فلسطين ما قبل التاريخ :
تسمية فلسطين : عرفت فلسطين منذ القدم بأرض كنعان كما وردت في تقارير أحد القادة العسكريين لدى ملك( ماري )، ووردت بوضوح على مسلة (أدريمي ) ملك الالاخ ( تل العطشانة ) في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد .
وإن أصل كلمة فلسطين كما وردت في السجلات الآشورية في عهد الملك الآشوري (أدديزاري الثالث ) حوالي 800 ق.م ، هو ( فلستيا) ، إذ يذكر على مسلته أنه في السنة الخامسة من حكمه أخضعت قواته فلستوpalastu ، وأجبرت أهلها على دفع الضريبة .
كما تركزت صيغة التسمية ( بالستاين ) عند هيرودوتس Herodotus على أسس آرامية، ونجد عنده أحياناً أنه مكان يطلق على الجزء الجنوبي من سوريا أو (سوريا الفلسطينية ) بجوار فينيقيا وحتى حدود مصر ، وكذلك استعمل هذه التسمية المؤرخون الرومان من أمثال اغاثار شيدسAgathar chides وسترابو STRABO وديو دوروس Diodoru.
لقد اصبح اسم فلسطين في العهد الروماني ينطبق على جميع الأرض المقدسة ، وغدا مصطلحاً رسميا منذ عهد ( هدريان)Hadrian ، فانتشر استعمال هذا الاسم في الكنيسة المسيحية على نطاق واسع، وكان يشار إليه دائماً في تقارير الحجاج المسيحيين، أما في العهد الإسلامي فقد كانت فلسطين جزءاً من بلاد الشام .
-لقد ساعدت خصوبة أرض فلسطين وموقعها المتميز على وجود الإنسان فيها منذ أقدم العصور، حيث كان لها دور بارز في عملية الاتصال الحضاري بين المناطق المختلفة في العالم وذلك لموقعها المتوسط منه ،مما ساعد على كتابة تاريخها منذ القدم .
العصر الحجري القديم:
اتفق العلماء على أن الانسان وجد على أرض فلسطين وهو ما يسمى بالانسان (منتصب القامة) كما دلت على ذلك الحفريات الأثرية ، وكان هؤلاء الاسلاف صيادين متنقلين سعياً وراء قطعان الحيوانات المختلفة، ويذكر أن الانسان القديم في هذه الفترة مر بمراحل تطور مختلفة، وبدأ يطور استخدام أدواته وأساليب صيده المصنوعة من الصوان .
في الفترة الثالثة من العصر الحجري ظهرالانسان العاقل، وكانت السكين المصنوعة من الرقائق الطويلة من الأدوات الرئيسية التي استعملت في هذه الفترة ، ولقد تم العثور على الانسان العاقل داخل الكهوف في فلسطين، منها كهف الاميرة وعرق الأحمر والواد وكبارة ومواقع أخرى في صحراء النقب ، وتمثل هذه المرحلة بداية التجمعات البشرية التي أصبحت تشكل أنماطاً معيشية متطورة، رغم أنها بقيت تعيش على الصيد وجمع القوت .
17.000-8000 ق.م الانتقال من الجمع إلى الانتاج :
في هذه الفترة تحول الانسان من مرحلة الجمع إلى مرحلة الانتاج،إذ دأب في البحث عن مواطن المياه وتجمع حولها، وبدأ يجمع بذور النباتات الصغيرة كالقمح والشعير ويزرعها وكذلك صيد الحيوانات البحرية ، حيث دلت آثار الانسان القديم على مراحل تطور الانتاج عنده واتصفت حياته في هذه المرحلة بالاستقرار، حيث أصبح منتجاً لقوته ، وتميزت الفترة الاخيرة من العصرالحجري بحدوث تغيير واضح في وسائل المعيشة والانتاج، كما حدث تغيير في أنماط البناء والأدوات، وخصوصاً بعد اكتشاف الانسان القديم للفخار، واستخدامه للعديد من الصناعات والادوات والبناء ، كما كان لاستخدامه بروز معالم جديدة .
