محاضرات أولية في الفلسفة وتطورها التاريخي - مدخل أولي في الفلسفة - المحاضرة الخامسة
كارل ماركس : ( 1818 – 1883 ) :
مؤسس فلسفة المادية الجدلية والمادية التاريخية والاقتصاد السياسي ، " ولد في ترييف – بألمانيا ، حيث أنهى الثانوية عام 1835 ، والتحق بجامعة بون ، وبرلين " (1) تأثر بأفكار هيجل وفيورباخ وآدم سميث ، نال درجة الدكتوراه في الفلسفة عن رسالته بعنوان " الاختلاف بين فلسفة ديموقرطيس الطبيعية وفلسفة إبيقور " عام 1841 ، ومن خلال دراسته للاقتصاد السياسي ومشاركته في الأحداث الثورية في المانيا وفرنسا ، اكتشف لأول مره الدور التاريخي للبروليتاريا وتوصل إلى النتيجة القائلة بحتمية الثورة الاجتماعية وضرورة توحيد حركة الطبقة العاملة ، كما وضع نظرية فائض القيمة التي تمثل حجر الزاوية في الاقتصاد السياسي الاشتراكي وتكشف بوضوح عملية الاستغلال الرأسمالي ، أصدر العديد من الأبحاث والكتب أهمها " المخططات الاقتصادية والفلسفية " (1844) و " العائلة المقدسة " (1845) و " الايديولوجيا الألمانية " (1846) و"بؤس الفلسفة " ( 1847) " و"إطروحات حول فيورباخ " بالتعاون مع زميله " إنجلز " ثم أصدرا معاً " البيان الشيوعي " (1848) " الذي وضع الخطوط العريضة لتصور جديد للعالم ، وهو المادية المتماسكة ونظرية صراع الطبقات والدور الثوري للطبقة العاملة (2) ، وبعد أن وضع عدداً من الكتب الهامة حول الثورة في فرنسا وأوروبا والصراع الطبقي ، إصدر في عام 1867 المجلد الأول لكتابه الرئيسي البالغ الأهمية " رأس المال " والذي تم استكماله فيما بعد على يد رفيقه " فريدريك انجلز "(3) 1885و1894 .
إلى جانب كل ذلك ، فقد كان ماركس فيلسوفاً مادياً جدلياً " رفض فهم الفلسفة على إنها علم مطلق ، غريب عن الحياة العملية والنضال ، مؤكداً إن مهمة الفلسفة والفكر الاجتماعي ليست بناء أو إنشاء Construction المستقبل ، ولاوضع نظريات تصلح لجميع العصوروالدهور ، بل إن مهمتها " النقد الذي لايرحم لكل ماهو قائم ، نقد لايرحم بمعنيين ، لايهاب استنتاجاته الذاتية ، ولا يتراجع أمام الاصطدام بالسلطات القائمة (4) ، هكذا طرح ماركس مسألة نفي الفلسفة بمعناها القديم ، " حب الحكمة " أو " علم العلوم " ، إنه ضد عزل الفلسفة عن النشاط العملي ، ولاسيما حركة الكادحين والفقراء التحريرية ، فهو يقول " لاشئ يمنعنا أن نربط ممارستنا بنقد السياسة ، بموقف حزبي معين في السياسة ، أي أن نربط ونقرن نقدنا بالنضال الواقعي .. إن مأثرة فلسفة ماركس تكمن في كونها البرهان الفلسفي والعملي في آن واحد على حتمية التحويل الجذري للمجتمع نحو الانعتاق والتحرر والعدالة الاجتماعية بآفاقها الاشتراكية رغم كل ما يتبدى اليوم من عوامل القهر والتخلف .
المقدمات الأيديولوجية لظهور الماركسة :
كان ديكارت وديدرو وفولتير من أبرز أسلاف الفلسفة الماركسية ، الذين مهدوا أيديولوجياً للثورات البرجوازية في أوروبا في القرنين 17 و 18 ، كذلك فإن المفكرين الاجتماعيين مثل هوبس / لوك / مونتسكيو / وروسو ، كانوا جميعاً من هؤلاء الأسلاف العظام ، فقد كانوا رموز عصر التنوير وأنصار العقلانية الذين وجهوا نقداً عنيفاً للأنظمة الإقطاعية ، وأعلنوا ضرورة إشاعة الحريات المدنية والمساواة بين الناس .. لقد زرعوا بذور التغيير وساهموا في إنضاجها .
