مع الإفراج عن أقدم الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال أحمد جبارة "أبو السكر" أصبح الأسير سعيد العتبة من مدينة نابلس أقدم أسرى الحرية الفلسطينيين و عميدهم خلف قضبان السجون الصهيونية .
و في بيت سعيد دويكات الكائن في جسر التيتي في مدينة نابلس جلست والدته و شقيقتاه ليحدّثونا عن ستة و عشرين عاماً قضاها سعيد بين أحضان السجون .
فقد ولد الأسير سعيد دويكات في 5/1/1951 و أنهى دراسة الثانوية العامة في مدارس نابلس ليعتقل و هو في السادسة و العشرين من عمره . و هنا يبدأ شلال الذكريات بالتدفق من عيون والدة الأسير سعيد و هي تحتضن صورته بشغفٍ كبير لتنطلق الأشجان مختلطة بالزفرات الحرّى من بين شفتيها حيث تقول : "بتاريخ 27/7/1977 كنا قد ذهبنا لخطبة إحدى الفتيات لسعيد ، فقد كان قراره أن يتزوّج و يتأهّل و يبدأ بإنشاء الأسرة التي ستكون له قرة العين و راحة البال ، و قبل أن نحصل على جواب أهلها و بعد يومين فقط من الطلب حضرت القوات الصهيونية إلى المنزل في الساعة الرابعة فجراً" .
و رغم مرور ربع قرنٍ على ذلك الحادث ما زالت أم راضي تتذكّر ذلك اليوم فقد اقتحم الجنود البيت و قاموا بتحطيم كلّ ما فيه قبل أن يقتادوا سعيداً و شقيقه نضال إلى المعتقل .
نضال أمضى في السجن عاماً كاملاً ثم أفرج عنه ليواصل دراسته و يصبح طبيباً في حين بقيَ سعيد حتى اليوم خلف قضبان السجون . و بكلّ أسى تذكّر أم راضي أن نفس اليوم الذي اعتقل فيه سعيد كان لدى الأسرة مناسبة فرح أخرى غير الاستعداد لخطبة سعيد و هي زواج شقيقته الذي صادف نفس اليوم لتحوّل غربان الليل فرحة الأعراس إلى أحزان الوداع و ضيق الفراق الذي لم يتوقع أحد أن يمتدّ كلّ ذلك الزمان .
و تتحدّث والدة سعيد عنه بأنه كان مضرب المثل بين أقرانه و أصدقائه و جيرانه ، حيث كان يعمل في مجال تمديدات الكهرباء و لحام الحديد غير أنه كان إنساناً وطنياً و سياسياً عالي الثقافة متابعاً للأحداث و أنه قد سافر غير مرة إلى دمشق و بغداد .
أما شقيقته سناء فتصف سعيد بأنه شخصٌ لبق و واعٍ و اجتماعيّ و أنه حتى ساعة اعتقاله لم يبدَ منه ما يشير إلى عضويته بأيّ تنظيم مسلح . و تتابع قائلة : "كان العمل الوطني في السبعينات مختلفاً عما هو عليه الآن ، فالمشاركون فيه قلّة و من يسير في مسيرة أو يشترك بمظاهرة أو يوزّع منشوراً يحصل على حكم عالٍ جداً من المحاكم الصهيونية".
و تضيف أنه رغم ذلك فإن سعيد انخرط بالعمل الوطني رغم قلة العاملين في ذلك المجال إبان تلك الفترة من السبعينات . و تسعفها الذاكرة لتذكر كيف طلب إليها جمع الأزهار ذات مرة من رابية قريبة من البيت لتعلم أن تلك الأزهار كانت بهدف صناعة الأكاليل للشهيدة لينا النابلسي .
و عن ظروف اعتقاله تقول شقيقته سناء إن أحد رفاقه في العمل المسلح قد اعتقل أثناء توجّهه لزرع عبوات في سوق الكرمل بين يافا و تل أبيب و رغم علم سعيد بذلك إلا أنه اختار البقاء في الوطن حيث كان بإمكانه مغادرة الضفة الغربية قبل اكتشاف أمره و أنه يقف خلف المجموعة التي كانت تنفّذ تلك العمليات .