8000-4000 ق.م ظهور المجتمعات الزراعية :
كان الإنسان في هذه المرحلة يعتمد في حياته على الصيد بالإضافة إلى زراعة بعض الحبوب ، ولكنه لم يتوصل في هذه الفترة إلى تربية الحيوانات ، وإلى جانب ذلك كانت هناك صلات تجارية بين فلسطين ، وبلاد الأناضول ، حيث تم العثور على عدد من الأدوات المصنوعة من مادة النسيج "الاوبسديان" الذي كانت تصدره بلاد الأناضول إلى أريحا وغيرها، وكانت أريحا في المقابل تصدر المواد الخام مثل القار والملح من البحر الميت ، وفي فترة لاحقة عرف الانسان تدجين الحيوانات .
4000-2000ق.م: مع انتهاء الألف الرابع قبل الميلاد:
كان هناك تغيير واضح في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والمعمارية في فلسطين ، ولعل أكثر ما يميز هذه الفترة ظهور أعداد كبيرة من المدافن المقطوعة في الصخر بفلسطين ، وفي فترات لاحقة تم اكتشاف المعادن ومزجها وتصنيع الادوات والأواني منها ، كذلك برزت المعابد الدينية في تلك الفترة والتي بينتها المكتشفات الأثرية في العديد من مدن وقرى فلسطين ،وعلى مستوى الصناعة والتجارة فقد تطورت الحياة العمرانية، والتي تدل على نمو سكاني مع ارتفاع مستوى المعيشة وتقدم نظام الزراعة .
وفي هذه الفترة تأسست الكثير من المدن المسورة التي يعود الفضل في إنشائها إلى أصحاب المدافن ذات المداخل الرأسية ، ويلاحظ انتشار المدن المحصنة في جميع المناطق الفلسطينية ومنها المنطقة الساحلية ومرج ابن عامر وسلسلة الجبال الغربية ، كما أصبح تأسيس المدن ومرافقها الدفاعية والعامة والسكنية يفرض شيئاً من التخطيط المسبق .
--------------------------------------------------------------------------------
الساميون :
يتضح وفقا للمكتشفات الأثرية في مصر والعراق، أن الساميين هم أقدم الشعوب المعروفة على أرض فلسطين ، فمنذ الألف الرابع قبل الميلاد كانوا يعيشون على شاطئ البحر المتوسط الشرقي .
ومن الوجهة الدينية يعتبر الساميون - في الاصل -القبائل المنحدرة من سام ، الابن الأكبر لنوح عليه السلام .
ومن الثابت أن سكان فلسطين الأصليين القدماء كانوا كلهم عرباً ، هاجروا من جزيرة العرب إثر الجفاف الذي حل بها ، فعاشوا في وطنهم الجديد "كنعان" ما يزيد على الألفي عام قبل ظهور النبي موسى وأتباعه على مسرح الأحداث .
--------------------------------------------------------------------------------
الكنعانيون :
وفقاً للتقديرات الموثقة ، فإن الهجرة الأمورية -الكنعانية الشهيرة من الجزيرة العربية قد حدثت في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، غير أن بعض الباحثين يستنتجون أن الكنعانيين كانوا منذ بداية الألف الثالث مستقرين في البلاد ، مستندين إلى مكتشفات الآثار المصرية .
ويذهب باحثون آخرون إلى أبعد من ذلك ، حيث يشيرون إلى وجود الكنعانيين ما قبل سبعة آلاف سنة ، وذلك من خلال تتبع الآثار في مدنهم القديمة ، وأقدمها مدينة أريحا الباقية حتى اليوم التي تعتبر أقدم مدينة في العالم .
وإن تأرجحت تقديرات البداية الزمنية لوجود الكنعانيين فمما لاخلاف فيه اطلاقاً أنهم كانوا أول من سكن المنطقة من الشعوب المعروفة تاريخياً وأول من بنى حضارة على أرض فلسطين.
وورد في الكتابات العبرية أن الكنعانيين هم سكان البلاد الأصليون ، كما ذكر في التوراة أنهم الشعب الأموري .
