مسامير وأزاهير 73 من سيكون أصدق مع شعبه ... أنتم أم نتنياهو!!!.
كم من مسئولينا وأولي أمرنا من تسبب ( بكذب حديثه وزيف وعوده ودجل مناداته بالشعارات الثورية والمبادئ ) بهدر طاقات أبناء شعبه وضياع فرص استرداد وطن مغتصب واستعادة حقوق ضيعت وهدرت!!؟، وكم من مسئولينا وأولي أمرنا ( وفي ظل نكث الوعود ونقض العهود والكذب المتواصل على أبناء شعبه ) من لا ينطبق عليه تماماً ما جاء بحديث الرسول المصطفى ( ص ) عن النفاق وعلامات المنافق الثلاثة أو الخمسة باختلاف الروايات!!؟، وكم من أولي أمرنا من كان صادقاً في قوله وتطابق حديثه مع فعله فكان على قدر كبير من المسئولية ويقظة الضمير والوجدان واتصف بقسط وافر من الالتزام فحافظ على حقوق شعبه وحقق لرعيته ومن يقع تحت مسئوليته أحلامه الوردية وآماله العريضة!!؟.
وبالمقابل وفي الطرف الآخر من المعادلة ... فكم من أولي الأمر في الكيان الصهيوني من لم يمارس مع مواطنيه تحديداً الشفافية والمصداقية فراح يكذب عليهم ويهدر طاقاتهم وضيع فرص تثبيت أركان كيانه الصهيوني !؟.
وإجابة وافية على تساؤلاتنا تلك ، لنتخيل جميعاً النتيجة الطبيعية والمنطقية إذا ما أجرينا عملية المقارنة البسيطة تلك التي تحدثنا عنها آنفاً بين ما يتصف به مسئولونا وأولو أمرنا وما تحقق على أيديهم من تطلعات شعبنا الجريح والموهوم ، وبين ما يتحلى به قادة الصهاينة ( من مصداقية ) قول و( شفافية ) فعل وما تحقق على أيديهم من خطط وأحلام على أرض الواقع الملموس، لنحدد بعدها من صرّح فكذب ومن وعد فنكث ومن مارس الخداع بحق مواطنيه تحديداً ... قادتنا أم قادة "إسرائيل "!؟.
الأمر جد يسير ، ولا يحتاج لعناء تفكير ، فما أسهل المقارنة وما أيسر استخراج نتائجها إذا ما عدنا بالذاكرة إلى نكبة 48 تحديداً وما تلاها من أحداث جسام صاحبها هدر دماء زكية روت ثرى فلسطين وصولاً حتى يومنا هذا ، فحينذاك تحديداً وإلى وقت قريب كانت القضية التي ناضل من أجلها أبناء شعبنا في فلسطين وأمتنا العربية تتلخص بهدف العودة واسترجاع فلسطين من البحر إلى النهر، هذا وكما وردد قادتنا وأولو الأمر فينا وصناع القرار عندنا طويلاً بأن لا تنازل عن شبر واحد من أرض فلسطين أولاً وبحق العودة ثانياً ، فإذا بما تبقى من أرض فلسطين تبتلع على حين غرة في الخامس من حزيران 67 فيما سميت ب( نكسة ) حزيران في إشارة منهم على أنها كبوة جواد أصيل لا أكثر ، ولم ينتظر أبناء شعبنا حتى ينهض الجواد من كبوته ، فسرعان ما انطلقت شرارة الثورة الفلسطينية وهبت عاصفة الثوار والمجاهدين تدك الأرض تحت أقدام الغزاة والطامعين لتحرج الأنظمة العربية التي جعلت من فلسطين قميص عثمان لها ، وتترى الأحداث بعدها لتحقق الثورة الفلسطينية جملة انتصارات دغدغت مشاعر الشباب العربي وألهبت حماسهم ليسارعوا بالانضمام إلى صفوفها لنيل شرف القتال أو الاستشهاد على ثراها الطاهر، والحديث يطول وهو ذو شجون لنصل مرحلة انطلاق قطار التسوية في أوسلو وبوعد دولي وبرعاية أمريكية على إقامة دولة فلسطينية ( تشمل الضفة وغزة !!) ، لتليها مفاوضات طويلة وشاقة مارس فيها المفاوض الصهيوني المكر والخداع مع مفاوضنا الذي لا كل ولا مل رغم إدراكه ويقينه بعبث ما يجري!!، فإذا بالقضية تنقلب من أرض تمتد من نهر إلى بحر لتصير أرضاً لا تتعدى بضع كيلومترات مجزأة الأوصال وعلى شكل كانتونات بلا سيادة ولا كرامة ... بل ولا حتى بدولة كما يطالب به نتنياهو اليوم!!.
