مسامير وأزاهير 97 ... أصر (النتن ياهو) وتراجع (أوباما) فماذا فاعل أنت يا (عباس)!!!.
[b]برسالتنا المفتوحة الأخيرة التي وجهناها للسيد أوباما ، فلقد تمنيت على الله في ختامها ألا ينساق السيد رئيس السلطة الفلسطينية فيلبي دعوات عقد لقاء ثلاثي على هامش الدورة الرابعة والستين لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خشية ( متوقعة !!) مني من فشل اللقاء وذاك ليقين مسبق منا بنتائج ذاك اللقاء الذي سيـُجـَيـّرُ حتماً وبكل تأكيد لصالح حكومة يهود مما سيعطيها دفعاً وزخماً وسيزيدها عناداً واستكباراً وصلفاً، إلا أنه وبرغم تصريحات سابقة للسيد أبي مازن ومستشاريه ( ألا ) لقاء و ( لا ) اجتماع بالجانب الصهيوني ( إلا بعد ) انصياع الكيان الصهيوني لطلب تجميد وإيقاف الاستيطان ( وكان هذا لعمري أدنى المطالب التي كنا ننتظرها من السلطة الفلسطينية في زمن العهر والانحطاط والهوان السياسي العربي !!) ، إلا أن أبا مازن ( وكعادته دائماً !!) قد تراجع وأبى إلا أن تلتقط له الصور التذكارية بذاك اللقاء الثلاثي منساقاً لهواه وتنفيذاً لأجندة كان قد رسمها لنفسه وآمن بها واعتبرها خياراً استراتيجياً وحيداً لا فكاك منه ولا مناص عنه ، فتناسى بذلك تصريحاته وضرب بعرض الحائط لاءاته ولاءات كبار مستشاريه وارتضى الجلوس بلقاء ثلاثي حميمي جديد ضمه جنباً لجنب مع أوباما ورئيس حكومة بني صهيون ليتكرر على مسامعه ما كنا توقعناه مسبقاً من عزف صهيوني معروف النغمات والإيقاعات يرافقها بطبيعة الحال تراجع أوباما عن مواقفه ( الخطابية وجعجعته الفارغة ) التي صدع بها لنا رؤوسنا وأوجع لنا أدمغتنا وحلق بنا في أضغاث أحلام تراءت للبعض منا أنها وردية !!.
ذاك لعمري ما أعلنته الإذاعة الصهيونية الرسمية الناطقة بالعبرية (ريشيت بيت) وما ترجمته وتناقلته وكالات الأنباء العالمية في حديث للنتن ياهو قائلاً بانه قد ( أبلغ !!) رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال اللقاء الثلاثي الحميمي بأن السلام مشروط بالمقام الأول باستعداد أبي مازن للقول للشعب الفلسطيني بأنه يجب الاعتراف بإسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي، وانه لن يتنازل عن هذا الموضوع !!، ذاك لعمري ما ردده النتن ياهو على مسامع أبي مازن في اللقاء الثلاثي!!، هذا كما ونشرت صحيفة هاآرتس الصهيونية أمس الخميس تأكيد النتن ياهو رفضه القاطع لما يسمى بالعملية السلمية حين أعلن عن رفض كيانه الانسحاب إلى حدود عام 67 ( أي حدود دولة فلسطين الموعودة !!)، ذاك كان ببساطة شديدة موقف النتن ياهو ( الثابت والراسخ ) الذي أعلنه جهاراً نهاراً وقد أسمعه بنفسه دونما وسيط دولي للسيد أبي مازن في لقائه الثلاثي!!.
نحن إزاء ثلاث مواقف متناقضة لثلاث قادة لهم اليد الطولى برسم معاناة شعب وترسيخ جذورها ، أحدهم يهودي صهيوني سلب أباؤه أرض شعب فلسطين وهجروهم وشردوهم وأذاقوهم المر والهوان ، والآخر أمريكي جاء مدعياً التغيير والابتعاد عن كيل المكيالين لإحقاق حق هذا الشعب المضطهد من خلال إقامة دولته المزعومة، والثالث عربي فلسطيني مسلم كان مسؤولاً عن شعبه وراعياً لمصالحه الوطنية والشرعية والتاريخية :
أولاً ... موقف النتن ياهو اليهودي الصهيوني الذي كان واضحاَ على الدوام وازداد ترسيخاً وتجذراً بما أعلنه وتمسك به ويتلخص بأنه يعمل وفق أجندة صهيونية راسخة موضوعة سلفاً لا يستطيع الحياد عنها قيد أنملة ، موقف رجل راع لمصالح أبناء جلدته ولا يأبه لاستنكار شرعية دولية كان ومازال وسيظل يضع في أذن طيناً وفي الأخرى عجيناً وراح يمارس معنا ومع المجتمع الدولي لعبة حوار الطرشان الذي يجيده بجدارة فائقة ، فما عاد يفقه احتجاجاً منا ولا يرى معنى لضمير ولا يلتفت لاحتجاج دولي ، فهو لا يرى إلا ما يخدم أبناء جلدته ولا يفقه إلا ما يمليه عليه الواجب والضمير ( الصهيوني ) تجاه قطيعه الذي يقوده!!.
فلا تعذلوه ولا تعاتبوه ... فالرجل صادق في مسعاه ونهجه ، وهو ببساطة شديدة يسعى لخدمة كيانه وأبناء جلدته!!.
