بين حلمي و بين اسمه كان موتي بطيئاً ( من ديوان محاولة رقم 7 عام 1974 )
أعراس ( من ديوان أعراس 1976 )
أحمد الزعتر ( من ديوان أعراس 1976 )
قصيدة الأرض ( من ديوان أعراس 1976 )
أربعة عناوين شخصية ( من ديوان هي أغنية هي أغنية 1986 )
آن للشاعر أن يقتل نفسه ( من ديوان هي أغنية هي أغنية 1986 )
رباعيات ( من ديوان أرى ما أريد 1990 )
هدنة مع المغول أمام غابة السنديان ( من ديوان أرى ما أريد 1990 )
سماء منخفضة ( من ديوان سرير الغريبة 1999 )
درس من كاما سوطرا ( من ديوان سرير الغريبة 1999 )
عابرون في كلام عابر 1991
محمد ( في ذكرى الشهيد محمد الدرة ) 2001
بين حلمي و بين اسمه كان موتي بطيئا
باسمها أتراجع عن حلمها. ووصلت أخيراً إلى
الحلم. كان الخريف قريباً من العشب. ضاع
اسمها بيننا... فالتقينا.
لم أسجلّ تفاصيل هذا اللقاء السريع. أحاول شرح
القصيدة كي أفهم الآن ذاك اللقاء السريع.
هي الشيء أو ضدّه، وانفجارات روحي
هي الماء والنار، كنا على البحر نمشي.
هي الفرق بيني... وبيني].
وأنا حامل الإسم أو شاعر الحلم. كان اللقاء سريعاً.
أنا الفرق بين الأصابع والكفّ. كان الربيع
قصيراً. أنا الفرق بين الغصون وبين الشجر.
كنت أحملها، واسمها يتضاءل. كانت تسمّى
خلايا دمي. كنت أحلمها
والتقينا أخيراً.
أحاول شرح القصيدة كي أفهم الآن ماذا حدث...
- يحمل الحلم سيفاً ويقتل شاعرة حين يبلغه –
هكذا أخبرتني المدينة حين غفوت على ركبتيها
لم أكن حاضراً
لم أكن غائبا
كنت بين الحضور وبين الغياب
حجراً... أو سحابه
- تشبهين الكآبة
قلت لها باختصار شديد
تشبهين الكآبة
ولكنّ صدرك صار مظاهرة العائدين من الموت...
ما كنت جنديّ هذا المكان
وثوريّ هذا الزمان
لأحمل لا فتةً، أو عصا، في الشوارع.
كان لقائي قصيراً
وكان وداعي سريعاً.
وكانت تصير إلى امرأةٍ عاطفية
فالتحمت بها
وصارت تفاصيلها ورقاً في الخريف
فلملمها عسكريّ المرور
ورتّبها في ملف الحكومة
وفي المتحف الوطني
- تشبهين المدينة حين أكون غريباً
قلت لها باختصار شديد
تشبهين المدينة.
هل رآك الجنود على حافّة الأرض
هل هربوا منك
أم رجموك بقنبلة يدوية؟
قالت المرأة العاطفيّة :
كلّ شيء يلامس جسمي
يتحوّل
أو يتشكّل
حتى الحجارة تغدو عصافير.
قلت لها باكياً:
ولماذا أنا
أتشرّد
أو أتبدّد
بين الرياح وبين الشعوب؟
فأجابت:
في الخريف تعود العصافير من حالة البحر
- هذا هو الوقت
- لا وقت
وابتدأت أغنية:
في الخريف تعود العصافير من حالة البحر
هذا هو الوقت، لا وقت للوقت
هذا هو الوقت
- ماذا تكون البقيّة؟
- شبه دائرة أنت تكلمها
- أذهب الآن؟
- لا تذهب الآن. إنّ الرياح على خطأ دائما.
والمدينة أقرب.
- المدينة أقرب !! أنت المدينة
- لست مدينة
أنا امرأةٌ عاطفية
هكذا قلت قبل قليل
واكتشفت الدليل
وأنت البقية
- آه، كنت الضحيّة
فكيف أكون الدليل؟
- وكنت أعانقها. كنت أسألها نازفاً:
أ أنت بعيدة؟
- على بعد حلم من الآن
والحلم يحمل سيفاً. ويقتل شاعره حين يبلغه
- كيف أكمل أغنيتي
والتفاصيل ضاعت. وضاع الدليل؟
- انتهت صورتي
فابتدئ من ضياعك.
أموت - أحبّك
إن ثلاثة أشياء لا تنتهي:
أنت، والحبّ، والموت
قبّلت خنجرك الحلو
ثم احتميت بكفّيك
أن تقتليني
وأن توقفيني عن الموت
هذا هو الحب.
إني أحبّك حين أموت
وحين أحبّك
أشعر أني أموت
فكوني امرأة
وكوني مدينة
ولكن، لماذا سقطت، لماذا احترقت
بلا سببٍ؟
ولماذا ترهّلت في خيمة بدويّة؟
- لأنك كنت تمارس موتاً بدون شهيّة
وأضافت، كأنّ القدر
يتكسّر في صوتها:
هل رأيت المدينة تذهب
أم كنت أنت الذي يتدحرج من شرفة اللّه
قافلةً من سبايا؟
هل رأيت المدينة تهرب
أم كنت أنت الذي يحتمي بالزوايا
المدينة لا تسقط، الناس تسقط !