ومن أقدم المدن الكنعانية الباقية حتى اليوم :أريحا ، اشدود (اسدود) ،عكو (عكا)،غزة ،المجدل ،يافي (يافا)،أشقلون (عسقلان) ،بيت شان (بيسان) ، وهناك أيضاً العديد من المدن والقرى منها ما بقي حتى اليوم ومنها ما اندثر ، وقد كانت شكيم العاصمة الطبيعية لكنعان .
واشتهر الكنعانيون بالزراعة والصناعة وبرعوا في التعدين وصناعة الخزف والزجاج والنسيج والثياب كما برعوا في فن العمارة ، وتأتي الموسيقى والأدب على رأس الهرم في الحضارة الكنعانية، حيث لم يعن شعب سامي بالفن والموسيقى كما عني به الكنعانيون، فقد اقتبسوا كثيراً من عناصر موسيقاهم من شعوب مختلفة توطنت الشرق الأدنى القديم ، وذلك لأن طقوس العبادة الكنعانية كانت تقتضي استخدام الغناء ، وهكذا انتشرت ألحانهم وأدوات موسيقاهم في جميع بقاع المتوسط .
ليس هناك من يجادل في أن الأدب والفن هما عنوان للحضارة ، فليس غريباً عندما نتتبع الكتابات الإسرائيلية أن نكتشف الجهد الكبير الذي بذله الاسرائيليون ويبذلونه لإيهام الدنيا بأنهم هم الذين كانوا بناة الحضارة العريقة ، وأصحاب الأناشيد والتراتيل والغناء، وقد تمكنوا فعلاً من جعل الوهم حقيقة في عقول الكثيرين ، إلا أن المؤرخين الكبار الثقات أمثال (برستد) الذي يصف المدن الكنعانية المزدهرة يوم دخلها العبريون بقوله أنها كانت مدنا فيها البيوت المترفة المريحة، وفيها الصناعة والتجارة والكتابة والمعابد وفيها الحضارة التي سرعان ما اقتبسها العبريون الرعاة البدائيون ، فتركوا خيامهم وقلدوهم في بناء البيوت . كما خلعوا الجلود التي ارتدوها في الصحراء ، وارتدوا الثياب الصوفية الزاهية الألوان ، وبعد فترة لم يعد في الإمكان أن يفرق المرء بين الكنعانيين والعبريين بالمظهر الخارجي،وبعد دخول الفلسطينيين من جهة البحر والاسرائيليين من جهة الاردن، توزعت أرض كنعان بين الاقوام الثلاثة ، ولم يعد الكنعانيون وحدهم سادة البلاد . غير أن اللغة الكنعانية بقيت هي السائدة. ومنذ فجر التاريخ المكتوب أي منذ خمسة آلاف سنة لم تعرف فلسطين حتى عهد الانتداب البريطاني سنة 1917 سوى لغات ثلاث :الكنعانية أولاً والآرامية ثانياً ، وهي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح والعربية ثالثاً .
2000ق.م-1200ق.م:
في بداية الألف الثاني قبل الميلاد بدأت المدن تنشط وظهرت معها أنماط جديدة من العمارة والمدافن وأنواع جديدة من الخزف والأسلحة وتميزت هذه المرحلة بعلاقات تجارية ، وسياسية متطورة مع غالبية مناطق الشرق القديم وبشكل خاص مصر وبلاد الشام وشمال سوريا وشرقي الأناضول .
كما تميزت هذه الفترة بصناعة متطورة من الخزف من حيث انتقاء مادة الصلصال ومزجها وإدارتها على عجلة سريعة لإنتاج أشكال متنوعة وأنيقة من الأواني .
واتسمت هذه الفترة بالسيطرة المصرية شبه التامة على بلاد الشام أثناء حكم الأسرتين الثامنة عشر والتاسعة عشرالتي تم فيها القضاء على آخر ملوك الهكسوس حوالي (1567ق.م) وحملات تحتمس الثالث على بلاد الشام (حوالي 1480ق.م) بالإضافة إلى ذلك اختفاء التحصينات القوية والمدعومة بطبقات مرصوصة من الطمم المائل والمنسوبة للهكسوس .