ثانياً ... موقف أوباما الأمريكي الذي لوح لنا بوعد بتغيير موقف ما اعتاد البيت الأبيض أن يسير به ، فإذا به يتراجع عما وعد به في أول إصرار صهيوني جابهه ، وانحنى سريعاً أمام إعصار وعناد وتصميم النتن ياهو ، وكلنا يتذكر مطلب أوباما حين أرسل السيناتور ميتشل مبعوثاً شخصياً له بأن تبادر حكومة يهود إلى وقف الاستيطان ( دون إلغائها طبعاً!!) لبدء المفاوضات الثنائية ، فإذا به يسارع بالتراجع عن طلبه ذاك أمام تعنت النتن ياهو وإصراره على رفض هذا الشرط الذي يتناقض والأجندة الصهيونية الموضوعة، فما كان منه ( ومن أجل إنقاذ مبادرته وماء وجهه ) إلا أن يطالب أنظمة الاعتدال العربية بأن ينقذوا مصداقيته فيبادروا إلى الإعلان عن موافقتهم على التطبيع مع حكومة يهود كبادرة حسن نية منهم كي يتكرم ويتعطف النتن ياهو فيوافق على وقف الاستيطان لستة أشهر ، ورغم ذاك كله فما كان من حكومة يهود إلا توجيه صفعة قاسية ثانية لأوباما حين تجاهلت مبادرته وأسرعت حثيثاً في بناء مستوطناتها في مدن الضفة الغربية ( حيث ستقام دولة فلسطين الموعودة ) وأعطت التراخيص لإقامة بضعة آلاف من الوحدات السكنية هناك مع تسارع في عمليات الحفر المتواصل تحت أسس المسجد الأقصى.
كيف لا يتراجع أوباما عن وعده بالتغيير لصالحنا إذا ما تذكرنا بأن طموحاته السياسية إنما تتجاوزنا وتتجاوز حقوقنا ومظلومية شعبنا التاريخية ، فطموحاته ( المشروعة ) تكمن وتتمثل بأن يعاد انتخابه بدورة رئاسية ثانية تبدأ بانتهاء دورته الحالية ، وأن مفتاح نجاحه بالبقاء على سدة الرئاسة ينحصر بدعم دوائر اتخاذ القرارات في أمريكا المتمثلة باللوبي الصهيوني.
فلا تعذلوه ولا تعاتبوه ولا تأخذوه بجريرة ما وعد فنكص عن وعده ، فالسياسة عوراء شوهاء تقاد بالمصالح المتغيرة المتقلبة المتجهة المقادة والمرسومة دوماً لصالح القوي المكين ، فالرجل حقيقة قد حاول وفشل وعوده طري لا يتحمل أعاصير يهود وضغطهم ، كما أنه يسعى جاهداً لولاية ثانية لن يكون بمقدورنا نحن العرب والمسلمين أن نهيئ له الأسباب كي يفوز بها لقلة حيلتنا وهواننا وضعفنا وما نعيشه اليوم من انحطاط وعهر سياسي مستمر!!.
ثالثاً ... موقف أبي مازن - رئيس السلطة الفلسطينية فإنه ورغم فشل المفاوضات الطويلة السابقة واتساع وتائر الاستيطان والتهويد إلا أنه والحق يقال ظل على إصراره وعناده هو أيضاً فتمسك بخارطة الطريق التي عفا عليها الزمن وصارت ذكرى بعد أن تجاوزها الكيان الصهيوني ذاته وما عاد يتذكرها أو يعترف بها ، واستمر على ولائه لخيار نهج التسوية الذليل معتبراً إياه خياراً استراتيجياً أوحداً شاطباً من قاموسه مصطلح المقاومة والجهاد لأبناء جلدته وشوقهم الشديد وحقهم لانتزاع حقوقهم بالطريق الشرعي والتاريخي والذي يحاكي تماماً النهج والطريق الذي نالت من خلاله شعوب الأرض استقلالها وحريتها وأقامت دولها وأسست أركان وطنها وضمنت مستقبل أجيال أجيالها.
فإذا كان النتن ياهو صادقاً مع رعيته وأبناء جلدته معبراً عن التزامه واحترامه لنهج اختطه ورسمه له سلفه من ساسة وقادة ولا يحيد عنه تحت أي ظرف كان!!.
وإذا كان أوباما ملتزماً بضغوطات اللوبي الصهيوني علاوة على تطلعاته المشروعة بولاية رئاسية ثانية تتحكم فيها وتحددها مرضاة يهود عنه !!.
فماذا أنت فاعل يا أبا مازن!!!.
همسة صادقة بإذنك سيدي أبا مازن ولا أريد لها إلا الأجر من الله والثواب وحسن المآب... إنأ بنفسك سيدي أبا مازن عن مواضع التهمة بالتقصير وقلة الإرادة وقصر النظر والحيلة كما ردد يوماً الإمام علي بن أبي طالب ( رض ) حيث قال : من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومن من أساء به الظن)، وتذكر سيدي أن من استبد برأيه هلك وأهلك من معه ، وأن من شاور الرجال فقد شاركها في عقولها وتدبرها وحسن تخطيطها، فلقد آن لك سيدي أبا مازن أن تعي وتدرك بأن استمرار المفاوضات وعدم الاكتراث لما تمارسه حكومة يهود وإصرارها وعنادها ذاك إنما يوفر الغطاء لعمليات "الاستيطان" ومن تهويد للأرض الفلسطينية، وثق تماماً بأن هوى أمريكا ورؤسائها يتطابق وهوى "إسرائيل".
سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
25 أيلول 2009[/b]