مصادر الفلسفة الماركسية :
أولاً : الفلسفة الألمانية :
• هيجل : (1770 – 1831) أبرز رجالات الفلسفة الكلاسيكية الألمانية ، وقد بلغت هذه الفلسفة ذروتها في مذهبه الذي تكمن مأثرته التاريخية في أنه كان أول من نظر إلى العالم ، الطبيعي والتاريخي والروحي بوصفه عملية ، أي في حركة دائمة ، في تغير وتطور ، إنها عملية ديالكتيكية ، وهو أول من أعطى صياغة دقيقة لقوانين الديالكتيك الأساسية ، لكنه رغم ذلك وقف على أرضية المثالية الفلسفية الخاطئة .
• لودفيج فيورباخ ( 1804 – 1872 ) لعبت فلسفته المادية دوراً هاماً في وضع ماركس وانجلز للرؤية المادية ، لقد وجه فيورباخ نقداً عنيفاً للمثالية الهيجلية ، لكنه عموماً ظل مادياً ميتافيزيقياً ، بسبب أن ماديته لم تتفهم القيمة العلمية لديالكتيك هيجل ، كذلك لم يدرك حق الإدراك ماهية الإنسان ، فاعتبره كائناً بيولوجياً فقط ، ولم يتبين الجانب المادي من العلاقات الاجتماعية .
ثانياً : الاقتصاد السياسي الانجليزي :
- من المصادر أيضاً النظريات الاقتصادية التي وضعها كل من آدم سميث (1723 – 1790 ) وريكاردو (1772 – 1823 ) وخاصة نظرية القيمة – العمل التي كان لها أهمية بالغة في تكون المذهب الفلسفي الماركسي ، إن نظريتهما أوضحت ولأول مرة أهمية الأساس الاقتصادي لنشاط الناس ، كما بينا أن تطور المجتمع يرتكز إلى التفاعل الاقتصادي بين الناس ، لكنهما ( سميث وريكاردو ) كونهما من المدافعين عن الرأسمالية ، عملا على تبرير استغلال الرأسماليين للعمال ، وصورا هذا الاستغلال تفاعلاً بين شريكين متكافئين في إطار علاقات السوق ، أما الربح فاعتبراه مكافأة للرأسمالي على تنظيم الانتاج وإدارته ، المهم أن مذهبهما الاقتصادي كان منطلقاً للبحث اللاحق للعلاقات الاقتصادية وللكشف عن التناقض بين العمل والرأسمال من حيث هو التناقض الأساسي في المجتمع البرجوازي .
ثالثا : الاشتراكية الطوباوية :
من المصادر أيضاً : الأفكار الاشتراكية الطوباوية ، وأهم الرموز : سان سيمون (1760 – 1825 ) وفورييه ( 1772 – 1837 ) وروبرت اوين (1771 –1858 ) ، وقد لعبت هذه الأفكار دوراً هاماً في التمهيد لظهور الفلسفة الماركسية ، وخاصة المادية التاريخية ، لقد ارتكزت أفكار هؤلاء الرواد على مطالبتهم بضرورة انتشار الملكية العامة ( الجماعية ) والعمل الجماعي ، بما يسمح بالقضاء على بؤس الجماهير ، لكنهم لم يروا السبل المؤدية إلى التحول الاشتراكي وأنكروا دور الثورة والصراع الطبقي أو لم يفهموه ، واعتبروا أن الطريق إلى الاشتراكية يمر عبر التنوير وتعاون الطبقات ، وهو أمر مستحيل ، تلك هي مثاليتهم .
على ضوء الانجازات النظرية لأبرز رجالات الفلسفة والاقتصاد السياسي ، والاشتراكية الطوباوية ، وضع ماركس وانجلز نظرية فلسفية جديدة كل الجدة تجمع لأول مرة في تاريخ العلم بين المادية الفلسفية والمنهج الديالكتيكي ، وتعطي تفسيراً علمياً لحياة المجتمع البشري ، وبفضلهما تحول العلم الفلسفي ليصبح أداة بيد الطلائع المثقفة والقوى الكادحة والبروليتاريا في نضالها لتغيير العالم.
إن الفلسفة الماركسية هي علم عن قوانين علاقة الوعي بالعالم الموضوعي ، عن القوانين العامة للحركة في الطبيعة والمجتمع والفكر البشري .إن ظهور الماركسية في أربعينات القرن التاسع عشر ترافق مع تطور الرأسمالية وتَكَشُّف طبيعتها التناحرية وجوهرها القائم على الاستغلال والقهر .
الديالكتيك المادي كمنهج علمي في التفكير والمعرفة والممارسة :
الديالكتيك المادي باعتباره منهجاً – أو أسلوباً – علمياً في المعرفة هو مذهب في أعم قوانين تطور الطبيعة والمجتمع والمعرفة ، وهذا يعني أن قوانين الديالكتيك تصلح سواء على الحركة في الطبيعة أو التاريخ البشري أو على حركة الفكر .
