مسامير وأزاهير ( 68 )... لنحكي بصراحة متناهية عن مبعدي كنيسة المهد !!!.
لننعش ذاكرتكم أولاً سادتي الأكارم ... فلربما اعترى البعض منكم نسيان تفاصيلها ومجرياتها وتداعياتها.
كان يا ما كان ، في مثل شهرنا ( الميمون ) هذا من عام 2002 ، وفي المسلسل الطويل والمستمر لمعاناة شعبنا الصامد المرابط وتصدي أبنائه للاحتلال الصهيوني الغاشم والقابع على أنفاسنا، فقد نفذت قوات الاحتلال الصهيوني ( وكعادتها دائماً !!) عملية واسعة النطاق في بعض مدن الضفة الغربية أطلق عليها العدو آنذاك عنوان " السور الواقي " حيث أقترفت خلالها عمليات إجرامية طالت بعض مدن ومخيمات الضفة الغربية بقيادة وتوجيه مجرم الحرب الشهير ارئيل شارون تم فيها اجتياح واقتحام دور وانتهاك حرمات بحجة الحفاظ على ما يسمى جزافاً بالأمن الوطني الصهيوني، ذاك الاجتياح الصهيوني قد تم إثر ردة فعل فلسطينية طبيعية لممارسات عدوانية لقوات الاحتلال تمثلت بعمليات مقاومة ( كفلها الشرع والدين واعترف بها القانون الدولي الوضعي ) قام بها شباب فلسطينيون مطالبين بتحرير وطنهم واسترداد حقوقهم السليبة وممارسة حياتهم الطبيعية أسوة بأهل الأرض كلها.
إن الحديث في شأن هذه الواقعة طويل وذو شجون ولا يكفيه سرداً مجلدات كثيرة لمسلسل أحداث مأساوية كانت قد جرت على شعبنا الصابر المحتسب والصامد وامتدت على طول حقبة الاحتلال الصهيوني وممارسات وحشية كان من نتائجها القتل والتشريد والتهجير، ولكننا سنأتي مباشرة واختصاراً للوقت إلى حيث مربط فرسنا والهدف الذي كتبنا من أجله مقالنا هذا ، فنقول ... وكنتيجة لعملية ( السور الواقي ) وردة الفعل الوحشية للقوات الصهيونية فقد قام عدد من المقاومين الفلسطينيين الذي يقارب عددهم المائتين وثلاثين عنصراً باللجوء والاحتماء داخل كنيسة المهد في بيت لحم ) الفلسطينية ) المقدسة لتحاصرهم هناك قوات الاحتلال مدة تسع وثلاثين يوماً كاملة في محاولة يائسة منها للقضاء على هذه النخبة الطيبة والمؤمنة من شباب فلسطين أو إجبارها على الاستسلام لها على أقل تقدير، فكان أن استشهد بتلك الواقعة البطولية والصمود التاريخي المذهل من تلك النخبة الطيبة من استشهد وتم إبعاد تسعة وثلاثين مجاهداً وزعوا على شتات الأرض بعد تدخل الاتحاد الأوربي كشرط على أن يكون الإبعاد وقتياً ولمدة عام واحد لا أكثر!!!.
وقبل أن نستكمل عملية إنعاش ذاكرة من تناسى تلك الواقعة ، فإنني أود أن أقحم سلطتنا الوطنية الفلسطينية في عملية إنعاش الذاكرة تذكيراً مني لها بالمسئولية التاريخية والوطنية والأخلاقية الملقاة على عاتقها من المنطلق القائل ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) أولاً وكون هؤلاء المبعدين إنما هم أبناء هذه الأرض الطيبة والذين كانوا يؤدون واجباً وطنياً في ظل وجود سلطة وطنية فلسطينية كان عليها أن تحميهم ثانياً، في محاولة مني لجذب انتباه سلطتنا الموقرة إلى أهمية قيامها بدورها الطبيعي والأخلاقي في ضرورة تحملها مسئولية فتح ملف هؤلاء المبعدين من الأبطال وإنهائه بالشكل الذي يلبي مطامحهم وذويهم ، تلك النخبة الشريفة من المبعدين الذين كانوا قد أدوا واجبهم الجهادي والبطولي في التصدي للمشروع الصهيوني وما طالهم جراء وقفتهم البطولية تلك من معاناة كبيرة لهم ولذويهم وأحبتهم جراء ذودهم عن حياض فلسطين وتاريخها وإرثها الشرعي سبع سنوات عجاف من النفي والإبعاد، لاسيما وأن مراحل التفاوض وإبرام اتفاق الإبعاد ذاك كان قد تم بإشرافهم ومساعيهم ومباركتهم.