و تضيف أن زميله الذي اعتقل قد أجبر تحت ضغط التعذيب الشديد على الاعتراف عن سعيد و بعد ثلاثة أيام من اعتقاله تم اعتقال سعيد و إغلاق منزله حيث وجّهت له تهمة الاتصال برجال المقاومة الفلسطينية و التخطيط و الإشراف و المسؤولية عن تنفيذ عمليات مسلحة ضد الاحتلال إضافة إلى اعتباره أحد أبرز خبراء تحضير العبوات الناسفة و قيادته للجناح المسلح للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في ذلك الحين .
و تقول والدة الأسير سعيد إنه و بعد اعتقاله أصبح عضواً في المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية و أحد صانعي قرارها قبل أن يلتحق باتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني (فدا) و يصبح عضواً في مكتبها السياسي كذلك من داخل المعتقل ، حيث يلعب الأسرى الفلسطينيون خاصة أصحاب المحكوميات العالية دوراً هامّاً و أساسياً في المعركة السياسية للشعب الفلسطيني .
و تضيف الوالدة أنه رغم تبوئه لهذه المواقع الهامة لم تنجح تبادلات الأسرى المعقودة بين الفصائل الفلسطينية و الاحتلال في الإفراج عنه خاصة و أن تبادل العام 1985 مع الجبهة الشعبية القيادة العامة قد منحه فرصة كبيرة حيث كان قد أمضى في ذلك الحين 9 سنوات .
بقية المعاناة :
و لم تتوقّف معاناة تلك الأسرة على انقلاب أفراحها إلى أحزان و ويلات باعتقال سعيد ، فقد مكث سعيد في سجن نابلس عاماص واحداً ثم انتقل إلى سجن بئر السبع فعسقلان قبل أن يُعاد إلى سجن جنيد لينتقل بعدها إلى سجن نفحة الصحراوي .
و في إحدى الزيارات بتاريخ 13/12/1989 لم يحتمل الوالد أبو راضي وضع ابنه داخل السجن فأصيب في السجن بجلطة قلبية على باب السجن و نقل بعدها إلى مستشفيات نابلس حيث أصابته الجلطة الثانية و توفي على الفور .
و تتحدث الوالدة التي أضناها الشوق و زاد البعد من ألمها عن بقية المعاناة حيث إنها لم تتمكّن من زيارته منذ ثلاثة أعوام ، و تتابع أنها آخر مرة رأته داخل السجن كان يعاني من ضعفٍ في البصر إضافة إلى خلع أسنانه و اهتراء لثّته و ضعف حالته الجسدية و نحل قوامه اللافت .
و تقول الوالدة إنها حين أبدت قلقها عليه ابتسم و أخذ يرفع من معنوياتها و يشدّ أزرها و يقوّي عزيمتها و هو يقول (سأحضر لك معتقلاً أقدم مني) ، و فعلاً نادى على زميله الأسير "أبو السكر" الذي حضر و أبلغها أن وضعهم بخير رغم إمضائهم قرابة الربع قرن داخل السجن ، و هنا تتدخّل الشقيقة الأخرى لتقول لنا : "لقد أمضى سعيد داخل المعتقل 26 عاماً ، أي أكثر من اليوبيل الفضي بعام ، فالناس عادة يكرمون العلماء و المبدعين و المراكز الإبداعية بعد 25 عاماً على مشوارها ، أفلا يستحق سعيد إكراماً بعد 25 عاماً من مشوار السجن" ، و تضيف : "نحن نتفهّم أن الحكومة الصهيونية لا تتجاوب عادة مع رغبات الفلسطينيين لكننا في نفس الوقت نشعر أن هناك تقصيراً من المؤسسات الرسمية و الوطنية و الشعبية التي كان من الواجب أن تتكاتف جهودها لإطلاق سراح سعيد" ، و تضيف : "من سمع بمعاناة سعيد ؟؟ لا أحد ، رغم أنه قد اعتقل لقضية وطنية تختص بالناس جميعاً ، ليس حقّه على تنظيمه فحسب ، الجميع مقصّر ، الجميع يجب أن يفعّلوا موضوع سعيد ، لقد آن الأوان أن يغلق ملف اعتقاله ، لقد آن الأوان أن يخرج سعيد من سجنه ، 26 عاماً هي فترة كافية لتحلّل الجسد داخل القبر و مع ذلك فإن سعيد ما زال يعيش مع الأمل من داخل المعتقل" .