كارل ماركس : ( 1818 – 1883 ) :
مؤسس فلسفة المادية الجدلية والمادية التاريخية والاقتصاد السياسي ، " ولد في ترييف – بألمانيا ، حيث أنهى الثانوية عام 1835 ، والتحق بجامعة بون ، وبرلين " (1) تأثر بأفكار هيجل وفيورباخ وآدم سميث ، نال درجة الدكتوراه في الفلسفة عن رسالته بعنوان " الاختلاف بين فلسفة ديموقرطيس الطبيعية وفلسفة إبيقور " عام 1841 ، ومن خلال دراسته للاقتصاد السياسي ومشاركته في الأحداث الثورية في المانيا وفرنسا ، اكتشف لأول مره الدور التاريخي للبروليتاريا وتوصل إلى النتيجة القائلة بحتمية الثورة الاجتماعية وضرورة توحيد حركة الطبقة العاملة ، كما وضع نظرية فائض القيمة التي تمثل حجر الزاوية في الاقتصاد السياسي الاشتراكي وتكشف بوضوح عملية الاستغلال الرأسمالي ، أصدر العديد من الأبحاث والكتب أهمها " المخططات الاقتصادية والفلسفية " (1844) و " العائلة المقدسة " (1845) و " الايديولوجيا الألمانية " (1846) و"بؤس الفلسفة " ( 1847) " و"إطروحات حول فيورباخ " بالتعاون مع زميله " إنجلز " ثم أصدرا معاً " البيان الشيوعي " (1848) " الذي وضع الخطوط العريضة لتصور جديد للعالم ، وهو المادية المتماسكة ونظرية صراع الطبقات والدور الثوري للطبقة العاملة (2) ، وبعد أن وضع عدداً من الكتب الهامة حول الثورة في فرنسا وأوروبا والصراع الطبقي ، إصدر في عام 1867 المجلد الأول لكتابه الرئيسي البالغ الأهمية " رأس المال " والذي تم استكماله فيما بعد على يد رفيقه " فريدريك انجلز "(3) 1885و1894 .
إلى جانب كل ذلك ، فقد كان ماركس فيلسوفاً مادياً جدلياً " رفض فهم الفلسفة على إنها علم مطلق ، غريب عن الحياة العملية والنضال ، مؤكداً إن مهمة الفلسفة والفكر الاجتماعي ليست بناء أو إنشاء Construction المستقبل ، ولاوضع نظريات تصلح لجميع العصوروالدهور ، بل إن مهمتها " النقد الذي لايرحم لكل ماهو قائم ، نقد لايرحم بمعنيين ، لايهاب استنتاجاته الذاتية ، ولا يتراجع أمام الاصطدام بالسلطات القائمة (4) ، هكذا طرح ماركس مسألة نفي الفلسفة بمعناها القديم ، " حب الحكمة " أو " علم العلوم " ، إنه ضد عزل الفلسفة عن النشاط العملي ، ولاسيما حركة الكادحين والفقراء التحريرية ، فهو يقول " لاشئ يمنعنا أن نربط ممارستنا بنقد السياسة ، بموقف حزبي معين في السياسة ، أي أن نربط ونقرن نقدنا بالنضال الواقعي .. إن مأثرة فلسفة ماركس تكمن في كونها البرهان الفلسفي والعملي في آن واحد على حتمية التحويل الجذري للمجتمع نحو الانعتاق والتحرر والعدالة الاجتماعية بآفاقها الاشتراكية رغم كل ما يتبدى اليوم من عوامل القهر والتخلف .
المقدمات الأيديولوجية لظهور الماركسة :
كان ديكارت وديدرو وفولتير من أبرز أسلاف الفلسفة الماركسية ، الذين مهدوا أيديولوجياً للثورات البرجوازية في أوروبا في القرنين 17 و 18 ، كذلك فإن المفكرين الاجتماعيين مثل هوبس / لوك / مونتسكيو / وروسو ، كانوا جميعاً من هؤلاء الأسلاف العظام ، فقد كانوا رموز عصر التنوير وأنصار العقلانية الذين وجهوا نقداً عنيفاً للأنظمة الإقطاعية ، وأعلنوا ضرورة إشاعة الحريات المدنية والمساواة بين الناس .. لقد زرعوا بذور التغيير وساهموا في إنضاجها .
