من طرف زائر 2008-03-17, 10:04 pm
وفتح بن غوريون بقانون العودة باب الهجرة الجماعية على مصراعيه ووضع نصب عينيه مضاعفة عدد اليهود في البلاد خلال اربع سنوات ووظف كل امكانات الصهيونية المالية والتنظيمية والسياسية لهذا الغرض. ودل اول احصاء لاسرائيل في تشرين الثاني 1948 على ان في البلاد 713,000 يهودي و69,000 عربي. وما كادت سنة 1951 تصل الى نهايتها حتى كان قد دخل البلاد 689,275 يهودياً. هكذا خلال اقل من اربع سنوات وبفضل سلطة الدولة دخل "اسرائيل" من اليهود عدد يساوي العدد الذي دخلها خلال سبعين عاماً منذ بدء الاستيطان الصهيوني بما فيه نموه الطبيعي خلال هذه السنين، واستطراداً نقول ان عدد يهود "اسرائيل" وصل عشية حرب حزيران (يونيو) 1967 الى 2,375,000 ولم يكن هدف رومانيا فبولندا، والدول الاسلامية لـ 79،800 (ايران 39,000، تركيا 37,000 وافغانستان 3,800)، والبلاد العربية لـ 359,000 (العراق 123,000، المغرب 120,000، مصر 75,000، اليمن 48,000، ليبيا 35,000، تونس 30,000، سورية 26,000، عدن 6,500، الجزائر 3,500)، وهكذا افرغت الدول العربية ما لديها على فلسطين بخفة وقلة بصيرة مذهلة حقاً لعواقب ما تفعل. ونتيجة لهذه الهجرة تغيرت بنية المجتمع الاسرائيلي اليهودي الاثني فهبطت نسبة الاوروبيين فيه من 84,9 في المئة عام 1948 الى 56,8 في المئة عام 1961 بينما ارتفعت نسبة اليهود "الاسيويين" من 12,5 في المئة الى 24,8 في المئة واليهود "المغربيين" من 2,6 في المئة الى 18,4 في المئة. وقد حمل بعض هؤلاء حنيناً الى اوطانهم الاسلامية والعربية لكن السواد الاعظم منهم شكل مستودعاً لا قاع له من الحقد والبغضاء عليها وضعه بتصرف الاحزاب الاسرائيلية اليمينية. وبتأسيس الدولة وتحقيق الغاية من "برنامج بازل" غدا لزاماً على "اسرائيل" والمنظمة الصهيونية ان تحددا الغاية من الصهيونية بعد قيام الدولة وان تنظما العلاقة فيما بينهما بعد ان اصبح احدهما ذا سيادة، فانعقد المؤتمر الصهيوني الثالث والعشرون في القدس ايام 24 نيسان (ابريل) - 7 ايار (مايو) 1951 في جو سادته نشوة الغلبة والنصر ولكن ايضاً وبخاصة للاعضاء الامريكيين تحت سحابة مقولة بن غوريون بمرادفة الصهيونية حصراً للهجرة الى "اسرائيل". واحتدم النقاش والخلاف على صياغة الهدف كما وقع في المؤتمر الصهيوني الاول واستقر الرأي على الصيغة الاتية: غاية الصهيونية انما هي توطيد Consolidation دولة "اسرائيل" وتجميع منفيين في ارض "اسرائيل" Of Exiles in Ingathering ورعاية وحدة الشعب اليهودي". وكانت الصيغة التي اصر عليها بن غوريون بادىء الامر تنص على "تجميع المنفيين" بـ ال التعريف اطلاقاً على ميع اليهود خارج الدولة مما اثار حفيظة الممثلين الامريكيين الذين نفوا بشدة عن انفسهم صفة "النفي" في بلدهم الولايات المتحدة فكانت الصيغة التي اقرت. اما مهمات المنظمة في المرحلة الجديدة فتحددت: بتشجيع الهجرة واستيعاب المهاجرين وتنشيط الاستيطان الزراعي والتنمية الاقتصادية والحصول على الارض ملكاً للشعب وتدريب الرواد الرزاعيين Halutzim والجهد المكثف لجمع المال لهذه الاغراض بما فيه استثمار رأس المال الخاص وتعميق الهوية والثقافة اليهوديين وتعبئة