ورويداً... رويداً تفتّت وجه المدينة
لم نحوّل حصاها إلى لغةٍ
لم نسيّج شوارعها
لم ندافع عن الباب
لم ينضج الموت فينا.
كانت الذكريات مقراً لحكام ثورتها السابقة
ومرّ ثلاثون عاماً
وألف خريف
وخمس حروب
وجئت المدينة منهزماً من جديد
كان سور المدينة يشبهني
وقلت لها:
سأحاول حبّك...
لا أذكر الآن شكل المدينة
لا أذكر اسمي
ينادونني حسب الطقس والأمزجة
لقد سقط اسمي بين تفاصيل تلك المدينة
لملمه عسكريّ المرور
ورتّبه في ملف الحكومة
- تشبهين الهويّة حين أكون غريباً
تشبهين الهويّة.
- ليس قلبي قرنفلةً
ليس جسمي حقلاً
- ما تكونين؟
هل أنت أحلى النساء وأحلى المدن
- للذي يتناسل فوق السفن
وأضافت:
بين شوك الجبال وبين أماسي الهزائم
كان مخاضي عسيراً
- وهل عذّبوك لأجلي؟
- عذّبوك لأجلي
- هل عرفت الندم؟
- النساء – المدن
قادراتٌ على الحبّ، هل أنت قادر؟
- أحاول حبّك
لكنّ كل السلاسل
تلتفّ حول ذراعيّ حين أحاول...
هل تخونينني؟
- حين تأتي إليّ
- هل تموتين قبلي؟
سألتك : موتي!
- أيجديك موتي!
- أصير طليقاً
لأن نوافذ حبّي عبوديّةٌ
والمقابر ليست تثير اهتمام أحد
وحين تموتين
أكمل موتي.
بين حلمي وبين اسمه
كان موتي بطيئاً بطيئاً.
أموت – أحبّك
إن ثلاثة أشياء لا تنتهي
أنت، والحبّ، والموت
أن تقتليني
وأن توقفيني عن الموت.
هذا هو الحبّ
... وانتهت رحلتي فابتدأت
وهذا هو الوقت: ألا يكون لشكلك وقت.
لم تكوني مدينة
الشوارع كانت قبل
وكان الحوار نزيفاً
وكان الجبل
عسكرياً. وكان الصنوبر خنجر.
ولا امرأةً كنت
كانت ذراعاك نهرين من جثثٍ وسنابل
وكان جبينك بيد ر
وعيناك نار القبائل
وكنت أنا من مواليد عام الخروج
ونسل السلاسل.
يحمل الحلم سيفاً، ويقتل شاعره حين يبلغه -
هكذا أخبرتني المدينة حين غفوت على ركبتيها
لم أكن غائباً
لم أكن حاضراً
كنت مختفياً بالقصيدة،
إذا انفجرت من دمائي قصيدة
تصير المدينة ورداً،
كنت أمتشق الحلم من ضلعها
وأحارب نفسي
كنت أعلى يأسي
على صدرها، فتصير امرأة
كنت أعلن حبي
على صدرها، فتصير مدينة
كنت أعلن أنّ رحيلي قريب
وأنّ الرياح وأنّ الشعوب
تتعاطى جراحي حبوباً لمنع الحروب.
بين حلمي وبين اسمه
كان موتي بطيئاً
باسمها أتراجع عن حلمها. ووصلت
وكان الخريف قريباً من العشب.
ضاع اسمها بيننا... فالتقينا.
لم أسجّل تفاصيل هذا اللقاء السريع
أحاول شرح القصيدة
لأغلق دائرة الجرح والزنبقة
وأفتح جسر العلاقة بين الولادة والمشنقة
أحاول شرح القصيدة
لأفهم ذاك اللقاء السريع
أحاول
أحاول... أحاول!
أعراس
عاشق يأتي من الحرب إلى يوم الزفاف
يرتدي بدلته الأولى
ويدخل
حلبة الرقص حصاناً
من حماس وقرنفل
وعلى حبل الزغاريد يلاقي فاطمة
وتغنّي لهما
كل أشجار المنافي
ومناديل الحداد الناعمة.
ذبّل العاشق عينيه
وأعطى يده السمراء للحنّاء
والقطن النسائيّ المقدس
وعلى سقف الزغاريد تجيء الطائرات
طائرات
طائرات
تخطف العاشق من حضن الفراشة
ومناديل الحداد
وتغنّي الفتيات:
قد تزوّجت
تزوجت جميع الفتيات
يا محمّد !
وقضيت الليلة الأولى
على قرميد حيفا
يا محمد !
يا أمير العاشقين
يا محمد !
وتزوّجت الدوالي
وسياج الياسمين
يا محمد !
وتزوّجت السلالم
يا محمد !
وتقاوم
يا محمد !
وتزوّجت البلاد
يا محمد !
يا محمد !