فما ترون الآن !!، ومن الذي أوفى بوعده وعهده لمواطنيه !؟، ومن كان قد تناسى بأن الزمن كالسيف إن لم يقطعه قطعه وحطم آماله وبعثر له جهده ، ومن الذي كان قد أهدر الطاقات والقدرات وضيـّع نهراً من دماء مواطنيه في سعيهم لتحقيق حلمهم!!، أولو أمرنا أم أولو أمر الكيان الصهيوني !!؟، لا والله ما نكث العهد وأخل بالوعد وأهدر الطاقات وتناسى دماء أبنائه وكذب علينا إلا أولو أمرنا وقادتنا بسعيهم الحثيث خلف أوهام تسوية كانت نتائجها ترسيخ أقدام الكيان الصهيوني أولاً ... فتسببت في انشقاق حاد في صفوفنا وتشرذمنا ثانياً!!.
الحق يقال ولو كانت أليمة ... بأن قادة "إسرائيل " وأولي أمرها هم في سباق مع الزمن دوماً ، بل هم يستثمرون الزمن ذاته ويطوعونه من أجل ترسيخ أقدام كيانهم على أرضنا ، فها هو نتنياهو لم ينتظر طويلاً بعد انتخابه حتى أعلن بعد أيام قلائل من جلوسه على سدة رئاسة الحكومة صراحة لا لبس فيها :
1. رفضه لحل الدولتين.
2. رفضه لوقف الاستيطان رغم اجتماعه بأوباما وطلبه ذاك.
3. أن القدس عاصمة أبدية لكيانه.
4. إعلانه عن خطة جديدة بثلاث مسارات ( سياسية وأمنية واقتصادية ) لتحقيق السلام مع الفلسطينيين وفي حل بديل منه للدولتين التي كانت تجري كل المفاوضات السابقة من أجل تحقيقه وبرعاية أمريكا واللجنة الرباعية والتي انتظرناها طويلاً وصدقناها.
وبذا ... فإن نتنياهو قد برهن أمام ناخبيه عن مصداقية برنامجه السياسي المعلن والذي أوصله إلى سدة رئاسة الحكومة ، فهو لم يكذب على نفسه أولاً ولا على ناخبيه ولا تنكر لما يؤمن به ثانياً ، كما وأنه لم يتراجع ( بتكتيك كما يفعل أولو أمرنا حين يخفـّضون من سقف مطالبنا كرمال عيون نجاح المفاوضات !! )عما حققه سلفه ومن سبقه في الحكم ، فلقد قالها ملء فمه جهاراً نهاراً وعل رؤوس الأشهاد بأن " القدس ستكون أبدا عاصمة للدولة الإسرائيلية" ، ومن أنه لن يدخر جهداً ولا وسعاً من أجل تحقيق شعاره وتصريحه ذاك، كما وأنه بخطته التي أعلنها ذات المسارات الثلاث إنما يكون قد نسف بشكل مبكر حلم إقامة الدولة الفلسطينية التي ضيّع عليها المفاوض الفلسطيني جهداً ووقتاً في مفاوضات لا نجافي الحقيقة في شيء إن وصفناها بالعبثية والعقيمة ، وإن لم تكن عبثية وعقيمة فأين إذن نتائج مفاوضات السلام تلك التي جرت لسنوات خلت والتي كانت تجري على أساس إقامة الدولة الفلسطينية في آخر المطاف لاسيما في ظل ما أعلنه نتنياهو من تصريحات تمثل نهج وسياسة حكومته ( المنتخبة ) والتي أعلن فيها أن تتركز المحادثات في المفاوضات الجديدة على دعم اقتصاد الفلسطينيين وتحسين الأمن في الضفة الغربية بدلا من معالجة القضايا الشائكة مثل وضع مدينة القدس أو مصير اللاجئين أو الحدود النهائية لدولة فلسطين الموعودة!!.