ولوحظ في تلك الفترة وجود حالة من الاضطراب قد سيطرت على فلسطين كما يبدو من مواقع الجنوب والوسط مع بداية الأسرة الثامنة عشر أي بعيد طرد الهكسوس من مصر وملاحقتهم حتى شاروهين في جنوبي فلسطين، ومن الجدير ذكره أن هناك نصوص تفصيلية منذ عهد تحتمس الثالث ومنها ذلك النص المتعلق بمعركة مجدو الفاصلة التي قادها من الجانب الشامي كل من ملك مجدو وملك قادش يدعمها الملك الميتاني، وشارك في هذا التحالف ما يقارب من مائة وعشرين مدينة وورد ذكرها في إحدى قوائم تحتمس الثالث الطبوغرافية . وجاءت هذه النصوص على شكل نقوش على المسلات التي تم نصبها في كل من الكرنك وممفيس .
1200-550ق.م عصر الممالك( العصر الحديدي):
في تلك الفترة اعتبر الفلسطينيون أنفسهم خلفاء شرعيون للسلطة المصرية على فلسطين وسيطروا على معظم أجزائها ، ولكنه غالباً ما يشار إليهم على أنهم سكان الساحل الفلسطيني، حيث أسسوا عدداً من المدن الرئيسية مثل غزة وعسقلان واسدود وعقير وتل الصافي وغيرها .
كما ظهرت التأثيرات الكنعانية المحلية على مختلف الفلسطينيين من أسماء آلهتهم أمثال داجون وعشتروت ، والحياة الدينية عند سكان الساحل الفلسطيني كنعانية الأصل ، وكذلك المباني الدينية وأهمها سلسلة المعابد المتعاقبة في تل القصيلة التي أنشئت على غرار المعابد الكنعانية مع ما يظهر عليها من تأثيرات مصرية .
ومن جهة أخرى لقد كان هناك إدعاءات من قبل التوراتيين والأثريين الاسرائيليين حول نسب بعض المكتشفات والعمارة إلى الاسرائيليين القدماء ، ومن هذه المكتشفات جرة فخارية كبيرة الحجم تأخذ شكلاً شبه بيضاوي ولف حولها بين العنق والكتف طوق ألصق بالإناء وعرف في المصادر الأجنبية بـ(collared-rimjar) .
تسمية فلسطين : عرفت فلسطين منذ القدم بأرض كنعان كما وردت في تقارير أحد القادة العسكريين لدى ملك( ماري )، ووردت بوضوح على مسلة (أدريمي ) ملك الالاخ ( تل العطشانة ) في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد .
وإن أصل كلمة فلسطين كما وردت في السجلات الآشورية في عهد الملك الآشوري (أدديزاري الثالث ) حوالي 800 ق.م ، هو ( فلستيا) ، إذ يذكر على مسلته أنه في السنة الخامسة من حكمه أخضعت قواته فلستوpalastu ، وأجبرت أهلها على دفع الضريبة .
كما تركزت صيغة التسمية ( بالستاين ) عند هيرودوتس Herodotus على أسس آرامية، ونجد عنده أحياناً أنه مكان يطلق على الجزء الجنوبي من سوريا أو (سوريا الفلسطينية ) بجوار فينيقيا وحتى حدود مصر ، وكذلك استعمل هذه التسمية المؤرخون الرومان من أمثال اغاثار شيدسAgathar chides وسترابو STRABO وديو دوروس Diodoru.
لقد اصبح اسم فلسطين في العهد الروماني ينطبق على جميع الأرض المقدسة ، وغدا مصطلحاً رسميا منذ عهد ( هدريان)Hadrian ، فانتشر استعمال هذا الاسم في الكنيسة المسيحية على نطاق واسع، وكان يشار إليه دائماً في تقارير الحجاج المسيحيين، أما في العهد الإسلامي فقد كانت فلسطين جزءاً من بلاد الشام .
-لقد ساعدت خصوبة أرض فلسطين وموقعها المتميز على وجود الإنسان فيها منذ أقدم العصور، حيث كان لها دور بارز في عملية الاتصال الحضاري بين المناطق المختلفة في العالم وذلك لموقعها المتوسط منه ،مما ساعد على كتابة تاريخها منذ القدم .