و أضافت تقول : "أين قضية سعيد من طاولة المفاوضات الحالية و أين إخوانه الأسرى الذين أمضوا محكوميات طويلة ، لماذا الإفراج فقط عن الذين تبقّت لانقضاء محكومياتهم أيام قليلة ؟ و لماذا نقبل التوقيع على أيّ اتفاق لا يشير إليهم مجرد إشارة ، بالأمس مدريد ثم أوسلو و نحن الآن نستشرف خارطة الطريق فهل ستقود سعيد و رفاقه إلى طريق الشمس التي حرّموا منها في عالم الحرية أم سيغلق الباب أمام هذا الحلم من جديد ، و يطوي قصتهم سجل النسيان ، و يجب أن تكون هناك متابعة لأولويات المطالبات بالإفراج حسب المدة التي يقضيها المعتقل داخل السجن" .
و تقول شقيقة الأسير سعيد سناء : "لقد تقدّم أحد المحامين بطلب استئناف ضد الحكم الصادر بحق سعيد و مدته مؤبّد و ضد إغلاق البيت غير أن الاحتلال لم يتجاوب مع الاستئناف و بقي سعيد على حكمه و بقي البيت مغلقاً مدة 17 عاماً .
و عن سعيد تقول الوالدة : "لقد كنّى سعيد نفسه باسم أبو الحسن غير أنه داخل المعتقل أصبح يسمى "أبو الحكم" من قبل زملائه الأسرى حيث عرف بأنه حاكم عادل و طرف توفيقي يسعى دوماً للتصالح و المصالحة بين الفصائل عند أيّ إشكال ، و أنه قد تميّز بعلاقاته الطيبة من الجميع داخل المعتقل و هو ما جعله أحد الرموز العامة للأسرى و يلاقي هناك قبولاً عاماً من جميع السجناء" .
و تختتم الوالدة حديثها بعن سعيد بالقول : "إن الفرح قريب إن شاء الله و ابق يا سعيد كما عرفناك صابراً صامداً محتسباً و إن شاء الله بعد أبو السكر يكون دورك يا سعيد و إن غداً لناظره لقريب" .
حكاية الأسير سعيد العتبة ... حكاية تراكم على بطلها غبار النسيان و الإهمال خلف قضبان السجون دون أن يمنع ذلك الغبار قلباً حياً عن الخفقان و دون أن يحد علو الأسوار شوق القلب الملتاع من ألم الفراق ، و حتى تشرق شمس الحرية من جديد على سعيد تبقى أسرته في جبل النار تتمسّك بصلات غالية و رجاء كبير من الله عز و جل أن يسخر للإفراج عنه ما شاء الله من أسباب .
و في بيت سعيد دويكات الكائن في جسر التيتي في مدينة نابلس جلست والدته و شقيقتاه ليحدّثونا عن ستة و عشرين عاماً قضاها سعيد بين أحضان السجون .
فقد ولد الأسير سعيد دويكات في 5/1/1951 و أنهى دراسة الثانوية العامة في مدارس نابلس ليعتقل و هو في السادسة و العشرين من عمره . و هنا يبدأ شلال الذكريات بالتدفق من عيون والدة الأسير سعيد و هي تحتضن صورته بشغفٍ كبير لتنطلق الأشجان مختلطة بالزفرات الحرّى من بين شفتيها حيث تقول : "بتاريخ 27/7/1977 كنا قد ذهبنا لخطبة إحدى الفتيات لسعيد ، فقد كان قراره أن يتزوّج و يتأهّل و يبدأ بإنشاء الأسرة التي ستكون له قرة العين و راحة البال ، و قبل أن نحصل على جواب أهلها و بعد يومين فقط من الطلب حضرت القوات الصهيونية إلى المنزل في الساعة الرابعة فجراً" .
و رغم مرور ربع قرنٍ على ذلك الحادث ما زالت أم راضي تتذكّر ذلك اليوم فقد اقتحم الجنود البيت و قاموا بتحطيم كلّ ما فيه قبل أن يقتادوا سعيداً و شقيقه نضال إلى المعتقل .
نضال أمضى في السجن عاماً كاملاً ثم أفرج عنه ليواصل دراسته و يصبح طبيباً في حين بقيَ سعيد حتى اليوم خلف قضبان السجون . و بكلّ أسى تذكّر أم راضي أن نفس اليوم الذي اعتقل فيه سعيد كان لدى الأسرة مناسبة فرح أخرى غير الاستعداد لخطبة سعيد و هي زواج شقيقته الذي صادف نفس اليوم لتحوّل غربان الليل فرحة الأعراس إلى أحزان الوداع و ضيق الفراق الذي لم يتوقع أحد أن يمتدّ كلّ ذلك الزمان .
