يحبونني ميتا
عندما يذهب الشهداء إلى النوم ( تصبحون على وطن )
سلام عليك
أنا يوسف يا ابي
مطار أثينا
يحبونني ميتا
يحبّونني ميّتًا
ليقولوا: لقد كان منّا، وكان لنا.
سمعت الخطى ذاتها.
منذ عشرين عامًا تدقّ على حائط اللّيل.
تأتي ولا تفتح الباب. لكنّها تدخل الآن.
يخرج منها الثّلاثة: شاعرٌ، قاتلٌ، قارئٌ.
ألا تشربون نبيذًا?
سألت. سنشرب.
قالوا. متى تطلقون الرّصاص عليّ?
سألت. أجابوا: تمهّل!
وصفّوا الكؤوس وراحوا يغنّون للشّعب،
قلت: متى تبدأون اغتيالي?
فقالوا: ابتدأنا... لماذا بعثت إلى الرّوح أحذيةً!
كي تسير على الأرض.
قلت. فقالوا: لماذا كتبت القصيدة بيضاء
والأرض سوداء جدًّا.
أجبت: لأنّ ثلاثين بحرًا تصبّ بقلبي.
فقالوا: لماذا تحبّ النّبيذ الفرنسيّ?
قلت: لأنّي جديرٌ بأجمل امرأةٍ.
كيف تطلب موتك?
أزرق مثل نجومٍ تسيل من السّقف
- هل تطلبون المزيد من الخمر?
قالوا: سنشرب.
قلت: سأسألكم أن تكونوا بطيئين،
أن تقتلوني رويدًا رويدًا لأكتب شعرًا أخيرًا لزوجة قلبي.
ولكنّهم يضحكون ولا يسرقون من البيت
غير الكلام الذي سأقول لزوجة قلبي..
تصبحون على وطن
عندما يذهب الشهداء الى النوم أصحو
وأحرسهم من هواة الرّثاء
أقول لهم :
تصبحون على وطن،
من سحابٍ ومن شجرٍ،
من سراب وماء
أهنئهم بالسلامة من حادث المستحيل
ومن قيمة المذبح الفائضة
وأسرق وقتا لكي يسرقوني من الوقت.
هل كلنا شهداء؟
وأهمس :
يا أصدقائي اتركوا حائطا واحداً،
لحبال الغسيل،
اتركوا ليلةً للغناء
اعلّق أسماءكم أين شئتم فناموا قليلاً،
وناموا على سلم الكرمة الحامضة
لأحرس أحلامكم من خناجر حراسكم
وانقلاب الكتاب على الأنبياء
وكونوا نشيد الذي لا نشيد له
عندما تذهبون إلى النوم هذا المساء
أقول لكم :
تصبحون على وطنٍ
حمّلوه على فرس راكضه
وأهمس :
يا أصدقائي لن تصبحوا مثلنا ...
حبل مشنقةٍ غامضه !
سلام عليك
لديني ... لديني لأعرف في أي أرضٍ أموت
وفي أي أرضٍ سأبعث حيا
سلامٌ عليك وأنت تعدّين نار الصّباح،
سلامٌ عليك...سلامٌ عليك.
أما آن لي أن أقدّم بعض الهدايا إليك
أما آن لي أن أعود إليك؟
لديني لأشرب منك حليب البلاد
وأبقى صبياً على ساعديك
وأبقى صبياً إلى أبد الآبدين.
أما آن لي أن أقدّم بعض الهدايا إليك
أما آن لي أن أعود إليك؟
أمي! أضعت يد يّا على خصر امرأةٍ من سراب
أعانق رملاً أعانق ظلاً
رأيت كثيراً يا أمي رأيت
لديني لأبقى على راحتيك
آه، يا أمي
أحنّ إلى خبز صوتك أمّي!
أحنّ إليك يا أمّي
أحنّ إلى خبز أمي، وقهوة أمي، ولمسة أمي...
وتكبر فيّ الطفولة يوماً على صدر يومٍٍ
وأعشق عمري لأني إذا متّ
أخجل من دمع أمي!
أنا يوسف يا أبي
أنا يوسفٌ يا أبي.
يا أبي، إخوتي لا يحبّونني،
لا يريدونني بينهم يا أبي.
يعتدون عليّ ويرمونني بالحصى والكلام.
