مسامير وأزاهير 100 ... فيتو فلسطيني في مواجهة إدانة "إسرائيل"!!!.
استهلال وتوطئة ...
ولولي أيتها الماجدة يا أم الشهيد الفلسطيني ، واصرخي أيتها الماجدة الثكلى الفلسطينية ويا أيتها الأرملة الفلسطينية، واندب حظك أيها اليتيم يا ابن الشهيد الفلسطيني ، فلم يعد الكيان الصهيوني بعد اليوم بحاجة للفيتو الأمريكي، فلقد تكفلت سلطتنا الوطنية الفلسطينية بذلك حين قررت أن تجهض قرار غولدستون الخاص بإدانة الكيان الصهيوني لما اقترفه من جرائم وحشية لا إنسانية في غزة الصمود والصبر والاحتساب لله!!.
بالأمس كنت قد نشرت تساؤلات عدة في مقال لي بعنوان ( مسامير وأزاهير 99 ... السلطة الوطنية الفلسطينية وتقرير غولدستون!! ) كنت وجهته لقيادة السلطة الفلسطينية الموقرة عن حقيقة موقفها من تقرير غولدستون ، فإذا بهدهد الأخبار يأتينا مسرعاً ليلقي على مسامعنا حقيقة مؤلمة عن موقف السلطة وما جرى في كواليس السياسة وأحابيلها القذرة، حيث نشرت وكالة قدس برس للأنباء هذا الخبر وأقتبسه نصاً : (( أكدت مصادر مسؤولة في مجلس حقوق الإنسان الدولي أنه تقرر إرجاء بحث تقرير لجنة تقصي الحقائق للحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة التي شكلتها الأمم المتحدة برئاسة ريتشارد "غولدستون" لمدة ستة أشهر، بطلب رسمي من السلطة الفلسطينية .وقالت المصادر إن مجلس حقوق الإنسان قرر تأجيل البحث في تقرير "غولدستون"، الذي كان مقرراً اليوم، بطلب رسمي من السلطة الفلسطينية، مشيرة إلى أن السلطة طلبت من باكستان، ممثلة منظمة المؤتمر الإسلامي في المجلس الدولي، ترحيل تقرير "غولدستون" إلى الدورة المقبلة الثالثة عشر لمجلس حقوق الإنسان الدولي المقرر في شهر آذار (مارس) المقبل في جنيف. ((... انتهى اقتباس الخبر.
ولم تكن هذه هي الحقيقة كاملة ، فلقد نشرت وكالات إخبارية أخرى عن هذا الأمر وأقتبس نصاً (( بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان قد تلقى خلال اليومين الأخيرين اتصالين من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي دعته لعدم الموافقة على ما جاء في التقرير بدعوى أنه سيعمق الفجوة التي قل اتساعها مؤخرا مع الإسرائيليين. وادعت المصادر إن عباس تعرض لضغوط شديدة من رئيس حكومته سلام فياض لدفعه للموافقة على سحب الإقرار الفلسطيني، الذي يعني اعتماد التقرير وبدء الإجراءات العملية لتنفيذ توصياته؛ وذلك خشية عقوبات اقتصادية إسرائيلية وأميركية )) ...انتهى الاقتباس.
وأتساءل محبطاً مفجوعاً مصدوماً ( وما أكثر مواقف السلطة التي تفجعنا وتحبطنا !!) ... أما كفانا رضوخاً وإذعاناً وانبطاحاً لعدونا !!؟، أما كفانا هواناً على هوان ما نحن نعيشه حتى نفرط بحق أبنائنا وبناتنا!!؟.
إن سعت "إسرائيل " لإجهاض قرار غولدستون الذي يدين جرائمها في المحافل الدولية فذاك أمر بديهي ومعروف ومقبول ، وإن سعت إدارة أمريكا بالضغط من أجل عدم إمرار هذا القرار وتفعيله ( وذاك لعمري ديدنها في كل مرة رغم أنها راعية التسوية بنظر سلطتنا الفلسطينية !!) فذاك أمر له تفسيره الطبيعي من حيث الشراكة والتحالف الأمريكي الصهيوني ، أما أن تـَقدم السلطة الفلسطينية على مد يد العون للكيان الصهيوني من أجل عدم إدانته وكشف جرائمه ( وتحت أي ذريعة كانت !!) فذاك أمر يدعو حقيقة للاستغراب والعجب والتساؤل!!!.