أي مصداقية وشفافية تنتظرون من نتنياهو يا أولي أمرنا وأصحاب القرار كي تقرروا وجهة سيركم وخطة عملكم القادمة!!!، وأي موقف ومصداقية أكثر وضوحاً تنتظرون من الكيان الصهيوني حين أعلنت على الملأ ودونما مواربة أو تدليس في أنها تسعى للإبقاء على الضفة الغربية تحت احتلالها ووصايتها ، وما استمرار عمليات الاستيطان وضم الأراضي لها إلا مصداقاً لما تسعى إليه ، وما استمرار تهجير المقدسيين والضغط عليهم إلا مصداقاً لما خططت له مستقبلاً في تهويدها وضمها بالتالي لكيانهم وإلى الأبد ... وعلى عينك يا تاجر!!!.
كل ذلك أمر بديهي ومنطقي ومعروف ، فلطالما مارس العدو مع أبنائه الصدق والشفافية وحقق لهم ما يصبون إليه ، أما الغريب والعجيب إنما يكمن فيما سأذكره لكم أدناه من ردود أفعال لما يجري ، منها ما كان تقارير إخبارية لصحافة أوربية مرموقة وذات انتشار واسع ، ومنها ما هو تصريحات لمسئولين في السلطة لا أدري مدى جديتها وأبعادها هذه المرة:
1. تحت عنوان "السؤال الكبير" ، فقد كان دونالد ماكينتير قد كتب في صحيفة الاندبندنت البريطانية تقريراً حول المستوطنات الاسرائيلية ونشأتها في الأراضي المحتلة يقول فيه إنه بعد نصر "إسرائيل " في حرب عام 1967 واحتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة، فإن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة قد سمحت وبضوء أمريكي أخضر على إنشاء هذه التجمعات المدنية في الأراضي المحتلة، ويضيف الكاتب أن الولايات المتحدة ظلت إلى حد ما ملتبسة وغير محددة في الإجابة على هذا السؤال ( وأضيف ... رغم رعايتها المزعومة لمفاوضات السلام !!) ، ويسهب الكاتب بتقريره قائلاً بأن الغالبية العظمى من الدول الغربية بما فيها المملكة المتحدة والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية يقولون أن المستوطنات تلك غير قانونية سواء كانت في الضفة الغربية أو في القدس الشرقية ( وأضيف ... ورغم ذلك لم يحركوا ساكناً إجبارها على إيقاف توسعها !!)، ويقول الكاتب بأن المستوطنات تلك ستجعل من الصعب تخيل إقامة دولة فلسطينية، مشيراً في هذا الصدد إلى أنها تقطع الأراضي المحتلة إلى كنتونات معزولة وتستولى على أجزاء من الأراضي الزراعية الفلسطينية!!.
2. اتهمت فرنسا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بعرقلة الجهود الرامية إلى دفع عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال إعلانه بأن "القدس ستكون أبدا عاصمة للدولة الإسرائيلية"، حيث كان نتنياهو قد قال في احتفال أقيم بالقدس بمناسبة حلول الذكرى السنوية الثانية والإربعين لاستيلاء "إسرائيل" على الجزء الشرقي من المدينة في حرب 1967: "إن القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل. ان القدس كانت دائما لنا وستبقى كذلك إلى الأبد. لن تقسم القدس بعد اليوم أبدا."
3. صدور تعليقات وردود أفعال رسمية فلسطينية ، حيث علق السيد نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تصريحات نتنياهو تلك بالقول: "تصريحات كهذه تناقض فكرة حل الدولتين، كما صرح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات تعقيبا على أقوال رئيس الحكومة الإسرائيلية الأخيرة حول القدس إن موقف نتنياهو من القدس يعد نكسة لهدف الحل القائم على دولتين الذي تؤيده بشدة إدارة اوباما، وأضاف عريقات بأن أقوال نتنياهو تعني أن حالة الصراع ستبقى أبدية وان الفلسطينيين يواجهون رافضين حقيقيين للتفاوض!!.