لقد كان الاتفاق المبرم بين السلطة الوطنية الفلسطينية والكيان الصهيوني والذي كان قد تم بعلم وكفالة الاتحاد الأوربي على أن يكون إبعاد هؤلاء الرجال الأجاويد فترة وقتية لا تتعدى العام الواحد ليعودوا بعدها مجدداً إلى حضن وطنهم وحيث أحلامهم وآمالهم ليهنأ بهم ذووهم وتقر برؤيتهم عيون أبناء الصامد، ولقد استمرت دعوات المطالبة بفتح ملفهم طيلة سنوات الإبعاد دونما نتيجة تذكر، وها نحن اليوم تمر علينا الذكرى السابعة من الإبعاد في ظل تزايد المطالبة الشعبية والجماهيرية بعودتهم ولعل آخرها ذاك الاحتفال الجماهيري الذي نظمته مؤسسة " وطننا للشباب والتنمية " بتاريخ 9 أيار 2009 مع لجنة مبعدي كنيسة المهد تحت شعار ( أعيدوا أبناءنا من المنفى ) وفي بيت لحم وبحضور ذوي المبعدين وجمع غفير من أبناء شعبنا، فيما لايزال مصير عودتهم مجهولاً ولازالوا حيث أبعدوا قسراً في دول الشتات يتجرعهم الأسى واللوعة لفراق وطنهم وذويهم لا لشيء إلا لإيمانهم بعدالة قضيتهم ورفضهم الإذعان لاشتراطات العدو الصهيوني وتصديهم لمخططاته الإجرامية، علماً أن الأمر لم يقتصر على الإبعاد القسري والنفي إلى دول الشتات في أوربا كأسبانيا وإيرلندا وبلغاريا وغيرها فحسب، بل راحت أجهزة الأمن والمخابرات الصهيونية تلاحقهم وتطاردهم حيث وجدوا بغية تصفيتهم من الوجود وطي ملف عودتهم بعد أن فشلت في مسعاها ذاك داخل الأرض المحتلة والسليبة، وخير مثال على ذلك محاولة اغتيال المبعد القائد الميداني جهاد جعارة ( من قادة كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح في محافظة بيت لحم) والذي كان قد أبعد إلى أيرلندا.
لا أريد أن تأخذني الظنون السيئة والهواجس المقيتة تجاه جهود سلطتنا الوطنية الفلسطينية فأفسر إهمالها لهذه القضية الوطنية الملحة والرئيسية وإطالة أمد الإبعاد أو عدم فتح ملف عودتهم ( رغم كونه وقتياً ولمدة عام واحد حسب الاتفاق المبرم ) على أساس أنه تسويف وعدم جدية منهم في إنهاء ملف عودتهم، هذا إذا ما أخذنا بالحسبان والاعتبار وعدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلاً لنستذكر بأن هناك تفاهمات سابقة بين السلطة الوطنية وبين المحتل على تعطيل فعل المقاومة في مدن الضفة وتجفيف منابعه هناك من خلال حملات جمع السلاح من المقاومين بحجة منح التسوية فرصة للنجاح وإنجاح فرص ( السلام !!) مع العدو، لاسيما بأن من هؤلاء المبعدين من كانوا قد اشتركوا فعلاً في الانتفاضة الأولى عام 87 كالبطل جهاد جعارة على سبيل المثال لا الحصر والذي كان قد تعرض للاعتقال لأكثر من مرة وأمضى سبع سنوات في سجون الاحتلال قبل اندلاع انتفاضة 1987، هذا كما وشارك في انتفاضة الأقصى مما جعل العدو يطالب بإبعاده وغيره عن الأراضي الفلسطينية المحتلة أساساً!!
وأذكر سلطتنا الوطنية الفلسطينية مجدداً إلى أن عملية الإبعاد تلك كانت قد جرت استثناءاً واضحاً وتجاوزاً لكافة المواثيق والأعراف الدولية خاصة اتفاقية جنيف وقرار مجلس الامن 799، فما قام به أولئك المبعدون إنما يندرج تحت باب المقاومة الشرعية التي كفلها الشرع السماوي أولاً والقانون الدولي للاحتلال الغاشم ثانياً، وما على السلطة الوطنية إزاء هذه الحقيقة إلا أن تمارس الضغوط الدولية من أجل إعادتهم إلى ديارهم وذويهم بالتنسيق والتشاور مع الاتحاد الأوربي الذي كان قد كفل أن يكون هذا الإبعاد عن الديار والأهل مؤقتا آنذاك.
ختاماً أردد ما جرى على لسان الإمام علي بن أبي طالب ( كرم الله وجهه ) : من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومن من أساء به الظن.
أحسنوا في عـَقـِب غيركم تحفظوا في عقبكم.
سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
11 أيار 2009
لننعش ذاكرتكم أولاً سادتي الأكارم ... فلربما اعترى البعض منكم نسيان تفاصيلها ومجرياتها وتداعياتها.
كان يا ما كان ، في مثل شهرنا ( الميمون ) هذا من عام 2002 ، وفي المسلسل الطويل والمستمر لمعاناة شعبنا الصامد المرابط وتصدي أبنائه للاحتلال الصهيوني الغاشم والقابع على أنفاسنا، فقد نفذت قوات الاحتلال الصهيوني ( وكعادتها دائماً !!) عملية واسعة النطاق في بعض مدن الضفة الغربية أطلق عليها العدو آنذاك عنوان " السور الواقي " حيث أقترفت خلالها عمليات إجرامية طالت بعض مدن ومخيمات الضفة الغربية بقيادة وتوجيه مجرم الحرب الشهير ارئيل شارون تم فيها اجتياح واقتحام دور وانتهاك حرمات بحجة الحفاظ على ما يسمى جزافاً بالأمن الوطني الصهيوني، ذاك الاجتياح الصهيوني قد تم إثر ردة فعل فلسطينية طبيعية لممارسات عدوانية لقوات الاحتلال تمثلت بعمليات مقاومة ( كفلها الشرع والدين واعترف بها القانون الدولي الوضعي ) قام بها شباب فلسطينيون مطالبين بتحرير وطنهم واسترداد حقوقهم السليبة وممارسة حياتهم الطبيعية أسوة بأهل الأرض كلها.
إن الحديث في شأن هذه الواقعة طويل وذو شجون ولا يكفيه سرداً مجلدات كثيرة لمسلسل أحداث مأساوية كانت قد جرت على شعبنا الصابر المحتسب والصامد وامتدت على طول حقبة الاحتلال الصهيوني وممارسات وحشية كان من نتائجها القتل والتشريد والتهجير، ولكننا سنأتي مباشرة واختصاراً للوقت إلى حيث مربط فرسنا والهدف الذي كتبنا من أجله مقالنا هذا ، فنقول ... وكنتيجة لعملية ( السور الواقي ) وردة الفعل الوحشية للقوات الصهيونية فقد قام عدد من المقاومين الفلسطينيين الذي يقارب عددهم المائتين وثلاثين عنصراً باللجوء والاحتماء داخل كنيسة المهد في بيت لحم ) الفلسطينية ) المقدسة لتحاصرهم هناك قوات الاحتلال مدة تسع وثلاثين يوماً كاملة في محاولة يائسة منها للقضاء على هذه النخبة الطيبة والمؤمنة من شباب فلسطين أو إجبارها على الاستسلام لها على أقل تقدير، فكان أن استشهد بتلك الواقعة البطولية والصمود التاريخي المذهل من تلك النخبة الطيبة من استشهد وتم إبعاد تسعة وثلاثين مجاهداً وزعوا على شتات الأرض بعد تدخل الاتحاد الأوربي كشرط على أن يكون الإبعاد وقتياً ولمدة عام واحد لا أكثر!!!.
وقبل أن نستكمل عملية إنعاش ذاكرة من تناسى تلك الواقعة ، فإنني أود أن أقحم سلطتنا الوطنية الفلسطينية في عملية إنعاش الذاكرة تذكيراً مني لها بالمسئولية التاريخية والوطنية والأخلاقية الملقاة على عاتقها من المنطلق القائل ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) أولاً وكون هؤلاء المبعدين إنما هم أبناء هذه الأرض الطيبة والذين كانوا يؤدون واجباً وطنياً في ظل وجود سلطة وطنية فلسطينية كان عليها أن تحميهم ثانياً، في محاولة مني لجذب انتباه سلطتنا الموقرة إلى أهمية قيامها بدورها الطبيعي والأخلاقي في ضرورة تحملها مسئولية فتح ملف هؤلاء المبعدين من الأبطال وإنهائه بالشكل الذي يلبي مطامحهم وذويهم ، تلك النخبة الشريفة من المبعدين الذين كانوا قد أدوا واجبهم الجهادي والبطولي في التصدي للمشروع الصهيوني وما طالهم جراء وقفتهم البطولية تلك من معاناة كبيرة لهم ولذويهم وأحبتهم جراء ذودهم عن حياض فلسطين وتاريخها وإرثها الشرعي سبع سنوات عجاف من النفي والإبعاد، لاسيما وأن مراحل التفاوض وإبرام اتفاق الإبعاد ذاك كان قد تم بإشرافهم ومساعيهم ومباركتهم.