ولمن لم يعرف حقيقة وأهمية تقرير غولدستون أقول له ( ولسلطتنا الفلسطينية أولاً ) بأن ذاك التقرير قد كشف جرائم الاحتلال الصهيوني، وأننا في معرض نضالنا وتصدينا للعدو الصهيوني وممارساته البشعة فإنه كان ولا بد لنا من تفعيله والضغط على الأمم المتحدة من أجل اتخاذ قرار دولي كي :
1. نأخذ ثأرنا لشهدائنا في غزة الذين تساقطوا بفعل جرائم الحرب التي اقترفتها قوات الاحتلال.
2. نعيد البسمة لأبناء الشهداء ،
3. نزرع الأمل والثقة لمن تهدمت داره على رأسه من أن حقه لا يضيع.
4. نعيد ( بعض ) حق لأرامل قد فقدن أزواجهن، يعيد الإشراقة لأوجه ثكالى غزة بل ثكالى كل فلسطين!!.
5. نسترد بعض كرامتنا التي أهدرت فنعطي درساً للعدو مفاده بأن حقنا لنا ولن نسكت عنه مهما تقادم الزمن وتكالبت ضدنا قوى الاستكبار والظلام، فالحق أحق أن يتبع!!.
قد رأيت بأم عيني صورة صاحبت خبراً بعنوان ( السلطة تتنكر لتقرير غولدستون ) وقد كتب تحتها عنوان (السفير الفلسطيني بالأمم المتحدة يناقش مع نظيره الإسرائيلي تقرير غولدستون ) والتي كانت قد نشرتها وكالات الأنباء العالمية وهي تضم سفير فلسطين في الأمم المتحدة السيد إبراهيم خريشه وهو جالس في كرسي دولة فلسطين وقد أحنى رأسه قليلاً وهو يرنو إلى أوراقه فيما وقف عند رأسه سفير الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة يحادثه وقد طأطأ رأسه قرب أذنه ووضع كفه الأيسر على كتف سفيرنا فيما أمسك بيده اليمنى ورقة فبدا الأمر لي وكأنه إملاء من السفير الصهيوني ( الجلاد ) للسفير الفلسطيني ( ممثل الضحية والذبيح ) واتفاق وتدبر يجري الانتهاء منه !!.
فأي أمر ذاك الذي يمكن أن يناقش بين ضحية أشبع خنقاً وضرباً وجلاد قد اعتاد على سفك دم ضحاياه!!؟.
وبأي صيغة وأي شكل راح ( الذبيح الضحية ) يناقش ( جلاده ) بفقرات تقرير يدينه ويجرم له فعله وممارساته!!؟.
فهل يا ترى قد أصبح دم الشعب الفلسطيني عرضة للمساومة السياسية وعقد الصفقات الدبلوماسية!!؟.
وهل يا ترى قد صار دم الشهداء والآم الثكالى والأرامل والأيتام رخيصاً هكذا وبلا ثمن !!؟.
أي جواب بعد قرار الإرجاء والتسويف سيهيأ لتساؤلات أم في غزة كانت قد ترملت ومعها أبناؤها الخمسة ؟!.
كيف سيسترد حق عائلة ( السموني ) وغيرها من العوائل المنكوبة المتضررة الأخرى؟!.