و تتحدّث والدة سعيد عنه بأنه كان مضرب المثل بين أقرانه و أصدقائه و جيرانه ، حيث كان يعمل في مجال تمديدات الكهرباء و لحام الحديد غير أنه كان إنساناً وطنياً و سياسياً عالي الثقافة متابعاً للأحداث و أنه قد سافر غير مرة إلى دمشق و بغداد .
أما شقيقته سناء فتصف سعيد بأنه شخصٌ لبق و واعٍ و اجتماعيّ و أنه حتى ساعة اعتقاله لم يبدَ منه ما يشير إلى عضويته بأيّ تنظيم مسلح . و تتابع قائلة : "كان العمل الوطني في السبعينات مختلفاً عما هو عليه الآن ، فالمشاركون فيه قلّة و من يسير في مسيرة أو يشترك بمظاهرة أو يوزّع منشوراً يحصل على حكم عالٍ جداً من المحاكم الصهيونية".
و تضيف أنه رغم ذلك فإن سعيد انخرط بالعمل الوطني رغم قلة العاملين في ذلك المجال إبان تلك الفترة من السبعينات . و تسعفها الذاكرة لتذكر كيف طلب إليها جمع الأزهار ذات مرة من رابية قريبة من البيت لتعلم أن تلك الأزهار كانت بهدف صناعة الأكاليل للشهيدة لينا النابلسي .
و عن ظروف اعتقاله تقول شقيقته سناء إن أحد رفاقه في العمل المسلح قد اعتقل أثناء توجّهه لزرع عبوات في سوق الكرمل بين يافا و تل أبيب و رغم علم سعيد بذلك إلا أنه اختار البقاء في الوطن حيث كان بإمكانه مغادرة الضفة الغربية قبل اكتشاف أمره و أنه يقف خلف المجموعة التي كانت تنفّذ تلك العمليات .
و تضيف أن زميله الذي اعتقل قد أجبر تحت ضغط التعذيب الشديد على الاعتراف عن سعيد و بعد ثلاثة أيام من اعتقاله تم اعتقال سعيد و إغلاق منزله حيث وجّهت له تهمة الاتصال برجال المقاومة الفلسطينية و التخطيط و الإشراف و المسؤولية عن تنفيذ عمليات مسلحة ضد الاحتلال إضافة إلى اعتباره أحد أبرز خبراء تحضير العبوات الناسفة و قيادته للجناح المسلح للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في ذلك الحين .
و تقول والدة الأسير سعيد إنه و بعد اعتقاله أصبح عضواً في المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية و أحد صانعي قرارها قبل أن يلتحق باتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني (فدا) و يصبح عضواً في مكتبها السياسي كذلك من داخل المعتقل ، حيث يلعب الأسرى الفلسطينيون خاصة أصحاب المحكوميات العالية دوراً هامّاً و أساسياً في المعركة السياسية للشعب الفلسطيني .
و تضيف الوالدة أنه رغم تبوئه لهذه المواقع الهامة لم تنجح تبادلات الأسرى المعقودة بين الفصائل الفلسطينية و الاحتلال في الإفراج عنه خاصة و أن تبادل العام 1985 مع الجبهة الشعبية القيادة العامة قد منحه فرصة كبيرة حيث كان قد أمضى في ذلك الحين 9 سنوات .
بقية المعاناة :
و لم تتوقّف معاناة تلك الأسرة على انقلاب أفراحها إلى أحزان و ويلات باعتقال سعيد ، فقد مكث سعيد في سجن نابلس عاماص واحداً ثم انتقل إلى سجن بئر السبع فعسقلان قبل أن يُعاد إلى سجن جنيد لينتقل بعدها إلى سجن نفحة الصحراوي .
و في إحدى الزيارات بتاريخ 13/12/1989 لم يحتمل الوالد أبو راضي وضع ابنه داخل السجن فأصيب في السجن بجلطة قلبية على باب السجن و نقل بعدها إلى مستشفيات نابلس حيث أصابته الجلطة الثانية و توفي على الفور .
و تتحدث الوالدة التي أضناها الشوق و زاد البعد من ألمها عن بقية المعاناة حيث إنها لم تتمكّن من زيارته منذ ثلاثة أعوام ، و تتابع أنها آخر مرة رأته داخل السجن كان يعاني من ضعفٍ في البصر إضافة إلى خلع أسنانه و اهتراء لثّته و ضعف حالته الجسدية و نحل قوامه اللافت .