لقد كان الاتفاق المبرم بين السلطة الوطنية الفلسطينية والكيان الصهيوني والذي كان قد تم بعلم وكفالة الاتحاد الأوربي على أن يكون إبعاد هؤلاء الرجال الأجاويد فترة وقتية لا تتعدى العام الواحد ليعودوا بعدها مجدداً إلى حضن وطنهم وحيث أحلامهم وآمالهم ليهنأ بهم ذووهم وتقر برؤيتهم عيون أبناء الصامد، ولقد استمرت دعوات المطالبة بفتح ملفهم طيلة سنوات الإبعاد دونما نتيجة تذكر، وها نحن اليوم تمر علينا الذكرى السابعة من الإبعاد في ظل تزايد المطالبة الشعبية والجماهيرية بعودتهم ولعل آخرها ذاك الاحتفال الجماهيري الذي نظمته مؤسسة " وطننا للشباب والتنمية " بتاريخ 9 أيار 2009 مع لجنة مبعدي كنيسة المهد تحت شعار ( أعيدوا أبناءنا من المنفى ) وفي بيت لحم وبحضور ذوي المبعدين وجمع غفير من أبناء شعبنا، فيما لايزال مصير عودتهم مجهولاً ولازالوا حيث أبعدوا قسراً في دول الشتات يتجرعهم الأسى واللوعة لفراق وطنهم وذويهم لا لشيء إلا لإيمانهم بعدالة قضيتهم ورفضهم الإذعان لاشتراطات العدو الصهيوني وتصديهم لمخططاته الإجرامية، علماً أن الأمر لم يقتصر على الإبعاد القسري والنفي إلى دول الشتات في أوربا كأسبانيا وإيرلندا وبلغاريا وغيرها فحسب، بل راحت أجهزة الأمن والمخابرات الصهيونية تلاحقهم وتطاردهم حيث وجدوا بغية تصفيتهم من الوجود وطي ملف عودتهم بعد أن فشلت في مسعاها ذاك داخل الأرض المحتلة والسليبة، وخير مثال على ذلك محاولة اغتيال المبعد القائد الميداني جهاد جعارة ( من قادة كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح في محافظة بيت لحم) والذي كان قد أبعد إلى أيرلندا.
لا أريد أن تأخذني الظنون السيئة والهواجس المقيتة تجاه جهود سلطتنا الوطنية الفلسطينية فأفسر إهمالها لهذه القضية الوطنية الملحة والرئيسية وإطالة أمد الإبعاد أو عدم فتح ملف عودتهم ( رغم كونه وقتياً ولمدة عام واحد حسب الاتفاق المبرم ) على أساس أنه تسويف وعدم جدية منهم في إنهاء ملف عودتهم، هذا إذا ما أخذنا بالحسبان والاعتبار وعدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلاً لنستذكر بأن هناك تفاهمات سابقة بين السلطة الوطنية وبين المحتل على تعطيل فعل المقاومة في مدن الضفة وتجفيف منابعه هناك من خلال حملات جمع السلاح من المقاومين بحجة منح التسوية فرصة للنجاح وإنجاح فرص ( السلام !!) مع العدو، لاسيما بأن من هؤلاء المبعدين من كانوا قد اشتركوا فعلاً في الانتفاضة الأولى عام 87 كالبطل جهاد جعارة على سبيل المثال لا الحصر والذي كان قد تعرض للاعتقال لأكثر من مرة وأمضى سبع سنوات في سجون الاحتلال قبل اندلاع انتفاضة 1987، هذا كما وشارك في انتفاضة الأقصى مما جعل العدو يطالب بإبعاده وغيره عن الأراضي الفلسطينية المحتلة أساساً!!
وأذكر سلطتنا الوطنية الفلسطينية مجدداً إلى أن عملية الإبعاد تلك كانت قد جرت استثناءاً واضحاً وتجاوزاً لكافة المواثيق والأعراف الدولية خاصة اتفاقية جنيف وقرار مجلس الامن 799، فما قام به أولئك المبعدون إنما يندرج تحت باب المقاومة الشرعية التي كفلها الشرع السماوي أولاً والقانون الدولي للاحتلال الغاشم ثانياً، وما على السلطة الوطنية إزاء هذه الحقيقة إلا أن تمارس الضغوط الدولية من أجل إعادتهم إلى ديارهم وذويهم بالتنسيق والتشاور مع الاتحاد الأوربي الذي كان قد كفل أن يكون هذا الإبعاد عن الديار والأهل مؤقتا آنذاك.
ختاماً أردد ما جرى على لسان الإمام علي بن أبي طالب ( كرم الله وجهه ) : من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومن من أساء به الظن.
أحسنوا في عـَقـِب غيركم تحفظوا في عقبكم.
سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
11 أيار 2009