لقد كان تقرير غولدستون بمثابة فرصة عظيمة يمكن البناء عليها باتجاه إجراء محاكمة فعلية لقادة الاحتلال ومرتكبي جرائم الحرب والتي تطيرت من نتائج ذاك التقرير وتداعياته حكومة يهود وارتعبت منه فهددت وزمجرت ، ولقد بين أستاذ القانون الدولي بجامعة القدس الدكتور محمد فهد الشلالدة أهمية التقرير وخطورة ما جاء فيه وتداعياته على الكيان الصهيوني حيث قال بأنه (( سند قانوني ووثيقة رسمية يمكن من خلالها للجهات الفلسطينية والضحايا من الأفراد ملاحقة ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين لدى القضاء الجنائي وخاصة المحكمة الجنائية الدولية)) ... انتهى الاقتباس، كما وقال الدكتور حنا عيسى المحلل القانوني لوكالة ( وفا) الفلسطينية في معرض وصفه للتقرير (( إن إسرائيل تعتبر أن أخطر توصية جاءت في هذا التقرير، هي 'دعوة مجلس الأمن الدولي لاستخدام صلاحياته بموجب الفصل السابع من ميثاق هيئة الأمم المتحدة لسنة 1945 لإلزام إسرائيل بإجراء تحقيق دولي شفاف في جرائهما'. وتتخوف إسرائيل بشكل خاص من هذه التوصية بأن يرفع مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة هذا التقرير إلى مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية ما يمكن أن يؤدي لتوجيه الاتهام لمسؤولين إسرائيليين كبار ضالعين في الحرب.))... انتهى الاقتباس.
فما الأسباب والدواعي لخطوة السلطة الفلسطينية بطلب تأجيل النظر بالتقرير هذا لاسيما وأن كل الظروف قد باتت سانحة لتلك المحاكمة أو على أقل تقدير كشف جرائم العدو في المحافل الدولية وعلى الرأي العام!!؟، ولـِمَ لم يستغل ذاك التقرير في جعله ورقة ضغط فلسطينية في تعرية وكشف حقيقة الكيان الصهيوني وإدانة ما اقترفه بحق أبناء غزة وغيرها من ممارسات وجرائم يحفظها أرشيفنا طي السجلات وصار حفيظ الأرفف !!؟ .
وما المبرر لإرجائه وعدم الاهتمام به من قبل سلطتنا !!؟.
وما الثمن مقابل ذاك كله!!؟.
تساؤلات أوجهها لسلطتنا الفلسطينية الموقرة بضمنها إجابات وحقائق دامغة لا يرقى إليها الشك :
أولاً ... إن كان الثمن يكمن في ( وعد ) من الصهاينة وأمريكا بانطلاق المفاوضات فذاك لعمري سراب ومحض أضغاث أحلام قد عشناه ولمسناه فيما مضى، وإني لأتساءل مجدداً ... أما اعتبرت قيادة السلطة مما قدم لها من وعود وعهود كاذبة !؟، وعلى افتراض إنهم صدقوا هذه المرة وأن المفاوضات ستنطلق ، فما الذي سيكفل لقيادة السلطة أنها ستجني هذه المرة ثماراً لن تكون إلا كمثيلاتها من ثمار يابسات جوفاء قد عصرت مونتها.
ثانياً ... أما سمع قادة السلطة الأكارم من قبل عن حكمة تحكي بأن عصفوراً نحيلاً واحداً في اليد هو خير وأجدى وأكثر ضماناً من عشرة طيور سمان واقفة تتفيأ بين ظلال أغصان الشجرة تنتظر من يصطادها ، فلا تدري سلطتنا إن كانت هذه الطيور حقيقة أم لعباً ورقية وضعت لاصطياد المغفلين الواهمين!!.
لا ... لا ... لا نريد طيوركم العشرة السمان التي وعدتمونا بها بل نريد عصفورنا الهزيل الذي قد صار بين أيادينا!!.
ثالثاً ... أما إذا كانت ( حجة ) سلطتنا الفلسطينية بأنها قد أذعنت لتهديد "إسرائيلي " قد سمعته مفاده أن تمرير تقريرغولدستون سيجهض ( عملية السلام !!) فهي بذلك إنما تكون واهمة وأنها تجري خلف سراب كبير!!؟، وأقول لقيادة السلطة الفلسطينية ، بربكم عن أي مفاوضات تسعون!؟، أما سمعتم مؤخراً عن تلك الاستعدادات الصهيونية الكبيرة الجارية الآن تحضيراً لبناء ما يقارب أربعة آلاف وحدة سكنية في التجمعات الاستيطانية الضخمة المحيطة بالمدينة المقدسة من أجل إحكام الخناق عليها ومن ثم عزلها بالكامل عن باقي الأراضي العربية المحتلة التي وعدتم بإقامة دولة فلسطين عليها وعاصمتها القدس الحبيبة!!؟.
