا مع الفلسطينيين ، أن تتكرر ظاهرة ياسر عرفات على الساحة الإسرائيلية ". فعلى مدار ما يقارب الأربعة عقود ، استطاع أبو عمار ، أن يجعل من نفسه ا لرقم الصعب ، في معادلة القضية الفلسطينية ، الذي لا يمكن تجاوزه ، والإبقاء على تلك التركيبة السياسية المعقدة لتلك المعادلة ، سواء في مرحلة النضال العسكري ، وغابة ديمقراطية البنادق ، كما يسميها هو ، أو في مرحلة النضال السياسي الذي قاده في العودة الى أرض الوطن ، وإقامة أول سلطة فلسطينية على جزء من أرض فلسطين ، رغم المآخذ والمعوقات ، ورغم الموازين العسكرية ، والظروف السياسية الدولية ، الكل يعترفون له بذلك ، الفلسطينيون , والإسرائيليون ، الذي يتفهمون ذلك ، ولو كان ذلك على مضض ، فاستراتيجية أبو عمار ، في إدارة اللعبة السياسية ، رغم صعوبتها ، ومطباتها ، وحواجزها ، على كافة المستويات ، بسيطة ، ومعقدة ، في نفس الوقت ، ففلسطينياً جعل من قيادته للثورة ، وللسلطة ، مرجعية تتمتع بالمشروعية الفائقة ، حيث لا يمكن تجاوزه ، ولا تجاوز مشروعيته دون ما تكلفة عالية ، لا يستطيع أحد أن يقدم عليها ،وأن يضمن نتائجها ، وإسرائيليا وإقليمياً دولياً ، لم يتمكن أي طرف ، مهما كان تصميمه وعزيمته ، وحيلته ، من إقامة سلام ، أو فرض تسوية ، وفشلت جميع الأطراف المحلية والخارجية في المضي بأية خطوة للتسوية ، وأن تصل الى نتيجتها المرجوة ، دون موافقة أبو عمار الصريحة . في الوضع الداخلي ، الذي تأزم مؤخراً ، بفعل الممارسات القمعية الإسرائيلية ، لم يمنع عرفات من أن يمارس النقد الذاتي ، وهذا ما شاهدناه وسمعناه على لسانه أمام المجلس التشريعي ، عندما أعلن أن هناك فاسدون ، حتى من أقرب المقربين له ، وأن هذا الفساد يجب أن يقف ، وأن هؤلاء المفسدون يجب أن يعاقبوا . عرفات الذي لم يتجرأ أحد ، فلسطينياً ، أن يوجه له بصورة مباشرة الاتهام ، لم يمنعه ذلك أن يستجيب " تكتيكياً " لضغوط فلسطينية وإقليمية ودولية ، تطالب بإصلاح هيكلية السلطة ، فكان إنشاء مؤسسة رئاسة الحكومة ، ثم هيكلة أجهزة الأمن ، ثم هذه ا لشفافية المالية ، وأخيراً هذا الخطاب الذي تطرق الى الأسباب ، وهي في معظمها إسرائيلية ، وشخص المرض ، ووصف العلاج والدواء ، واستطاع أن يحظى خطاب الرئيس بثقة المجلس التشريعي ، رغم العديد من الانتقادات ،التي تعبر أيضاً عن ديمقراطية وشفافية ، انتقلت من ديمقراطية البنادق ، الى ديمقراطية ممثلي الشعب، في نقل مباشر على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد . في مقر المقاطعة ، حيث يدير الرئيس عرفات السلطة الوطنية بكل منهجية ، حيث لا يزال رغم الحصار ، يمتلك كل أروق اللعب الحقيقية ، فجميع الاجتماعات للقيادة الفلسطينية ، بمؤسساتها الرسمية وتنظيماتها الشعبية ، تتم داخل المقاطعة ، وهذه ا لملفات عن يمينه ويساره وتكاد تحجبه عن الحاضرين وكاميرات المصورين ، تؤكد على قدرته الهائلة في الإدارة ، وترمز الى مدى سلطته واتساعها ، رغم ما يلقى ذلك من بعض المعارضة ، لكن ذلك في علم السياسة " الكلاسيكية " ظاهرة تشير الى تملك الرجل أوراق اللعبة السياسية ، هذا بالاضافة الى هذا الكم الهائل من زيارات المسؤولين من كافة انحاء العالم , الذين لاينقطعون عن التشاور مع عرفات , رغم الضغوطات والمقاطعات الاسرائيلية لكل وزير او مسؤول اجنبي يقوم بزيارة المقاطعة , فياسر عرفات السلطة لديه ليست غاية ، بقدر ما هي وسيلة لتكريس التراث السياسي في مسيرة القضية الفلسطينية ، وعرفات يريد أن يدخل التاريخ كأول زعيم فلسطيني اقام دولة فلسطينية على ارض فلسطين ، وهو وإن كان يقيمها الآن على جزء من أرض فلسطين التاريخية ، فهو في الوقت نفسه ، يريد أن يعطي الإشارة من خلال صموده ورفضه ، أنه لا يفرط بأي شبر من فلسطين ، لأنه يريد للتاريخ أن يتذكره كمناضل ، وليترك للأجيال بعده تحقيق الحلم بالتحرير والعودة . ورهان ياسر عرفات على الوقت ، طالما أنه يستطيع أن يحتفظ بأوراق اللعبة في يده ، ويجعل الآخرين يتلهون باللعب دون أوراق لعب حقيقية في يدهم ، والإسرائيليون فهموا شخصية أبو عمار بكل حقائقها وتعقيداتها ، محاولين استغلالها الى ابعد مدى ، دون التمكن من لي ذراعه ، ولا كسر إرادته ، ولا حتى الإساءة الى رمزيته عند شعبه ، أما الفلسطينيون من جانبهم ، فهم يعرفون قوة الردع الصارمة لدى زعيمهم ، ويعرفون مدى القوة التي تمتلكها هذه ا لشخصية ، وعدم المواجهة المكشوفة معها . ويكاد يجمع المراقبون والمحللون السياسيون ، على أن القضية الفلسطينية ، التي تمر في هذه الفترة بأسوأ ظروف منذ نكبة 1948 ، ستبقى القضية الأهم في ساحة الأحداث ، على الرغم من المحاولات الأميركية والإسرائيلية ، بتنحيتها جانباً على أقل تقدير ، أو إلغائها حسب حلمهم الذي لم ولن يتحقق أبداً ، بفضل حنكة وحكمة أبو عمار ، الذي ظل طوال العقود الأربعة الماضية حافظاً ومحافظاً على عهده لفلسطين ، ومن المؤكد أن عرفات الذي عبر بالقضية جسر الخطر طوال رحلته النضالية الطويلة والعصيبة ، سيعبر هذه ا لأزمة بسلام .. وسيبقى أبو عمار الرقم الصعب .. ويا جبل ما يهزك ريح!!