جنوبي صحراء النقب، تخوفاً شديداً لدى المواطنين الفلسطينيين، خاصة
القاطنين على الحدود مع إسرائيل، عندما أكتشف الأطباء عدد من أجنة داخل
أرحام أمهاتهم في حالة تشوهات غير طبيعية، الأمر الذي حذا بمؤسسات حقوقية
فلسطينية من التحذير حول تلك الخطورة، وكذلك الحكومة الفلسطينية التي
سارعت في زيارة المنطقة لإستكشاف ما يحدث هناك.
وشكلت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة لجنة يترأسها الدكتور فؤاد العيسوي
مدير عام الرعاية، الذي قام بجولة تفقدية لشرق محافظة خان يونس المستهدفة،
لمتابعة تخوف وجود تشوهات خلقية عند النساء الحوامل لاحتمال إصابتها
بإشعاعات ناتجة عن نفايات نووية قد تكون إسرائيل قد ألقتها في تلك
المنطقة، وهي مخالفات ناتجة عن مفاعل ديمونا النووي.
التشوهات الخلقية التي ظهرت شرق محافظة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، بدأت في
الحيوانات أولاً، ثم إنتقلت إلى سيدتين فلسطينيتين من عائلة واحدة تعيشان
على الحدود مع إسرائيل، عندما بيّن الفحص التلفزيوني أن الأجنة في أرحامهن
مشوهين لحد غير طبيعي. وتعيش عائلة قديح التي يعتقد أنه أصابها الإشعاع
النووي الإسرائيلي على الحدود مع إسرائيل، يعمل معظمهم في الزراعة وتربية
الحيوانات. وقال أحدهم لإيلاف أن ماعز لديه ولدت قبل أيام وليدها بدون رأس.
ومن المقرر أن تقوم وزارة الصحة في غزة بإجراء مسح ميداني لأهالي منطقة
خزاعة وخصوصا الحوامل والمصابين بالسرطان، وتحديدا 'سرطان الجلد والدم'،
وعلى ضوء نتائج الفحوصات سيتم التعرف على حقيقة احتمالية وجود إشعاعات
نووية خلفها الاحتلال في المنطقة من عدمه.
ويشير بعض الأطباء لإيلاف أن مرض سرطان الدم والذي يعتبر احد الأمراض الذي
قد يصاب الفلسطينيين به، نتيجة المخلفات النووية والكيماوية الإسرائيلية
السامة والخطيرة التي يتم دفنها في بعض المناطق الفلسطينية سواء في الضفة
الغربية أو قطاع غزة . وأوضحوا أنه من الأسباب الرئيسية للإصابة بسرطان
الدم، يعود إلى تلوث مياه الشرب، إضافة إلى دفن مخلفات من المواد المشعة
التي تلوث الماء والهواء والتربة، وبالتأكيد ستؤدي إلى إلحاق الأذى
بالأجنة ما ينتج عن ولادة أجنة دون أيدي ومنهم من يولد بتشوهات في وجهه
وجسمه.
من جانبها، أعربت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان عن قلقها الشديد من
'التداعيات البيئة و الصحية السلبية القاتلة التي تخلفها ممارسات سلطات
الإحتلال الإسرائيلي في المناطق الحدودية وذلك جراء خطر ارتفاع نسب
الإشعاع النووي المنبعثة من المفاعلات النووية الإسرائيلية أو جراء دفن
المخلفات النووية الناتجة عن بعض المصانع الإسرائيلية على طول الحدود من
قطاع غزة.
وحسب مصادر 'الضمير' وتحقيقاتها فقد زادت خلال العامين السابقين نسب ولادة
الأجنة المشوهة في المناطق الشرقية من قطاع غزة، و يرجح المختصون السبب في
ذلك إلى الإشعاعات المنبعثة من المفاعلات النووية أو قيام إسرائيل بدفن
مخلفاتها النووية على طول الحدود مع قطاع غزة.
وأوضحت الضمير أن 'مخاوف و شكوك المواطنين في منطقة خزاعة شرق خان يونس
تزايدت عندما تم اكتشاف' نعجة' تنجب خروفاً مكتمل النمو، لكنه بلا رأس،
وله أذنان فقط ويتنفس بينهما لبضع دقائق قبل أن ينفق، كما تم الكشف عن
وجود حالات تشوه لدى الأجنة في بطون أمهاتهم، عرف منها حالتان الحالة
الأولى لسيدة أكد الأطباء أنها تحمل جنينا بنصف رأس، حيث الجزء العلوي من
الرأس لا يظهر، مرجحين وفاة الجنين فور ولادته،و الحالة لسيدة أخرى تنتظر
إنزال جنينها الذي أكد الأطباء أيضا أن لديه تشوها خلقيا في رأسه'.
وكان 'إيهود يعاري' احد المعلقين في التلفزيون الإسرائيلي القناة الثانية
قال إن منطقة 'حلوتسا الواقعة داخل الأراضي المحتلة عام 48 والمحاذية
تمامًا لقطاع غزة'، تستخدم منذ زمن لدفن المخلفات الذرية الناتجة عن العمل
في مفاعل ديمونا.
الجدير ذكره أن مفاعل ديمونا الإسرائيلي الموجود بصحراء النقب منذ عام
1965م مكوَّن من تسعة مبانٍ، وقد تخصص كل مبنى من تلك المباني التسع في
إنتاج نوع معين من المواد التي تُستعمل في إنتاج الأسلحة النووية، وتشير
بعض التقارير أن المفاعل أصبح قديمًا بحيث تآكلت جدرانه العازلة، وهو ما
قد يؤدي إلى تسرب بعض الإشعاعات من المفاعل، وهو ما قد يحدث أضرارًا بيئية
وصحية جمة لسكان المنطقة بشكل عام.
وتكشف إسرائيل 48% فقط من المناطق الرسمية لدفن النفايات السامة لمصانعها،
إلا أن 52% من هذه النفايات الخطيرة لم يعرف أماكن دفنها، وذلك حسب العديد
من الدراسات العلمية و الأبحاث التي أجراها مختصين في حماية البيئة.
*ايلاف-نجلاء عبد ربه