ولا يهمني ما جاء بتقرير صحيفة الاندبندنت البريطانية أو اتهام فرنسا فتلك لن تثني الصهاينة عن عزمهم وخططهم ولن تغير من الأمر شيئاً كالعادة، غير أن ما يهمني حقيقة ردود أفعال رجال السلطة الفلسطينية امتثالاً لمقولة ( ما حك جلدك مثل ظفرك ) ، و ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين )، فلطالما لدغوا من نفس الجحر لأكثر من مرة ، ولطالما سمعنا ردود أفعال رسمية فلسطينية سابقة إبان المفاوضات السابقة أظهرت حقيقة الإحباط واليأس من نوايا الكيان الصهيوني ، ورغم ذاك كله فقد كان المفاوض الفلسطيني يعود للجلوس من جديد إلى مائدة المفاوضات تسبقه صور العناق الحميمي ورفع الأنخاب عالياً استبشاراً ببدء المفاوضات ، وأخشى والله ما أخشاه أن تنسى قيادة السلطة ( كالعادة ) ذاك الجحر الذي لدغوا منه مراراً وتكراراً وما صرحت به آنفاً لتبدأ المفاوضات مجدداً مع العدو على هدف غير معلن ومستتر سرعان ما سيصب في صالح الكيان الصهيوني من خلال إضاعة الوقت والجهد أولاً وفي ترسيخ أقدامهم هناك على ثرى فلسطين ثانياً!!.
ختاماً ... نقول ونذكر بأن الحياة كما يقال عبر ومواعظ ، محطات ودروس، ومن خلال ما مر من مراحل فإننا نتساءل ... من كان أصدق مع مواطنيه وسعى لإرضائهم وكسب ودهم وتحقيق أحلامهم ... أنتم أم قادة صهيون!!!؟.
وخوفاً وخشية واحتساباً للمستقبل ، فإننا نتساءل ثانية بدافع الحرص والخشية من المجهول القابع خلف الأكمات ... من سيكون أصدق مع شعبه الآن ومستقبلاً ... أنتم أم نتنياهو!!!.
وعند جهينة ( فلسطين ) الخبر اليقين ... وإن غداً لناظره لقريب!!!!.
سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
30 أيار 2009
كم من مسئولينا وأولي أمرنا من تسبب ( بكذب حديثه وزيف وعوده ودجل مناداته بالشعارات الثورية والمبادئ ) بهدر طاقات أبناء شعبه وضياع فرص استرداد وطن مغتصب واستعادة حقوق ضيعت وهدرت!!؟، وكم من مسئولينا وأولي أمرنا ( وفي ظل نكث الوعود ونقض العهود والكذب المتواصل على أبناء شعبه ) من لا ينطبق عليه تماماً ما جاء بحديث الرسول المصطفى ( ص ) عن النفاق وعلامات المنافق الثلاثة أو الخمسة باختلاف الروايات!!؟، وكم من أولي أمرنا من كان صادقاً في قوله وتطابق حديثه مع فعله فكان على قدر كبير من المسئولية ويقظة الضمير والوجدان واتصف بقسط وافر من الالتزام فحافظ على حقوق شعبه وحقق لرعيته ومن يقع تحت مسئوليته أحلامه الوردية وآماله العريضة!!؟.
وبالمقابل وفي الطرف الآخر من المعادلة ... فكم من أولي الأمر في الكيان الصهيوني من لم يمارس مع مواطنيه تحديداً الشفافية والمصداقية فراح يكذب عليهم ويهدر طاقاتهم وضيع فرص تثبيت أركان كيانه الصهيوني !؟.
وإجابة وافية على تساؤلاتنا تلك ، لنتخيل جميعاً النتيجة الطبيعية والمنطقية إذا ما أجرينا عملية المقارنة البسيطة تلك التي تحدثنا عنها آنفاً بين ما يتصف به مسئولونا وأولو أمرنا وما تحقق على أيديهم من تطلعات شعبنا الجريح والموهوم ، وبين ما يتحلى به قادة الصهاينة ( من مصداقية ) قول و( شفافية ) فعل وما تحقق على أيديهم من خطط وأحلام على أرض الواقع الملموس، لنحدد بعدها من صرّح فكذب ومن وعد فنكث ومن مارس الخداع بحق مواطنيه تحديداً ... قادتنا أم قادة "إسرائيل "!؟.