أحمد الزعتر
ليدين من حجر وزعتر
هذا النشيد... لأحمد المنسيّ بين فراشتين
مضت الغيوم وشرّدتني
ورمت معاطفها الجبال وخبأتني
... نازلاً من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل
البلاد وكانت السنة انفصال البحر عن مدن
الرماد وكنت وحدي
ثم وحدي...
آه يا وحدي؟ وأحمد
كان اغتراب البحر بين رصاصتين
مخيّماً ينمو، وينجب زعتراً ومقاتلين
وساعداً يشتد في النسيان
ذاكرةً تجيء من القطارات التي تمضي
وأرصفةً بلا مستقبلين وياسمين
كان اكتشاف الذات في العربات
أو في المشهد البحريّ
في ليل الزنازين الشقيقة
في العلاقات السريعة
والسؤال عن الحقيقة
في كلّ شيء كان أحمد يلتقي بنقيضه
عشرين عاماً كان يسأل
عشرين عاماً كان يرحل
عشرين عاماً لم تلده أمّه إلا دقائق في
إناء الموز
وانسحبت.
يريد هويةً فيصاب بالبركان،
سافرت الغيوم وشرّدتني
ورمت معاطفها الجبال وخبّأتني
أنا أحمد العربيّ – قال
أنا الرصاص البرتقال الذكريات
وجدت نفسي قرب نفسي
فابتعدت عن الندى والمشهد البحريّ
تل الزعتر الخيمة
وأنا البلاد وقد أتت
وتقمّصتني
وأنا الذهاب المستمر إلى البلاد
وجدت نفسي ملء نفسي...
راح أحمد يلتقي بضلوعه ويديه
كان الخطوة – النجمة
ومن المحيط إلى الخليج، من الخليج إلى المحيط
كانوا يعدّون الرماح
وأحمد العربيّ يصعد كي يرى حيفا
ويقفز.
أحمد الآن الرهينة
تركت شوارعها المدينة
وأتت إليه
لتقتله
ومن الخليج إلى المحيط، من المحيط إلى الخليج
كانوا يعدوّن الجنازة
وانتخاب المقصلة
أنا أحمد العربيّ – فليأت الحصار
جسدي هو الأسوار – فليأت الحصار
وأنا حدود النار – فليأت الحصار
وأنا أحاصركم
أحاصركم
وصدري باب كلّ الناس – فليأت الحصار
لم تأت أغنيتي لترسم أحمد الكحليّ في الخندق
الذكريات وراء ظهري، وهو يوم الشمس والزنبق
يا أيها الولد الموزّع بين نافذتين
لا تتبادلان رسائلي
قاوم
إنّ التشابه للرمال... وأنت للأزرق
وأعدّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى
وتتركني ضفاف النيل مبتعدا
وأبحث عن حدود أصابعي
فأرى العواصم كلّها زبدا...
وأحمد يفرك الساعات في الخندق
لم تأت أغنيتي لترسم أحمد المحروق بالأزرق
هو أحمد الكونيّ في هذا الصفيح الضيّق
المتمزّق الحالم
وهو الرصاص البرتقاليّ... البنفسجة الرصاصيّة
وهو اندلاع ظهيرة حاسم
في يوم حريّة
يا أيها الولد المكرّس للندى
قاوم !
يا أيها البلد – المسدّس في دمي
قاوم !
الآن أكمل فيك أغنيتي
وأذهب في حصارك
والآن أكمل فيك أسئلتي
وأولد من غبارك
فاذهب إلى قلبي تجد شعبي
شعوباً في انفجارك
... سائراً بين التفاصيل اتكأت على مياهٍ
فانكسرت
أكلّما نهدت سفرجلةٌ نسيت حدود قلبي
والتجأت إلى حصارٍ كي أحدّد قامتي
يا أحمد العربيّ؟
لم يكذب علي الحب. لكن كلّما جاء المساء
امتصّني جرسٌ بعيدٌ
والتجأت إلى نزيفي كي أحدد صورتي
يا أحمد العربيّ.
لم أغسل دمي من خبز أعدائي
ولكن كلّما مرّت خطاي على طريقٍ
فرّت الطرق البعيدة والقريبة
كلّما آخيت عاصمةً رمتني بالحقيبة
فالتجأت إلى رصيف الحلم والأشعار
كم أمشي إلى حلمي فتسبقني الخناجر
آه من حلمي ومن روما
جميلٌ أنت في المنفى
قتيلٌ أنت في روما
وحيفا من هنا بدأت
وأحمد سلّم الكرمل
وبسملة الندى والزعتر البلدي والمنزل
لا تسرقوه من السنونو
لا تأخذوه من الندى
كتبت مراثيها العيون
وتركت قلبي للصدى
لا تسرقوه من الأبد
وتبعثروه على الصليب
فهو الخريطة والجسد
وهو اشتعال العندليب
لا تأخذوه من الحمام
لا ترسلوه إلى الوظيفة
لا ترسموا دمه وسام
فهو البنفسج في قذيفة
صاعداً نحو التئام الحلم
تتّخذ التفاصيل الرديئة شكل كمّثرى
وتنفصل البلاد عن المكاتب
والخيول عن الحقائب
للحصى عرقٌ أقبّل صمت هذا الملح
أعطي خطبة الليمون لليمون
أوقد شمعتي من جرحي المفتوح للأزهار
والسمك المجفّف
للحصى عرق ومرآةٌ
وللحطّاب قلب يمامةٍ
أنساك أحياناً لينساني رجال الأمن
يا امرأتي الجميلة تقطعين القلب والبصل
الطريّ وتذهبين إلى البنفسج
فاذكريني قبل أن أنسى يديّ
... وصاعداً نحو التئام الحلم
تنكمش المقاعد تحت أشجاري وظلّك...
