العرب الاسير اللبناني المحرر سمير القنطار (46 عاماً) في العاصمة
اللبنانية بيروت في لقاء هو الأول من نوعه بعد تحرره.
وكانت وشاح وصلت مع ابنها جبر الى لبنان في ساعة متأخرة من ليل أول من
أمس، والتقت بالقنطار وعدد آخر من الاسرى اللبنانيين في فندق في بيروت.
وتعانق القنطار مع والدته للحظات، أجهشت خلالها أم جبر بالبكاء قبل أن
يمسح سمير دموعها ويقبلها في رأسها ويعانقها طويلاً، في مشهد يتناقض مع
المصافحة التي كانت تتم بينهما في السجن عندما نجحت في زيارته بشكل متواصل
لمدة عشرة سنوات (1989-1999).
وكان المصافحة تتم في معتقل نفحة الصحراوي جنوب النقب في فلسطين المحلتة
من خلال مربعات الحديد. ويسمح لزوار السجون الإسرائيلية بالتحدث مع
المعتقلين من وراء القضبان حيث يمكن فقط تمرير الأصابع بصعوبة، كما ان
هناك بعض السجون التي تعتمد وضع زجاج عازل بدل القضبان وذلك لمنع أي تواصل
انساني بين السجين وعائلته.
وخاطب القنطار والدته بحضور وسائل الاعلام قائلا: " "انتي كنتي تقولين لي
أن باب السجن لا يغلق امام أحد. لقد كنتي محقة. ها قد اتى اليوم وتحققت
امنيتي وخرجت من السجن ورأيتك". واضاف: أم جبر تختصر فلسطين. لقد مضى أكثر
من عشرة سنوات وانا لم ارها. فلسطين ترتسم على قسمات وجهها. لقد قاومت وما
زالت تقاوم وكانت غذاء صمودنا ومعنوياتها العالية تذكرنا اننا علينا ان
نكمل درب المقاومة والصمود من أجل تحقيق الاهداف التي اعتقلنا من أجلها".
بدورها قالت أم جبر وشاح: " انا أحمل أمانة من أمهات وزوجات وابناء الاسرى
لسماحة السيد حسن نصر الله ان لا ينساهم. الكل فرح في فلسطين لخروج سمير
القنطار وهم حملوني الف تحية والف سلام له.
وعن رحلتها من غزة الى بيروت قالت وشاح: منذ حوالي الشهر نجحت في عبور رفح
بعد ان امضيت يوم بكامله على الحدود. ومن مصر انتظرت ايام عدة للحصول على
تأشيرة دخول الى الأردن. وهناك انتظرت عدة ايام للحصول على تأشيرة دخول
الى سوريا. وأمنتي قبل ان اغادر هذه الدنيا ان تفتح الحدود العربية وان
يستطيع الانسان العربي ان يغادر ويعود الى بلده عندما يريد".
وشرحت ام جبر المعانة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع
مطالبة برفع الحصار ومتمنية ان تتحقق الوحدة الوطنية بين جميع الافرقاء
الفلسطينيين.
يذكر أن وشاح كانت تخطط لزيارة لبنان منذ اوائل تموز الماضي لتكون على رأس
المستقبلين للقنطار الذي صادقت الحكومة الاسرائيلية على اطلاقه سراحة في
29 حزيران 2008، وشكلت هذه المصادقة في حينها اشارة جدية على قرب اتمام
صفقة تبادل مع حزب الله لاستعادة جثتي الجنديين الاسرائيليين الداد رغييف
وايهود غولدفاسر. ولقد تم تنفيذها يوم 16 تموز 2008 وادت الى اطلاق
القنطار واربعة من مقاتلي حزب الله واستعادة 197 رفات لمقاتلين لبنانين
وفلسطينيين وعرب سقطوا خلال معارك عسكرية مع قوات الاحتلال الاسرائيلي منذ
العام 1975 وكانوا مدفونين في مقبرة الارقام الجماعية في شمال فلسطين
المحتلة.
وبعد ان منعت السلطات المصرية عبور وشاح، تحول منزلها في مخيم البريج في
قطاع غزة الى محجة. حيث استضاف مئات المهنئين في اليوم الذي تمت فيه صفقة
التبادل التي رعاها وسيط أممي. ومن بين المهنئين رئيس الوزراء الفلسطيني
اسماعيل هنية إضافة الى عشرات امهات الاسرى الفلسطنيين اللواتي لم تتركهن
ام جبر يوماً وكانت تسبقهن دائماً الى اعتصامهن الاسبوعي امام مقر الصليب
الأحمر الدولي كل نهار اثنين في غزة.
وكانت أم جبر تبنت سمير القنطار عام 1986 ودأبت على زيارته في سجنه عندما
كان ابنها موجوداً في السجن نفسه. وبعد اطلاق ابنها جبر وشاح، لم تسمح
سلطات الاحتلال لأم جبر بزيارة سمير القنطار إلا مرة واحد فقط بعدما
انتزعت قراراً من المحكمة الاسرائيلية العليا يتيح لها ذلك.