العصر الحجري القديم:
اتفق العلماء على أن الانسان وجد على أرض فلسطين وهو ما يسمى بالانسان (منتصب القامة) كما دلت على ذلك الحفريات الأثرية ، وكان هؤلاء الاسلاف صيادين متنقلين سعياً وراء قطعان الحيوانات المختلفة، ويذكر أن الانسان القديم في هذه الفترة مر بمراحل تطور مختلفة، وبدأ يطور استخدام أدواته وأساليب صيده المصنوعة من الصوان .
في الفترة الثالثة من العصر الحجري ظهرالانسان العاقل، وكانت السكين المصنوعة من الرقائق الطويلة من الأدوات الرئيسية التي استعملت في هذه الفترة ، ولقد تم العثور على الانسان العاقل داخل الكهوف في فلسطين، منها كهف الاميرة وعرق الأحمر والواد وكبارة ومواقع أخرى في صحراء النقب ، وتمثل هذه المرحلة بداية التجمعات البشرية التي أصبحت تشكل أنماطاً معيشية متطورة، رغم أنها بقيت تعيش على الصيد وجمع القوت .
17.000-8000 ق.م الانتقال من الجمع إلى الانتاج :
في هذه الفترة تحول الانسان من مرحلة الجمع إلى مرحلة الانتاج،إذ دأب في البحث عن مواطن المياه وتجمع حولها، وبدأ يجمع بذور النباتات الصغيرة كالقمح والشعير ويزرعها وكذلك صيد الحيوانات البحرية ، حيث دلت آثار الانسان القديم على مراحل تطور الانتاج عنده واتصفت حياته في هذه المرحلة بالاستقرار، حيث أصبح منتجاً لقوته ، وتميزت الفترة الاخيرة من العصرالحجري بحدوث تغيير واضح في وسائل المعيشة والانتاج، كما حدث تغيير في أنماط البناء والأدوات، وخصوصاً بعد اكتشاف الانسان القديم للفخار، واستخدامه للعديد من الصناعات والادوات والبناء ، كما كان لاستخدامه بروز معالم جديدة .
8000-4000 ق.م ظهور المجتمعات الزراعية :
كان الإنسان في هذه المرحلة يعتمد في حياته على الصيد بالإضافة إلى زراعة بعض الحبوب ، ولكنه لم يتوصل في هذه الفترة إلى تربية الحيوانات ، وإلى جانب ذلك كانت هناك صلات تجارية بين فلسطين ، وبلاد الأناضول ، حيث تم العثور على عدد من الأدوات المصنوعة من مادة النسيج "الاوبسديان" الذي كانت تصدره بلاد الأناضول إلى أريحا وغيرها، وكانت أريحا في المقابل تصدر المواد الخام مثل القار والملح من البحر الميت ، وفي فترة لاحقة عرف الانسان تدجين الحيوانات .
4000-2000ق.م: مع انتهاء الألف الرابع قبل الميلاد:
كان هناك تغيير واضح في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والمعمارية في فلسطين ، ولعل أكثر ما يميز هذه الفترة ظهور أعداد كبيرة من المدافن المقطوعة في الصخر بفلسطين ، وفي فترات لاحقة تم اكتشاف المعادن ومزجها وتصنيع الادوات والأواني منها ، كذلك برزت المعابد الدينية في تلك الفترة والتي بينتها المكتشفات الأثرية في العديد من مدن وقرى فلسطين ،وعلى مستوى الصناعة والتجارة فقد تطورت الحياة العمرانية، والتي تدل على نمو سكاني مع ارتفاع مستوى المعيشة وتقدم نظام الزراعة .
وفي هذه الفترة تأسست الكثير من المدن المسورة التي يعود الفضل في إنشائها إلى أصحاب المدافن ذات المداخل الرأسية ، ويلاحظ انتشار المدن المحصنة في جميع المناطق الفلسطينية ومنها المنطقة الساحلية ومرج ابن عامر وسلسلة الجبال الغربية ، كما أصبح تأسيس المدن ومرافقها الدفاعية والعامة والسكنية يفرض شيئاً من التخطيط المسبق .
--------------------------------------------------------------------------------
الساميون :
يتضح وفقا للمكتشفات الأثرية في مصر والعراق، أن الساميين هم أقدم الشعوب المعروفة على أرض فلسطين ، فمنذ الألف الرابع قبل الميلاد كانوا يعيشون على شاطئ البحر المتوسط الشرقي .