مصادر الفلسفة الماركسية :
أولاً : الفلسفة الألمانية :
• هيجل : (1770 – 1831) أبرز رجالات الفلسفة الكلاسيكية الألمانية ، وقد بلغت هذه الفلسفة ذروتها في مذهبه الذي تكمن مأثرته التاريخية في أنه كان أول من نظر إلى العالم ، الطبيعي والتاريخي والروحي بوصفه عملية ، أي في حركة دائمة ، في تغير وتطور ، إنها عملية ديالكتيكية ، وهو أول من أعطى صياغة دقيقة لقوانين الديالكتيك الأساسية ، لكنه رغم ذلك وقف على أرضية المثالية الفلسفية الخاطئة .
• لودفيج فيورباخ ( 1804 – 1872 ) لعبت فلسفته المادية دوراً هاماً في وضع ماركس وانجلز للرؤية المادية ، لقد وجه فيورباخ نقداً عنيفاً للمثالية الهيجلية ، لكنه عموماً ظل مادياً ميتافيزيقياً ، بسبب أن ماديته لم تتفهم القيمة العلمية لديالكتيك هيجل ، كذلك لم يدرك حق الإدراك ماهية الإنسان ، فاعتبره كائناً بيولوجياً فقط ، ولم يتبين الجانب المادي من العلاقات الاجتماعية .
ثانياً : الاقتصاد السياسي الانجليزي :
- من المصادر أيضاً النظريات الاقتصادية التي وضعها كل من آدم سميث (1723 – 1790 ) وريكاردو (1772 – 1823 ) وخاصة نظرية القيمة – العمل التي كان لها أهمية بالغة في تكون المذهب الفلسفي الماركسي ، إن نظريتهما أوضحت ولأول مرة أهمية الأساس الاقتصادي لنشاط الناس ، كما بينا أن تطور المجتمع يرتكز إلى التفاعل الاقتصادي بين الناس ، لكنهما ( سميث وريكاردو ) كونهما من المدافعين عن الرأسمالية ، عملا على تبرير استغلال الرأسماليين للعمال ، وصورا هذا الاستغلال تفاعلاً بين شريكين متكافئين في إطار علاقات السوق ، أما الربح فاعتبراه مكافأة للرأسمالي على تنظيم الانتاج وإدارته ، المهم أن مذهبهما الاقتصادي كان منطلقاً للبحث اللاحق للعلاقات الاقتصادية وللكشف عن التناقض بين العمل والرأسمال من حيث هو التناقض الأساسي في المجتمع البرجوازي .
ثالثا : الاشتراكية الطوباوية :
من المصادر أيضاً : الأفكار الاشتراكية الطوباوية ، وأهم الرموز : سان سيمون (1760 – 1825 ) وفورييه ( 1772 – 1837 ) وروبرت اوين (1771 –1858 ) ، وقد لعبت هذه الأفكار دوراً هاماً في التمهيد لظهور الفلسفة الماركسية ، وخاصة المادية التاريخية ، لقد ارتكزت أفكار هؤلاء الرواد على مطالبتهم بضرورة انتشار الملكية العامة ( الجماعية ) والعمل الجماعي ، بما يسمح بالقضاء على بؤس الجماهير ، لكنهم لم يروا السبل المؤدية إلى التحول الاشتراكي وأنكروا دور الثورة والصراع الطبقي أو لم يفهموه ، واعتبروا أن الطريق إلى الاشتراكية يمر عبر التنوير وتعاون الطبقات ، وهو أمر مستحيل ، تلك هي مثاليتهم .
على ضوء الانجازات النظرية لأبرز رجالات الفلسفة والاقتصاد السياسي ، والاشتراكية الطوباوية ، وضع ماركس وانجلز نظرية فلسفية جديدة كل الجدة تجمع لأول مرة في تاريخ العلم بين المادية الفلسفية والمنهج الديالكتيكي ، وتعطي تفسيراً علمياً لحياة المجتمع البشري ، وبفضلهما تحول العلم الفلسفي ليصبح أداة بيد الطلائع المثقفة والقوى الكادحة والبروليتاريا في نضالها لتغيير العالم.
إن الفلسفة الماركسية هي علم عن قوانين علاقة الوعي بالعالم الموضوعي ، عن القوانين العامة للحركة في الطبيعة والمجتمع والفكر البشري .إن ظهور الماركسية في أربعينات القرن التاسع عشر ترافق مع تطور الرأسمالية وتَكَشُّف طبيعتها التناحرية وجوهرها القائم على الاستغلال والقهر .
الديالكتيك المادي كمنهج علمي في التفكير والمعرفة والممارسة :
الديالكتيك المادي باعتباره منهجاً – أو أسلوباً – علمياً في المعرفة هو مذهب في أعم قوانين تطور الطبيعة والمجتمع والمعرفة ، وهذا يعني أن قوانين الديالكتيك تصلح سواء على الحركة في الطبيعة أو التاريخ البشري أو على حركة الفكر .