الأمر جد يسير ، ولا يحتاج لعناء تفكير ، فما أسهل المقارنة وما أيسر استخراج نتائجها إذا ما عدنا بالذاكرة إلى نكبة 48 تحديداً وما تلاها من أحداث جسام صاحبها هدر دماء زكية روت ثرى فلسطين وصولاً حتى يومنا هذا ، فحينذاك تحديداً وإلى وقت قريب كانت القضية التي ناضل من أجلها أبناء شعبنا في فلسطين وأمتنا العربية تتلخص بهدف العودة واسترجاع فلسطين من البحر إلى النهر، هذا وكما وردد قادتنا وأولو الأمر فينا وصناع القرار عندنا طويلاً بأن لا تنازل عن شبر واحد من أرض فلسطين أولاً وبحق العودة ثانياً ، فإذا بما تبقى من أرض فلسطين تبتلع على حين غرة في الخامس من حزيران 67 فيما سميت ب( نكسة ) حزيران في إشارة منهم على أنها كبوة جواد أصيل لا أكثر ، ولم ينتظر أبناء شعبنا حتى ينهض الجواد من كبوته ، فسرعان ما انطلقت شرارة الثورة الفلسطينية وهبت عاصفة الثوار والمجاهدين تدك الأرض تحت أقدام الغزاة والطامعين لتحرج الأنظمة العربية التي جعلت من فلسطين قميص عثمان لها ، وتترى الأحداث بعدها لتحقق الثورة الفلسطينية جملة انتصارات دغدغت مشاعر الشباب العربي وألهبت حماسهم ليسارعوا بالانضمام إلى صفوفها لنيل شرف القتال أو الاستشهاد على ثراها الطاهر، والحديث يطول وهو ذو شجون لنصل مرحلة انطلاق قطار التسوية في أوسلو وبوعد دولي وبرعاية أمريكية على إقامة دولة فلسطينية ( تشمل الضفة وغزة !!) ، لتليها مفاوضات طويلة وشاقة مارس فيها المفاوض الصهيوني المكر والخداع مع مفاوضنا الذي لا كل ولا مل رغم إدراكه ويقينه بعبث ما يجري!!، فإذا بالقضية تنقلب من أرض تمتد من نهر إلى بحر لتصير أرضاً لا تتعدى بضع كيلومترات مجزأة الأوصال وعلى شكل كانتونات بلا سيادة ولا كرامة ... بل ولا حتى بدولة كما يطالب به نتنياهو اليوم!!.
فما ترون الآن !!، ومن الذي أوفى بوعده وعهده لمواطنيه !؟، ومن كان قد تناسى بأن الزمن كالسيف إن لم يقطعه قطعه وحطم آماله وبعثر له جهده ، ومن الذي كان قد أهدر الطاقات والقدرات وضيـّع نهراً من دماء مواطنيه في سعيهم لتحقيق حلمهم!!، أولو أمرنا أم أولو أمر الكيان الصهيوني !!؟، لا والله ما نكث العهد وأخل بالوعد وأهدر الطاقات وتناسى دماء أبنائه وكذب علينا إلا أولو أمرنا وقادتنا بسعيهم الحثيث خلف أوهام تسوية كانت نتائجها ترسيخ أقدام الكيان الصهيوني أولاً ... فتسببت في انشقاق حاد في صفوفنا وتشرذمنا ثانياً!!.
الحق يقال ولو كانت أليمة ... بأن قادة "إسرائيل " وأولي أمرها هم في سباق مع الزمن دوماً ، بل هم يستثمرون الزمن ذاته ويطوعونه من أجل ترسيخ أقدام كيانهم على أرضنا ، فها هو نتنياهو لم ينتظر طويلاً بعد انتخابه حتى أعلن بعد أيام قلائل من جلوسه على سدة رئاسة الحكومة صراحة لا لبس فيها :
1. رفضه لحل الدولتين.
2. رفضه لوقف الاستيطان رغم اجتماعه بأوباما وطلبه ذاك.
3. أن القدس عاصمة أبدية لكيانه.