ومن الوجهة الدينية يعتبر الساميون - في الاصل -القبائل المنحدرة من سام ، الابن الأكبر لنوح عليه السلام .
ومن الثابت أن سكان فلسطين الأصليين القدماء كانوا كلهم عرباً ، هاجروا من جزيرة العرب إثر الجفاف الذي حل بها ، فعاشوا في وطنهم الجديد "كنعان" ما يزيد على الألفي عام قبل ظهور النبي موسى وأتباعه على مسرح الأحداث .
--------------------------------------------------------------------------------
الكنعانيون :
وفقاً للتقديرات الموثقة ، فإن الهجرة الأمورية -الكنعانية الشهيرة من الجزيرة العربية قد حدثت في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، غير أن بعض الباحثين يستنتجون أن الكنعانيين كانوا منذ بداية الألف الثالث مستقرين في البلاد ، مستندين إلى مكتشفات الآثار المصرية .
ويذهب باحثون آخرون إلى أبعد من ذلك ، حيث يشيرون إلى وجود الكنعانيين ما قبل سبعة آلاف سنة ، وذلك من خلال تتبع الآثار في مدنهم القديمة ، وأقدمها مدينة أريحا الباقية حتى اليوم التي تعتبر أقدم مدينة في العالم .
وإن تأرجحت تقديرات البداية الزمنية لوجود الكنعانيين فمما لاخلاف فيه اطلاقاً أنهم كانوا أول من سكن المنطقة من الشعوب المعروفة تاريخياً وأول من بنى حضارة على أرض فلسطين.
وورد في الكتابات العبرية أن الكنعانيين هم سكان البلاد الأصليون ، كما ذكر في التوراة أنهم الشعب الأموري .
ومن أقدم المدن الكنعانية الباقية حتى اليوم :أريحا ، اشدود (اسدود) ،عكو (عكا)،غزة ،المجدل ،يافي (يافا)،أشقلون (عسقلان) ،بيت شان (بيسان) ، وهناك أيضاً العديد من المدن والقرى منها ما بقي حتى اليوم ومنها ما اندثر ، وقد كانت شكيم العاصمة الطبيعية لكنعان .
واشتهر الكنعانيون بالزراعة والصناعة وبرعوا في التعدين وصناعة الخزف والزجاج والنسيج والثياب كما برعوا في فن العمارة ، وتأتي الموسيقى والأدب على رأس الهرم في الحضارة الكنعانية، حيث لم يعن شعب سامي بالفن والموسيقى كما عني به الكنعانيون، فقد اقتبسوا كثيراً من عناصر موسيقاهم من شعوب مختلفة توطنت الشرق الأدنى القديم ، وذلك لأن طقوس العبادة الكنعانية كانت تقتضي استخدام الغناء ، وهكذا انتشرت ألحانهم وأدوات موسيقاهم في جميع بقاع المتوسط .
ليس هناك من يجادل في أن الأدب والفن هما عنوان للحضارة ، فليس غريباً عندما نتتبع الكتابات الإسرائيلية أن نكتشف الجهد الكبير الذي بذله الاسرائيليون ويبذلونه لإيهام الدنيا بأنهم هم الذين كانوا بناة الحضارة العريقة ، وأصحاب الأناشيد والتراتيل والغناء، وقد تمكنوا فعلاً من جعل الوهم حقيقة في عقول الكثيرين ، إلا أن المؤرخين الكبار الثقات أمثال (برستد) الذي يصف المدن الكنعانية المزدهرة يوم دخلها العبريون بقوله أنها كانت مدنا فيها البيوت المترفة المريحة، وفيها الصناعة والتجارة والكتابة والمعابد وفيها الحضارة التي سرعان ما اقتبسها العبريون الرعاة البدائيون ، فتركوا خيامهم وقلدوهم في بناء البيوت . كما خلعوا الجلود التي ارتدوها في الصحراء ، وارتدوا الثياب الصوفية الزاهية الألوان ، وبعد فترة لم يعد في الإمكان أن يفرق المرء بين الكنعانيين والعبريين بالمظهر الخارجي،وبعد دخول الفلسطينيين من جهة البحر والاسرائيليين من جهة الاردن، توزعت أرض كنعان بين الاقوام الثلاثة ، ولم يعد الكنعانيون وحدهم سادة البلاد . غير أن اللغة الكنعانية بقيت هي السائدة. ومنذ فجر التاريخ المكتوب أي منذ خمسة آلاف سنة لم تعرف فلسطين حتى عهد الانتداب البريطاني سنة 1917 سوى لغات ثلاث :الكنعانية أولاً والآرامية ثانياً ، وهي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح والعربية ثالثاً .