يختفي المتسلّقون على جراحك كالذباب الموسميّ
ويختفي المتفرجون على جراحك
فاذكريني قبل أن أنسى يديّ!
وللفراشات اجتهادي
والصخور رسائلي في الأرض
لا طروادة بيتي
ولا مسّادةٌ وقتي
وأصعد من جفاف الخبز والماء المصادر
من حصان ضاع في درب المطار
ومن هواء البحر أصعد
من شظايا أدمنت جسدي
واصعد من عيون القادمين إلى غروب السهل
أصعد من صناديق الخضار
وقوّة الأشياء أصعد
أنتمي لسمائي الأولى وللفقراء في كل الأزقّة
ينشدون :
صامدون
وصامدون
وصامدون
كان المخيّم جسم أحمد
كانت دمشق جفون أحمد
كان الحجاز ظلال أحمد
صار الحصار مرور أحمد فوق أفئدة الملايين الأسيرة
صار الحصار هجوم أحمد
والبحر طلقته الأخيرة!
يا خصر كلّ الريح
يا أسبوع سكّر !
يا اسم العيون ويا رخاميّ الصدى
يا أحمد المولود من حجر وزعتر
ستقول : لا
ستقول : لا
جلدي عباءة كلّ فلاح سيأتي من حقول التبغ
كي يلغي العواصم
وتقول : لا
جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفة
والتردد... والملاحم
نحو اقتحام المرحلة
وتقول : لا
ويدي تحيات الزهور وقنبلة
مرفوعة كالواجب اليومي ضدّ المرحلة
وتقول لا :
يا أيها الجسد المضرّج بالسفوح
وبالشموس المقبلة
وتقول :لا
يا أيها الجسد الذي يتزوج الأمواج
فوق المقصلة
وتقول : لا
وتقول : لا
وتقول : لا !
وتموت قرب دمي وتحيا في الطحين
ونزور صمتك حين تطلبنا يداك
وحين تشعلنا اليراعه
مشت الخيول على العصافير الصغيرة
فابتكرنا الياسمين
ليغيب وجه الموت عن كلماتنا
فاذهب بعيداً في الغمام وفي الزراعة
لا وقت للمنفى وأغنيتي...
سيجرفنا زحام الموت فاذهب في الزحام
لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين
واذهب إلى دمك المهيّأ لا نتشارك
واذهب إلى دمي الموحّد في حصارك
لا وقت للمنفى...
وللصور الجميلة فوق جدران الشوارع والجنائز
والتمني
كتبت مراثيها الطيور وشرّدتني
ورمت معاطفها الحقول وجمعتني
فاذهب بعيداً في دمي! واذهب بعيداً في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين
يا أحمد اليوميّ!
يا اسم الباحثين عن الندى وبساطة الأسماء
يا اسم البرتقالة
يا أحمد العاديّ!
كيف محًوت هذا الفارق اللفظيّ بين الصخر والتفّاح
بين البندقية والغزالة!
لا وقت للمنفى وأغنيتي...
سنذهب في الحصار
حتى نهايات العواصم
فاذهب عميقاً في دمي
اذهب براعم
واذهب عميقاً في دمي
اذهب خواتم
واذهب عميقاً في دمي
اذهب سلالم
يا أحمد العربيّ... قاوم!
لا وقت للمنفى وأغنيتي...
سنذهب في الحصار
حتى رصيف الخبز والأمواج
تلك مساحتي ومساحة الوطن – الملازم
موتٌ أمام الحلم
أو حلم يموت على الشعار
فاذهب عميقاً في دمي واذهب عميقاً في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين
... وله انحناءات الخريف
له وصايا البرتقال
له القصائد في النزيف
له تجاعيد الجبال
له الهتاف
له الزفاف
له المجلاّت الملوّنة
المراثي المطمئنة
ملصقات الحائط
العلم
التقدّم
فرقة الإنشاد
مرسوم الحداد
وكل شيء كل شيء كل شيء
حين يعلن وجهه للذاهبين إلى ملامح وجهه
يا أحمد المجهول!
كيف سكنتنا عشرين عاماً واختفيت
وظلّ وجهك غامضاً مثل الظهيرة
يا أحمد السريّ مثل النار والغابات
أشهر وجهك الشعبيّ فينا
واقرأ وصيّتك الأخيرة ؟
يا أيها المتفرّجون ! تناثروا في الصمت
وابتعدوا قليلاً عنه كي تجدوه فيكم
حنطةً ويدين عاريتين
وابتعدوا قليلاً عنه كي يتلو وصيّته
على الموتى إذا ماتوا
وكي يرمي ملامحه
على الأحياء إن عاشوا !