و تقول الوالدة إنها حين أبدت قلقها عليه ابتسم و أخذ يرفع من معنوياتها و يشدّ أزرها و يقوّي عزيمتها و هو يقول (سأحضر لك معتقلاً أقدم مني) ، و فعلاً نادى على زميله الأسير "أبو السكر" الذي حضر و أبلغها أن وضعهم بخير رغم إمضائهم قرابة الربع قرن داخل السجن ، و هنا تتدخّل الشقيقة الأخرى لتقول لنا : "لقد أمضى سعيد داخل المعتقل 26 عاماً ، أي أكثر من اليوبيل الفضي بعام ، فالناس عادة يكرمون العلماء و المبدعين و المراكز الإبداعية بعد 25 عاماً على مشوارها ، أفلا يستحق سعيد إكراماً بعد 25 عاماً من مشوار السجن" ، و تضيف : "نحن نتفهّم أن الحكومة الصهيونية لا تتجاوب عادة مع رغبات الفلسطينيين لكننا في نفس الوقت نشعر أن هناك تقصيراً من المؤسسات الرسمية و الوطنية و الشعبية التي كان من الواجب أن تتكاتف جهودها لإطلاق سراح سعيد" ، و تضيف : "من سمع بمعاناة سعيد ؟؟ لا أحد ، رغم أنه قد اعتقل لقضية وطنية تختص بالناس جميعاً ، ليس حقّه على تنظيمه فحسب ، الجميع مقصّر ، الجميع يجب أن يفعّلوا موضوع سعيد ، لقد آن الأوان أن يغلق ملف اعتقاله ، لقد آن الأوان أن يخرج سعيد من سجنه ، 26 عاماً هي فترة كافية لتحلّل الجسد داخل القبر و مع ذلك فإن سعيد ما زال يعيش مع الأمل من داخل المعتقل" .
و أضافت تقول : "أين قضية سعيد من طاولة المفاوضات الحالية و أين إخوانه الأسرى الذين أمضوا محكوميات طويلة ، لماذا الإفراج فقط عن الذين تبقّت لانقضاء محكومياتهم أيام قليلة ؟ و لماذا نقبل التوقيع على أيّ اتفاق لا يشير إليهم مجرد إشارة ، بالأمس مدريد ثم أوسلو و نحن الآن نستشرف خارطة الطريق فهل ستقود سعيد و رفاقه إلى طريق الشمس التي حرّموا منها في عالم الحرية أم سيغلق الباب أمام هذا الحلم من جديد ، و يطوي قصتهم سجل النسيان ، و يجب أن تكون هناك متابعة لأولويات المطالبات بالإفراج حسب المدة التي يقضيها المعتقل داخل السجن" .
و تقول شقيقة الأسير سعيد سناء : "لقد تقدّم أحد المحامين بطلب استئناف ضد الحكم الصادر بحق سعيد و مدته مؤبّد و ضد إغلاق البيت غير أن الاحتلال لم يتجاوب مع الاستئناف و بقي سعيد على حكمه و بقي البيت مغلقاً مدة 17 عاماً .
و عن سعيد تقول الوالدة : "لقد كنّى سعيد نفسه باسم أبو الحسن غير أنه داخل المعتقل أصبح يسمى "أبو الحكم" من قبل زملائه الأسرى حيث عرف بأنه حاكم عادل و طرف توفيقي يسعى دوماً للتصالح و المصالحة بين الفصائل عند أيّ إشكال ، و أنه قد تميّز بعلاقاته الطيبة من الجميع داخل المعتقل و هو ما جعله أحد الرموز العامة للأسرى و يلاقي هناك قبولاً عاماً من جميع السجناء" .
و تختتم الوالدة حديثها بعن سعيد بالقول : "إن الفرح قريب إن شاء الله و ابق يا سعيد كما عرفناك صابراً صامداً محتسباً و إن شاء الله بعد أبو السكر يكون دورك يا سعيد و إن غداً لناظره لقريب" .
حكاية الأسير سعيد العتبة ... حكاية تراكم على بطلها غبار النسيان و الإهمال خلف قضبان السجون دون أن يمنع ذلك الغبار قلباً حياً عن الخفقان و دون أن يحد علو الأسوار شوق القلب الملتاع من ألم الفراق ، و حتى تشرق شمس الحرية من جديد على سعيد تبقى أسرته في جبل النار تتمسّك بصلات غالية و رجاء كبير من الله عز و جل أن يسخر للإفراج عنه ما شاء الله من أسباب .