2000ق.م-1200ق.م:
في بداية الألف الثاني قبل الميلاد بدأت المدن تنشط وظهرت معها أنماط جديدة من العمارة والمدافن وأنواع جديدة من الخزف والأسلحة وتميزت هذه المرحلة بعلاقات تجارية ، وسياسية متطورة مع غالبية مناطق الشرق القديم وبشكل خاص مصر وبلاد الشام وشمال سوريا وشرقي الأناضول .
كما تميزت هذه الفترة بصناعة متطورة من الخزف من حيث انتقاء مادة الصلصال ومزجها وإدارتها على عجلة سريعة لإنتاج أشكال متنوعة وأنيقة من الأواني .
واتسمت هذه الفترة بالسيطرة المصرية شبه التامة على بلاد الشام أثناء حكم الأسرتين الثامنة عشر والتاسعة عشرالتي تم فيها القضاء على آخر ملوك الهكسوس حوالي (1567ق.م) وحملات تحتمس الثالث على بلاد الشام (حوالي 1480ق.م) بالإضافة إلى ذلك اختفاء التحصينات القوية والمدعومة بطبقات مرصوصة من الطمم المائل والمنسوبة للهكسوس .
ولوحظ في تلك الفترة وجود حالة من الاضطراب قد سيطرت على فلسطين كما يبدو من مواقع الجنوب والوسط مع بداية الأسرة الثامنة عشر أي بعيد طرد الهكسوس من مصر وملاحقتهم حتى شاروهين في جنوبي فلسطين، ومن الجدير ذكره أن هناك نصوص تفصيلية منذ عهد تحتمس الثالث ومنها ذلك النص المتعلق بمعركة مجدو الفاصلة التي قادها من الجانب الشامي كل من ملك مجدو وملك قادش يدعمها الملك الميتاني، وشارك في هذا التحالف ما يقارب من مائة وعشرين مدينة وورد ذكرها في إحدى قوائم تحتمس الثالث الطبوغرافية . وجاءت هذه النصوص على شكل نقوش على المسلات التي تم نصبها في كل من الكرنك وممفيس .
1200-550ق.م عصر الممالك( العصر الحديدي):
في تلك الفترة اعتبر الفلسطينيون أنفسهم خلفاء شرعيون للسلطة المصرية على فلسطين وسيطروا على معظم أجزائها ، ولكنه غالباً ما يشار إليهم على أنهم سكان الساحل الفلسطيني، حيث أسسوا عدداً من المدن الرئيسية مثل غزة وعسقلان واسدود وعقير وتل الصافي وغيرها .
كما ظهرت التأثيرات الكنعانية المحلية على مختلف الفلسطينيين من أسماء آلهتهم أمثال داجون وعشتروت ، والحياة الدينية عند سكان الساحل الفلسطيني كنعانية الأصل ، وكذلك المباني الدينية وأهمها سلسلة المعابد المتعاقبة في تل القصيلة التي أنشئت على غرار المعابد الكنعانية مع ما يظهر عليها من تأثيرات مصرية .
ومن جهة أخرى لقد كان هناك إدعاءات من قبل التوراتيين والأثريين الاسرائيليين حول نسب بعض المكتشفات والعمارة إلى الاسرائيليين القدماء ، ومن هذه المكتشفات جرة فخارية كبيرة الحجم تأخذ شكلاً شبه بيضاوي ولف حولها بين العنق والكتف طوق ألصق بالإناء وعرف في المصادر الأجنبية بـ(collared-rimjar) .