أعراس ( من ديوان أعراس 1976 )
أحمد الزعتر ( من ديوان أعراس 1976 )
قصيدة الأرض ( من ديوان أعراس 1976 )
أربعة عناوين شخصية ( من ديوان هي أغنية هي أغنية 1986 )
آن للشاعر أن يقتل نفسه ( من ديوان هي أغنية هي أغنية 1986 )
رباعيات ( من ديوان أرى ما أريد 1990 )
هدنة مع المغول أمام غابة السنديان ( من ديوان أرى ما أريد 1990 )
سماء منخفضة ( من ديوان سرير الغريبة 1999 )
درس من كاما سوطرا ( من ديوان سرير الغريبة 1999 )
عابرون في كلام عابر 1991
محمد ( في ذكرى الشهيد محمد الدرة ) 2001
بين حلمي و بين اسمه كان موتي بطيئا
باسمها أتراجع عن حلمها. ووصلت أخيراً إلى
الحلم. كان الخريف قريباً من العشب. ضاع
اسمها بيننا... فالتقينا.
لم أسجلّ تفاصيل هذا اللقاء السريع. أحاول شرح
القصيدة كي أفهم الآن ذاك اللقاء السريع.
هي الشيء أو ضدّه، وانفجارات روحي
هي الماء والنار، كنا على البحر نمشي.
هي الفرق بيني... وبيني].
وأنا حامل الإسم أو شاعر الحلم. كان اللقاء سريعاً.
أنا الفرق بين الأصابع والكفّ. كان الربيع
قصيراً. أنا الفرق بين الغصون وبين الشجر.
كنت أحملها، واسمها يتضاءل. كانت تسمّى
خلايا دمي. كنت أحلمها
والتقينا أخيراً.
أحاول شرح القصيدة كي أفهم الآن ماذا حدث...
- يحمل الحلم سيفاً ويقتل شاعرة حين يبلغه –
هكذا أخبرتني المدينة حين غفوت على ركبتيها
لم أكن حاضراً
لم أكن غائبا
كنت بين الحضور وبين الغياب
حجراً... أو سحابه
- تشبهين الكآبة
قلت لها باختصار شديد
تشبهين الكآبة
ولكنّ صدرك صار مظاهرة العائدين من الموت...
ما كنت جنديّ هذا المكان
وثوريّ هذا الزمان
لأحمل لا فتةً، أو عصا، في الشوارع.
كان لقائي قصيراً
وكان وداعي سريعاً.
وكانت تصير إلى امرأةٍ عاطفية
فالتحمت بها
وصارت تفاصيلها ورقاً في الخريف
فلملمها عسكريّ المرور
ورتّبها في ملف الحكومة
وفي المتحف الوطني
- تشبهين المدينة حين أكون غريباً
قلت لها باختصار شديد
تشبهين المدينة.
هل رآك الجنود على حافّة الأرض
هل هربوا منك
أم رجموك بقنبلة يدوية؟
قالت المرأة العاطفيّة :
كلّ شيء يلامس جسمي
يتحوّل
أو يتشكّل
حتى الحجارة تغدو عصافير.
قلت لها باكياً:
ولماذا أنا
أتشرّد
أو أتبدّد
بين الرياح وبين الشعوب؟
فأجابت:
في الخريف تعود العصافير من حالة البحر
- هذا هو الوقت
- لا وقت
وابتدأت أغنية:
في الخريف تعود العصافير من حالة البحر
هذا هو الوقت، لا وقت للوقت
هذا هو الوقت
- ماذا تكون البقيّة؟
- شبه دائرة أنت تكلمها
- أذهب الآن؟
- لا تذهب الآن. إنّ الرياح على خطأ دائما.
والمدينة أقرب.
- المدينة أقرب !! أنت المدينة
- لست مدينة
أنا امرأةٌ عاطفية
هكذا قلت قبل قليل
واكتشفت الدليل
وأنت البقية
- آه، كنت الضحيّة
فكيف أكون الدليل؟
- وكنت أعانقها. كنت أسألها نازفاً:
أ أنت بعيدة؟
- على بعد حلم من الآن
والحلم يحمل سيفاً. ويقتل شاعره حين يبلغه
- كيف أكمل أغنيتي
والتفاصيل ضاعت. وضاع الدليل؟
- انتهت صورتي
فابتدئ من ضياعك.
أموت - أحبّك
إن ثلاثة أشياء لا تنتهي:
أنت، والحبّ، والموت
قبّلت خنجرك الحلو
ثم احتميت بكفّيك
أن تقتليني
وأن توقفيني عن الموت
هذا هو الحب.
إني أحبّك حين أموت
وحين أحبّك
أشعر أني أموت
فكوني امرأة
وكوني مدينة
ولكن، لماذا سقطت، لماذا احترقت
بلا سببٍ؟
ولماذا ترهّلت في خيمة بدويّة؟
- لأنك كنت تمارس موتاً بدون شهيّة
وأضافت، كأنّ القدر
يتكسّر في صوتها:
هل رأيت المدينة تذهب
أم كنت أنت الذي يتدحرج من شرفة اللّه
قافلةً من سبايا؟
هل رأيت المدينة تهرب
أم كنت أنت الذي يحتمي بالزوايا
المدينة لا تسقط، الناس تسقط !