4. إعلانه عن خطة جديدة بثلاث مسارات ( سياسية وأمنية واقتصادية ) لتحقيق السلام مع الفلسطينيين وفي حل بديل منه للدولتين التي كانت تجري كل المفاوضات السابقة من أجل تحقيقه وبرعاية أمريكا واللجنة الرباعية والتي انتظرناها طويلاً وصدقناها.
وبذا ... فإن نتنياهو قد برهن أمام ناخبيه عن مصداقية برنامجه السياسي المعلن والذي أوصله إلى سدة رئاسة الحكومة ، فهو لم يكذب على نفسه أولاً ولا على ناخبيه ولا تنكر لما يؤمن به ثانياً ، كما وأنه لم يتراجع ( بتكتيك كما يفعل أولو أمرنا حين يخفـّضون من سقف مطالبنا كرمال عيون نجاح المفاوضات !! )عما حققه سلفه ومن سبقه في الحكم ، فلقد قالها ملء فمه جهاراً نهاراً وعل رؤوس الأشهاد بأن " القدس ستكون أبدا عاصمة للدولة الإسرائيلية" ، ومن أنه لن يدخر جهداً ولا وسعاً من أجل تحقيق شعاره وتصريحه ذاك، كما وأنه بخطته التي أعلنها ذات المسارات الثلاث إنما يكون قد نسف بشكل مبكر حلم إقامة الدولة الفلسطينية التي ضيّع عليها المفاوض الفلسطيني جهداً ووقتاً في مفاوضات لا نجافي الحقيقة في شيء إن وصفناها بالعبثية والعقيمة ، وإن لم تكن عبثية وعقيمة فأين إذن نتائج مفاوضات السلام تلك التي جرت لسنوات خلت والتي كانت تجري على أساس إقامة الدولة الفلسطينية في آخر المطاف لاسيما في ظل ما أعلنه نتنياهو من تصريحات تمثل نهج وسياسة حكومته ( المنتخبة ) والتي أعلن فيها أن تتركز المحادثات في المفاوضات الجديدة على دعم اقتصاد الفلسطينيين وتحسين الأمن في الضفة الغربية بدلا من معالجة القضايا الشائكة مثل وضع مدينة القدس أو مصير اللاجئين أو الحدود النهائية لدولة فلسطين الموعودة!!.
أي مصداقية وشفافية تنتظرون من نتنياهو يا أولي أمرنا وأصحاب القرار كي تقرروا وجهة سيركم وخطة عملكم القادمة!!!، وأي موقف ومصداقية أكثر وضوحاً تنتظرون من الكيان الصهيوني حين أعلنت على الملأ ودونما مواربة أو تدليس في أنها تسعى للإبقاء على الضفة الغربية تحت احتلالها ووصايتها ، وما استمرار عمليات الاستيطان وضم الأراضي لها إلا مصداقاً لما تسعى إليه ، وما استمرار تهجير المقدسيين والضغط عليهم إلا مصداقاً لما خططت له مستقبلاً في تهويدها وضمها بالتالي لكيانهم وإلى الأبد ... وعلى عينك يا تاجر!!!.
كل ذلك أمر بديهي ومنطقي ومعروف ، فلطالما مارس العدو مع أبنائه الصدق والشفافية وحقق لهم ما يصبون إليه ، أما الغريب والعجيب إنما يكمن فيما سأذكره لكم أدناه من ردود أفعال لما يجري ، منها ما كان تقارير إخبارية لصحافة أوربية مرموقة وذات انتشار واسع ، ومنها ما هو تصريحات لمسئولين في السلطة لا أدري مدى جديتها وأبعادها هذه المرة:
1. تحت عنوان "السؤال الكبير" ، فقد كان دونالد ماكينتير قد كتب في صحيفة الاندبندنت البريطانية تقريراً حول المستوطنات الاسرائيلية ونشأتها في الأراضي المحتلة يقول فيه إنه بعد نصر "إسرائيل " في حرب عام 1967 واحتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة، فإن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة قد سمحت وبضوء أمريكي أخضر على إنشاء هذه التجمعات المدنية في الأراضي المحتلة، ويضيف الكاتب أن الولايات المتحدة ظلت إلى حد ما ملتبسة وغير محددة في الإجابة على هذا السؤال ( وأضيف ... رغم رعايتها المزعومة لمفاوضات السلام !!) ، ويسهب الكاتب بتقريره قائلاً بأن الغالبية العظمى من الدول الغربية بما فيها المملكة المتحدة والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية يقولون أن المستوطنات تلك غير قانونية سواء كانت في الضفة الغربية أو في القدس الشرقية ( وأضيف ... ورغم ذلك لم يحركوا ساكناً إجبارها على إيقاف توسعها !!)، ويقول الكاتب بأن المستوطنات تلك ستجعل من الصعب تخيل إقامة دولة فلسطينية، مشيراً في هذا الصدد إلى أنها تقطع الأراضي المحتلة إلى كنتونات معزولة وتستولى على أجزاء من الأراضي الزراعية الفلسطينية!!.