يريدونني أن أموت لكي يمدحوني.
وهم أوصدوا باب بيتك دوني.
وهم طردوني من الحقل.
هم سمّموا عنبي يا أبي.
وهم حطّموا لعبي يا أبي.
حين مرّ النّسيم ولاعب شعري
غاروا وثاروا عليّ وثاروا عليك،
فماذا صنعت لهم يا أبي?
الفراشات حطّت على كتفيّ،
ومالت عليّ السّنابل،
والطّير حطّت على راحتيّ.
فماذا فعلت أنا يا أبي،
ولماذا أنا?
أنت سمّيتني يوسفًا،
وهمو أوقعوني في الجبّ، واتّهموا الذّئب;
والذّئب أرحم من إخوتي..
أبت! هل جنيت على أحدٍ عندما قلت إنّي:
رأيت أحد عشر كوكبًا، والشّمس والقمر، رأيتهم لي ساجدين? .
مطار أثينا
مطار أثينا يوزّعنا للمطارات.
قال المقاتل: أين أقاتل?
صاحت به حاملٌ: أين أهديك طفلك?
قال الموظّف: أين أوظّف مالي?
فقال المثقّف: مالي ومالك?
قال رجال الجمارك: من أين جئتم?
أجبنا: من البحر.
قالوا: إلى أين تمضون?
قلنا: إلى البحر.
قالوا: وأين عناوينكم?
قالت امرأةٌ من جماعتنا: بقجتي قريتي.
في مطار أثينا انتظرنا سنينا.
تزوّج شابٌّ فتاةً ولم يجدا غرفةً للزّواج السّريع.
تساءل: أين أفضّ بكارتها?
فضحكنا وقلنا له: يا فتىً، لا مكان لهذا السّؤال.
وقال المحلّل فينا: يموتون من أجل ألاّ يموتوا.
يموتون سهوًا.
وقال الأديب: مخيّمنا ساقطٌ لا محالة.
ماذا يريدون منّا?
وكان مطار أثينا يغيّر سكّانه كلّ يومٍ.
ونحن بقينا مقاعد فوق المقاعد ننتظر البحر،
كم سنةً يا مطار أثينا!...
عندما يذهب الشهداء إلى النوم ( تصبحون على وطن )
سلام عليك
أنا يوسف يا ابي
مطار أثينا
يحبونني ميتا
يحبّونني ميّتًا
ليقولوا: لقد كان منّا، وكان لنا.
سمعت الخطى ذاتها.
منذ عشرين عامًا تدقّ على حائط اللّيل.
تأتي ولا تفتح الباب. لكنّها تدخل الآن.
يخرج منها الثّلاثة: شاعرٌ، قاتلٌ، قارئٌ.
ألا تشربون نبيذًا?
سألت. سنشرب.
قالوا. متى تطلقون الرّصاص عليّ?
سألت. أجابوا: تمهّل!
وصفّوا الكؤوس وراحوا يغنّون للشّعب،
قلت: متى تبدأون اغتيالي?
فقالوا: ابتدأنا... لماذا بعثت إلى الرّوح أحذيةً!
كي تسير على الأرض.
قلت. فقالوا: لماذا كتبت القصيدة بيضاء
والأرض سوداء جدًّا.
أجبت: لأنّ ثلاثين بحرًا تصبّ بقلبي.
فقالوا: لماذا تحبّ النّبيذ الفرنسيّ?
قلت: لأنّي جديرٌ بأجمل امرأةٍ.
كيف تطلب موتك?
أزرق مثل نجومٍ تسيل من السّقف
- هل تطلبون المزيد من الخمر?
قالوا: سنشرب.
قلت: سأسألكم أن تكونوا بطيئين،
أن تقتلوني رويدًا رويدًا لأكتب شعرًا أخيرًا لزوجة قلبي.
ولكنّهم يضحكون ولا يسرقون من البيت
غير الكلام الذي سأقول لزوجة قلبي..
تصبحون على وطن
عندما يذهب الشهداء الى النوم أصحو
وأحرسهم من هواة الرّثاء
أقول لهم :
تصبحون على وطن،
من سحابٍ ومن شجرٍ،
من سراب وماء
أهنئهم بالسلامة من حادث المستحيل
ومن قيمة المذبح الفائضة
وأسرق وقتا لكي يسرقوني من الوقت.