ورويداً... رويداً تفتّت وجه المدينة
لم نحوّل حصاها إلى لغةٍ
لم نسيّج شوارعها
لم ندافع عن الباب
لم ينضج الموت فينا.
كانت الذكريات مقراً لحكام ثورتها السابقة
ومرّ ثلاثون عاماً
وألف خريف
وخمس حروب
وجئت المدينة منهزماً من جديد
كان سور المدينة يشبهني
وقلت لها:
سأحاول حبّك...
لا أذكر الآن شكل المدينة
لا أذكر اسمي
ينادونني حسب الطقس والأمزجة
لقد سقط اسمي بين تفاصيل تلك المدينة
لملمه عسكريّ المرور
ورتّبه في ملف الحكومة
- تشبهين الهويّة حين أكون غريباً
تشبهين الهويّة.
- ليس قلبي قرنفلةً
ليس جسمي حقلاً
- ما تكونين؟
هل أنت أحلى النساء وأحلى المدن
- للذي يتناسل فوق السفن
وأضافت:
بين شوك الجبال وبين أماسي الهزائم
كان مخاضي عسيراً
- وهل عذّبوك لأجلي؟
- عذّبوك لأجلي
- هل عرفت الندم؟
- النساء – المدن
قادراتٌ على الحبّ، هل أنت قادر؟
- أحاول حبّك
لكنّ كل السلاسل
تلتفّ حول ذراعيّ حين أحاول...
هل تخونينني؟
- حين تأتي إليّ
- هل تموتين قبلي؟
سألتك : موتي!
- أيجديك موتي!
- أصير طليقاً
لأن نوافذ حبّي عبوديّةٌ
والمقابر ليست تثير اهتمام أحد
وحين تموتين
أكمل موتي.
بين حلمي وبين اسمه
كان موتي بطيئاً بطيئاً.
أموت – أحبّك
إن ثلاثة أشياء لا تنتهي
أنت، والحبّ، والموت
أن تقتليني
وأن توقفيني عن الموت.
هذا هو الحبّ
... وانتهت رحلتي فابتدأت
وهذا هو الوقت: ألا يكون لشكلك وقت.
لم تكوني مدينة
الشوارع كانت قبل
وكان الحوار نزيفاً
وكان الجبل
عسكرياً. وكان الصنوبر خنجر.
ولا امرأةً كنت
كانت ذراعاك نهرين من جثثٍ وسنابل
وكان جبينك بيد ر
وعيناك نار القبائل
وكنت أنا من مواليد عام الخروج
ونسل السلاسل.
يحمل الحلم سيفاً، ويقتل شاعره حين يبلغه -
هكذا أخبرتني المدينة حين غفوت على ركبتيها
لم أكن غائباً
لم أكن حاضراً
كنت مختفياً بالقصيدة،
إذا انفجرت من دمائي قصيدة
تصير المدينة ورداً،
كنت أمتشق الحلم من ضلعها
وأحارب نفسي
كنت أعلى يأسي
على صدرها، فتصير امرأة
كنت أعلن حبي
على صدرها، فتصير مدينة
كنت أعلن أنّ رحيلي قريب
وأنّ الرياح وأنّ الشعوب
تتعاطى جراحي حبوباً لمنع الحروب.
بين حلمي وبين اسمه
كان موتي بطيئاً
باسمها أتراجع عن حلمها. ووصلت
وكان الخريف قريباً من العشب.
ضاع اسمها بيننا... فالتقينا.
لم أسجّل تفاصيل هذا اللقاء السريع
أحاول شرح القصيدة
لأغلق دائرة الجرح والزنبقة
وأفتح جسر العلاقة بين الولادة والمشنقة
أحاول شرح القصيدة
لأفهم ذاك اللقاء السريع
أحاول
أحاول... أحاول!
أعراس
عاشق يأتي من الحرب إلى يوم الزفاف
يرتدي بدلته الأولى
ويدخل
حلبة الرقص حصاناً
من حماس وقرنفل
وعلى حبل الزغاريد يلاقي فاطمة
وتغنّي لهما
كل أشجار المنافي
ومناديل الحداد الناعمة.
ذبّل العاشق عينيه
وأعطى يده السمراء للحنّاء
والقطن النسائيّ المقدس
وعلى سقف الزغاريد تجيء الطائرات
طائرات
طائرات
تخطف العاشق من حضن الفراشة
ومناديل الحداد
وتغنّي الفتيات:
قد تزوّجت
تزوجت جميع الفتيات
يا محمّد !
وقضيت الليلة الأولى
على قرميد حيفا
يا محمد !
يا أمير العاشقين
يا محمد !
وتزوّجت الدوالي
وسياج الياسمين
يا محمد !
وتزوّجت السلالم
يا محمد !
وتقاوم
يا محمد !
وتزوّجت البلاد
يا محمد !
يا محمد !