2. اتهمت فرنسا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بعرقلة الجهود الرامية إلى دفع عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال إعلانه بأن "القدس ستكون أبدا عاصمة للدولة الإسرائيلية"، حيث كان نتنياهو قد قال في احتفال أقيم بالقدس بمناسبة حلول الذكرى السنوية الثانية والإربعين لاستيلاء "إسرائيل" على الجزء الشرقي من المدينة في حرب 1967: "إن القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل. ان القدس كانت دائما لنا وستبقى كذلك إلى الأبد. لن تقسم القدس بعد اليوم أبدا."
3. صدور تعليقات وردود أفعال رسمية فلسطينية ، حيث علق السيد نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تصريحات نتنياهو تلك بالقول: "تصريحات كهذه تناقض فكرة حل الدولتين، كما صرح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات تعقيبا على أقوال رئيس الحكومة الإسرائيلية الأخيرة حول القدس إن موقف نتنياهو من القدس يعد نكسة لهدف الحل القائم على دولتين الذي تؤيده بشدة إدارة اوباما، وأضاف عريقات بأن أقوال نتنياهو تعني أن حالة الصراع ستبقى أبدية وان الفلسطينيين يواجهون رافضين حقيقيين للتفاوض!!.
ولا يهمني ما جاء بتقرير صحيفة الاندبندنت البريطانية أو اتهام فرنسا فتلك لن تثني الصهاينة عن عزمهم وخططهم ولن تغير من الأمر شيئاً كالعادة، غير أن ما يهمني حقيقة ردود أفعال رجال السلطة الفلسطينية امتثالاً لمقولة ( ما حك جلدك مثل ظفرك ) ، و ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين )، فلطالما لدغوا من نفس الجحر لأكثر من مرة ، ولطالما سمعنا ردود أفعال رسمية فلسطينية سابقة إبان المفاوضات السابقة أظهرت حقيقة الإحباط واليأس من نوايا الكيان الصهيوني ، ورغم ذاك كله فقد كان المفاوض الفلسطيني يعود للجلوس من جديد إلى مائدة المفاوضات تسبقه صور العناق الحميمي ورفع الأنخاب عالياً استبشاراً ببدء المفاوضات ، وأخشى والله ما أخشاه أن تنسى قيادة السلطة ( كالعادة ) ذاك الجحر الذي لدغوا منه مراراً وتكراراً وما صرحت به آنفاً لتبدأ المفاوضات مجدداً مع العدو على هدف غير معلن ومستتر سرعان ما سيصب في صالح الكيان الصهيوني من خلال إضاعة الوقت والجهد أولاً وفي ترسيخ أقدامهم هناك على ثرى فلسطين ثانياً!!.
ختاماً ... نقول ونذكر بأن الحياة كما يقال عبر ومواعظ ، محطات ودروس، ومن خلال ما مر من مراحل فإننا نتساءل ... من كان أصدق مع مواطنيه وسعى لإرضائهم وكسب ودهم وتحقيق أحلامهم ... أنتم أم قادة صهيون!!!؟.
وخوفاً وخشية واحتساباً للمستقبل ، فإننا نتساءل ثانية بدافع الحرص والخشية من المجهول القابع خلف الأكمات ... من سيكون أصدق مع شعبه الآن ومستقبلاً ... أنتم أم نتنياهو!!!.
وعند جهينة ( فلسطين ) الخبر اليقين ... وإن غداً لناظره لقريب!!!!.
سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
30 أيار 2009