رابعاً ... أما إذا كانت السلطة الفلسطينية قد وضعت في حساباتها موقفاً أمريكياً مناهضاً لذاك القرار حيث أكد ذاك التوجه الفلسطيني ما كانت قد نقلته الجزيرة نت من خبر نقلاً على لسان سفير فلسطين الدائم في الأمم المتحدة هذا نصه (( نحن نريد استصدار قرار قوي للتعامل مع التقرير للحصول على أكبر قدر من الفائدة"، لكنه استدرك بأن مواصلة السعي في استصدار القرار حاليا تعني مواجهة الفيتو الأميركي، رغم إشارته إلى أن 33 عضوا من أصل 47 من أعضاء مجلس حقوق الإنسان يدعمون القرار)) ... انتهى الاقتباس ، فإن ذاك يا سلطتنا الفلسطينية ليس بأمر جديد علينا ، فإننا لطالما قد خبرنا ورأينا مواقف أمريكا الداعمة للكيان الصهيوني وتصديها الدائم لقرارات تدينه وتعريه ، فأي جديد في ذلك !!؟،ثم أين مصداقية أوباما وعدم انحيازه ووقوفه في منتصف المسافة بيننا وبين العدو!!؟.
لرجال السلطة الفلسطينية الموقرة أقول ...
1. أين الفطنة وحسن التدبر والكياسة والفصاحة السياسية ، أين التكتيك الدبلوماسي وذكاؤه ، أين حسن المناورة والمراوغة والدهاء السياسي، فإن كنتم حقيقة جادون في البحث عن طريقة ووسيلة لإجبار الكيان الغاصب للانصياع لإرادتكم وانتزاع ما تريدونه من حقوق شعبكم الذبيح فما عليكم والحالة هذه إلا اتباع نهج يضمن لكم لجم عدوك وقتل غطرسته وإنهاء غروره من خلال الضغط عليه ومحاصرته وفضحه أمام العالم أجمع، أليس ذاك من بديهيات التكتيك السياسي والفطنة في محاربة العدو وتحجيم قدراته!!.
2. ثم حقيقة لابد من أن تدركوها ، وهي أنكم غير مخيرين في أن تتنازلوا عن حقوق أبناء شعبكم الذين ذاقوا الويل والثبور والاضطهاد على يد جلاديه وجزاريه ومنتهكي حقوقه طيلة ستين عاماً مضت!!.
3. ثم حقيقة أخرى عليكم أن تعوها ، بأنكم مؤتمنون على حقوق أبناء شعبكم ، وأنكم راعون شرعاً وأخلاقاً وأدباً وعرفاً لمصالح وحقوق شهداء شعبكم الذين تساقطوا على أرض فلسطين والتي كان آخرها مجزرة غزة ، وأن عليكم حقاً شرعياً بأن تأخذوا الثأر لهم ممن لطخت أيديهم بدماء أبناء شعبكم، فكفى بكم بخساً وإهداراً لحقوق شعبكم، وكفاكم تلاعباً ومراهنة بمصير أبنائكم وبناتكم ، وكفاكم هدراً لحقوق ودماء شهدائكم !!.
4. ما لي ( لا أراكم ) وقد تشبهتم بحكومة يهود التي لطالما سعت حثيثاً من أجل إطلاق سراح أسيرها فقررت أن تطلق سراح عشرينا من أسيراتنا الماجدات من أجل رؤية ( فقط !!) لأسيرها شاليط في شريط مسجل ، فيما تناسيتم أنتم دماء شهدائكم وما عدتم تصغون لصيحات أرامل وثكالى وأيتام فلسطين!!؟.
حقيقة أقول لكم بأنني أرى حكومة يهود أكثر مصداقية وحرصاً على قطعانهم منكم ، وأنهم أكثر احتراماً لمشاعر قطعانهم منكم ...شئتم ذاك أم أبيتم!!.
ختاماً ... لي تساؤل برئ ، ما حقيقة الأنباء التي راحت تتحدث عن ترخيص لشركة اتصالات جديدة يـُزمع أولو الشأن إنشاءها في رام الله ومدى علاقة منح الترخيص اللازم بقرار إرجاء النظر بتقرير غولدستون!!؟.
مجرد تساؤل بريء أنتظر إجابة عنه وعن كل تساؤلاتي أعلاه!!.
سماك العبوشي
2 / 10 / 2009