هل كلنا شهداء؟
وأهمس :
يا أصدقائي اتركوا حائطا واحداً،
لحبال الغسيل،
اتركوا ليلةً للغناء
اعلّق أسماءكم أين شئتم فناموا قليلاً،
وناموا على سلم الكرمة الحامضة
لأحرس أحلامكم من خناجر حراسكم
وانقلاب الكتاب على الأنبياء
وكونوا نشيد الذي لا نشيد له
عندما تذهبون إلى النوم هذا المساء
أقول لكم :
تصبحون على وطنٍ
حمّلوه على فرس راكضه
وأهمس :
يا أصدقائي لن تصبحوا مثلنا ...
حبل مشنقةٍ غامضه !
سلام عليك
لديني ... لديني لأعرف في أي أرضٍ أموت
وفي أي أرضٍ سأبعث حيا
سلامٌ عليك وأنت تعدّين نار الصّباح،
سلامٌ عليك...سلامٌ عليك.
أما آن لي أن أقدّم بعض الهدايا إليك
أما آن لي أن أعود إليك؟
لديني لأشرب منك حليب البلاد
وأبقى صبياً على ساعديك
وأبقى صبياً إلى أبد الآبدين.
أما آن لي أن أقدّم بعض الهدايا إليك
أما آن لي أن أعود إليك؟
أمي! أضعت يد يّا على خصر امرأةٍ من سراب
أعانق رملاً أعانق ظلاً
رأيت كثيراً يا أمي رأيت
لديني لأبقى على راحتيك
آه، يا أمي
أحنّ إلى خبز صوتك أمّي!
أحنّ إليك يا أمّي
أحنّ إلى خبز أمي، وقهوة أمي، ولمسة أمي...
وتكبر فيّ الطفولة يوماً على صدر يومٍٍ
وأعشق عمري لأني إذا متّ
أخجل من دمع أمي!
أنا يوسف يا أبي
أنا يوسفٌ يا أبي.
يا أبي، إخوتي لا يحبّونني،
لا يريدونني بينهم يا أبي.
يعتدون عليّ ويرمونني بالحصى والكلام.
يريدونني أن أموت لكي يمدحوني.
وهم أوصدوا باب بيتك دوني.
وهم طردوني من الحقل.
هم سمّموا عنبي يا أبي.
وهم حطّموا لعبي يا أبي.
حين مرّ النّسيم ولاعب شعري
غاروا وثاروا عليّ وثاروا عليك،
فماذا صنعت لهم يا أبي?
الفراشات حطّت على كتفيّ،
ومالت عليّ السّنابل،
والطّير حطّت على راحتيّ.
فماذا فعلت أنا يا أبي،
ولماذا أنا?
أنت سمّيتني يوسفًا،
وهمو أوقعوني في الجبّ، واتّهموا الذّئب;
والذّئب أرحم من إخوتي..
أبت! هل جنيت على أحدٍ عندما قلت إنّي:
رأيت أحد عشر كوكبًا، والشّمس والقمر، رأيتهم لي ساجدين? .
مطار أثينا
مطار أثينا يوزّعنا للمطارات.
قال المقاتل: أين أقاتل?
صاحت به حاملٌ: أين أهديك طفلك?
قال الموظّف: أين أوظّف مالي?
فقال المثقّف: مالي ومالك?
قال رجال الجمارك: من أين جئتم?
أجبنا: من البحر.
قالوا: إلى أين تمضون?
قلنا: إلى البحر.
قالوا: وأين عناوينكم?
قالت امرأةٌ من جماعتنا: بقجتي قريتي.
في مطار أثينا انتظرنا سنينا.
تزوّج شابٌّ فتاةً ولم يجدا غرفةً للزّواج السّريع.
تساءل: أين أفضّ بكارتها?
فضحكنا وقلنا له: يا فتىً، لا مكان لهذا السّؤال.
وقال المحلّل فينا: يموتون من أجل ألاّ يموتوا.
يموتون سهوًا.
وقال الأديب: مخيّمنا ساقطٌ لا محالة.
ماذا يريدون منّا?
وكان مطار أثينا يغيّر سكّانه كلّ يومٍ.
ونحن بقينا مقاعد فوق المقاعد ننتظر البحر،
كم سنةً يا مطار أثينا!...