أحمد الزعتر
ليدين من حجر وزعتر
هذا النشيد... لأحمد المنسيّ بين فراشتين
مضت الغيوم وشرّدتني
ورمت معاطفها الجبال وخبأتني
... نازلاً من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل
البلاد وكانت السنة انفصال البحر عن مدن
الرماد وكنت وحدي
ثم وحدي...
آه يا وحدي؟ وأحمد
كان اغتراب البحر بين رصاصتين
مخيّماً ينمو، وينجب زعتراً ومقاتلين
وساعداً يشتد في النسيان
ذاكرةً تجيء من القطارات التي تمضي
وأرصفةً بلا مستقبلين وياسمين
كان اكتشاف الذات في العربات
أو في المشهد البحريّ
في ليل الزنازين الشقيقة
في العلاقات السريعة
والسؤال عن الحقيقة
في كلّ شيء كان أحمد يلتقي بنقيضه
عشرين عاماً كان يسأل
عشرين عاماً كان يرحل
عشرين عاماً لم تلده أمّه إلا دقائق في
إناء الموز
وانسحبت.
يريد هويةً فيصاب بالبركان،
سافرت الغيوم وشرّدتني
ورمت معاطفها الجبال وخبّأتني
أنا أحمد العربيّ – قال
أنا الرصاص البرتقال الذكريات
وجدت نفسي قرب نفسي
فابتعدت عن الندى والمشهد البحريّ
تل الزعتر الخيمة
وأنا البلاد وقد أتت
وتقمّصتني
وأنا الذهاب المستمر إلى البلاد
وجدت نفسي ملء نفسي...
راح أحمد يلتقي بضلوعه ويديه
كان الخطوة – النجمة
ومن المحيط إلى الخليج، من الخليج إلى المحيط
كانوا يعدّون الرماح
وأحمد العربيّ يصعد كي يرى حيفا
ويقفز.
أحمد الآن الرهينة
تركت شوارعها المدينة
وأتت إليه
لتقتله
ومن الخليج إلى المحيط، من المحيط إلى الخليج
كانوا يعدوّن الجنازة
وانتخاب المقصلة
أنا أحمد العربيّ – فليأت الحصار
جسدي هو الأسوار – فليأت الحصار
وأنا حدود النار – فليأت الحصار
وأنا أحاصركم
أحاصركم
وصدري باب كلّ الناس – فليأت الحصار
لم تأت أغنيتي لترسم أحمد الكحليّ في الخندق
الذكريات وراء ظهري، وهو يوم الشمس والزنبق
يا أيها الولد الموزّع بين نافذتين
لا تتبادلان رسائلي
قاوم
إنّ التشابه للرمال... وأنت للأزرق
وأعدّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى
وتتركني ضفاف النيل مبتعدا
وأبحث عن حدود أصابعي
فأرى العواصم كلّها زبدا...
وأحمد يفرك الساعات في الخندق
لم تأت أغنيتي لترسم أحمد المحروق بالأزرق
هو أحمد الكونيّ في هذا الصفيح الضيّق
المتمزّق الحالم
وهو الرصاص البرتقاليّ... البنفسجة الرصاصيّة
وهو اندلاع ظهيرة حاسم
في يوم حريّة
يا أيها الولد المكرّس للندى
قاوم !
يا أيها البلد – المسدّس في دمي
قاوم !
الآن أكمل فيك أغنيتي
وأذهب في حصارك
والآن أكمل فيك أسئلتي
وأولد من غبارك
فاذهب إلى قلبي تجد شعبي
شعوباً في انفجارك
... سائراً بين التفاصيل اتكأت على مياهٍ
فانكسرت
أكلّما نهدت سفرجلةٌ نسيت حدود قلبي
والتجأت إلى حصارٍ كي أحدّد قامتي
يا أحمد العربيّ؟
لم يكذب علي الحب. لكن كلّما جاء المساء
امتصّني جرسٌ بعيدٌ
والتجأت إلى نزيفي كي أحدد صورتي
يا أحمد العربيّ.
لم أغسل دمي من خبز أعدائي
ولكن كلّما مرّت خطاي على طريقٍ
فرّت الطرق البعيدة والقريبة
كلّما آخيت عاصمةً رمتني بالحقيبة
فالتجأت إلى رصيف الحلم والأشعار
كم أمشي إلى حلمي فتسبقني الخناجر
آه من حلمي ومن روما
جميلٌ أنت في المنفى
قتيلٌ أنت في روما
وحيفا من هنا بدأت
وأحمد سلّم الكرمل
وبسملة الندى والزعتر البلدي والمنزل
لا تسرقوه من السنونو
لا تأخذوه من الندى
كتبت مراثيها العيون
وتركت قلبي للصدى
لا تسرقوه من الأبد
وتبعثروه على الصليب
فهو الخريطة والجسد
وهو اشتعال العندليب
لا تأخذوه من الحمام
لا ترسلوه إلى الوظيفة
لا ترسموا دمه وسام
فهو البنفسج في قذيفة
صاعداً نحو التئام الحلم
تتّخذ التفاصيل الرديئة شكل كمّثرى
وتنفصل البلاد عن المكاتب
والخيول عن الحقائب
للحصى عرقٌ أقبّل صمت هذا الملح
أعطي خطبة الليمون لليمون
أوقد شمعتي من جرحي المفتوح للأزهار
والسمك المجفّف
للحصى عرق ومرآةٌ
وللحطّاب قلب يمامةٍ
أنساك أحياناً لينساني رجال الأمن
يا امرأتي الجميلة تقطعين القلب والبصل
الطريّ وتذهبين إلى البنفسج
فاذكريني قبل أن أنسى يديّ
... وصاعداً نحو التئام الحلم
تنكمش المقاعد تحت أشجاري وظلّك...
يختفي المتسلّقون على جراحك كالذباب الموسميّ
ويختفي المتفرجون على جراحك
فاذكريني قبل أن أنسى يديّ!
وللفراشات اجتهادي
والصخور رسائلي في الأرض
لا طروادة بيتي
ولا مسّادةٌ وقتي
وأصعد من جفاف الخبز والماء المصادر
من حصان ضاع في درب المطار
ومن هواء البحر أصعد
من شظايا أدمنت جسدي
واصعد من عيون القادمين إلى غروب السهل
أصعد من صناديق الخضار
وقوّة الأشياء أصعد
أنتمي لسمائي الأولى وللفقراء في كل الأزقّة
ينشدون :
صامدون
وصامدون
وصامدون
كان المخيّم جسم أحمد
كانت دمشق جفون أحمد
كان الحجاز ظلال أحمد
صار الحصار مرور أحمد فوق أفئدة الملايين الأسيرة
صار الحصار هجوم أحمد
والبحر طلقته الأخيرة!
يا خصر كلّ الريح
يا أسبوع سكّر !
يا اسم العيون ويا رخاميّ الصدى
يا أحمد المولود من حجر وزعتر
ستقول : لا
ستقول : لا
جلدي عباءة كلّ فلاح سيأتي من حقول التبغ
كي يلغي العواصم
وتقول : لا
جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفة
والتردد... والملاحم
نحو اقتحام المرحلة
وتقول : لا
ويدي تحيات الزهور وقنبلة
مرفوعة كالواجب اليومي ضدّ المرحلة
وتقول لا :
يا أيها الجسد المضرّج بالسفوح
وبالشموس المقبلة
وتقول :لا
يا أيها الجسد الذي يتزوج الأمواج
فوق المقصلة
وتقول : لا
وتقول : لا
وتقول : لا !
وتموت قرب دمي وتحيا في الطحين
ونزور صمتك حين تطلبنا يداك
وحين تشعلنا اليراعه
مشت الخيول على العصافير الصغيرة
فابتكرنا الياسمين
ليغيب وجه الموت عن كلماتنا
فاذهب بعيداً في الغمام وفي الزراعة
لا وقت للمنفى وأغنيتي...
سيجرفنا زحام الموت فاذهب في الزحام
لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين
واذهب إلى دمك المهيّأ لا نتشارك
واذهب إلى دمي الموحّد في حصارك
لا وقت للمنفى...
وللصور الجميلة فوق جدران الشوارع والجنائز
والتمني
كتبت مراثيها الطيور وشرّدتني
ورمت معاطفها الحقول وجمعتني
فاذهب بعيداً في دمي! واذهب بعيداً في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين
يا أحمد اليوميّ!
يا اسم الباحثين عن الندى وبساطة الأسماء
يا اسم البرتقالة
يا أحمد العاديّ!
كيف محًوت هذا الفارق اللفظيّ بين الصخر والتفّاح
بين البندقية والغزالة!
لا وقت للمنفى وأغنيتي...
سنذهب في الحصار
حتى نهايات العواصم
فاذهب عميقاً في دمي
اذهب براعم
واذهب عميقاً في دمي
اذهب خواتم
واذهب عميقاً في دمي
اذهب سلالم
يا أحمد العربيّ... قاوم!
لا وقت للمنفى وأغنيتي...
سنذهب في الحصار
حتى رصيف الخبز والأمواج
تلك مساحتي ومساحة الوطن – الملازم
موتٌ أمام الحلم
أو حلم يموت على الشعار
فاذهب عميقاً في دمي واذهب عميقاً في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين
... وله انحناءات الخريف
له وصايا البرتقال
له القصائد في النزيف
له تجاعيد الجبال
له الهتاف
له الزفاف
له المجلاّت الملوّنة
المراثي المطمئنة
ملصقات الحائط
العلم
التقدّم
فرقة الإنشاد
مرسوم الحداد
وكل شيء كل شيء كل شيء
حين يعلن وجهه للذاهبين إلى ملامح وجهه
يا أحمد المجهول!
كيف سكنتنا عشرين عاماً واختفيت
وظلّ وجهك غامضاً مثل الظهيرة
يا أحمد السريّ مثل النار والغابات
أشهر وجهك الشعبيّ فينا
واقرأ وصيّتك الأخيرة ؟
يا أيها المتفرّجون ! تناثروا في الصمت
وابتعدوا قليلاً عنه كي تجدوه فيكم
حنطةً ويدين عاريتين
وابتعدوا قليلاً عنه كي يتلو وصيّته
على الموتى إذا ماتوا
وكي يرمي ملامحه
على الأحياء إن عاشوا !