الرأي العام العالمي لتأييد "اسرائيل" سيادة في سائر المجالات. وادرك بن غوريون ان لا واردات الدولة ولا العائدات العادية من "الصندوق القومي اليهودي" Keren Kayemet و"صندوق التأسيس" Krem Hatesod وقدرها حوالى 300 مليون دولار سنوياً تكفي لسد نفقات برنامج الطموح لمضاعفة عدد اليهود في البلاد خلال اربع سنين وانه كما يقول في مذكراته "لا يمكن تحمل هذا العبء من دون تعبئة الطاقة الهائلة Tremendous Capacity ليهود امريكا لهذا الغرض". فقرر اصدار سندات Bonds بمقدار بليون دولار تباع في الولايات المتحدة ودعوة كبار رجال الاعمال الامريكيين الى مؤتمر في القدس لإقرار فكرته فيل له ان السندات لا تعفى من الضرائب كما هي الحال بالنسبة الى التبرعات الى الصندوقين السالفي الذكر في امريكا لكنه اصر على رأيه وعقد المؤتمر وتم بيع سندات بقيمة 827 مليون دولار بين 1951 و1965. وفي تشرين الاول (اكتوبر) 1951 قابل ناحوم غولدمان الروسي المولد (1894-1982) ورئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية الرئيس الالماني اديناور على رأس وفد يمثل 23 هيئة يهوية للمطالبة بالتنسيق مع بن غوريون بتعويضات لما اصاب اليهود على ايدي الحكومة النازية وتم الاتفاق بين الطرفين في ايلول (سبتمبر) 1952 دفعت المانيا بموجبه 822 مليون دولار نقداً وسلعاً الى "اسرائيل" ما بين 1952 و1965 غير مبلغ 450 مليون مارك دفع الى سائر الهيئات اليهودية. ووصل جزء كبير منها ايضاً الى "اسرائيل" بطرق غير مباشرة. ولاقى الاتفاق معارضة شديدة في الكنيست من قبل مناحيم بيغن زعيم "الحزب اليميني" (الحيروت) المنبثق عن الحركة التنقيحية Revisionist وكذلك من احزاب اليسار وحرض بيغن اتباعه على مهاجمة الكنيست ورشقه بالحجارة مما استدعى تدخل الجيش لحمايته وتعليق عضوية بيغن في الكنيست لمدة ثلاثة اشهر. ووصلت الطاقة الاسرائيلية في مجالي الزراعة والصناعة الى ما وصلت اليه بفضل احدث الآلات الالمانية التي تدفقت عليه بموجب هذه الاتفاقية وبنت المانيا اسطول "اسرائيل" التجاري الحديث اذ سلمتها 60 سفينة حمولتها 450,000 طن و8 ناقلات بترول حمولتها 200,000 طن اضافة الى حوض جاف للسفن وحدثت "اسرائيل" شبكتها الهاتفية وسككها الحديد ومحطات توليد الكهرباء بفضل هذه الاتفاقية، كما دفعت المانيا ثم الوقود لهذه المطات وتم كل هذا ما بين 1952 و1964 مما مكن "اسرائيل" من انشاء 172 مستعمرة جديدة ومضاعفة قطاعها المديني خلال هذه الفترة. وفي عهد الرئيس الامريكي ترومان (1945-1953) الذي اعترف "باسرائيل" خلال دقائق من اعلانها يوم 15 ايار 1948، كون 1948 سنة انتخابية رئاسية، قدمت الولايات المتحدة الى "اسرائيل" (بين 1949 و1953) قروضا بقيمة 135 مليون دولار ومعونات بقيمة 160 مليون دولار. ورغماً عن الخلافات مع الرئيس ايزنهاور الذي خلف ترومان (1953-1961) الذي لم يكن بحاجة الى اصوات اليهود بحكم قيادته لجيوش الحلفاء خلال الحرب قدمت الولايات المتحدة الى "اسرائيل" خلال السنوات الثلاثة من هذه المرحلة (1954-1956) معونات بقيمة 178 مليون دولار. وفي 29 تشرين الثاني 1948 قدمت "اسرائيل" طلباً لعضوية هيئة الأمم المتحدة ورفض هذا الطلب. وفي كانون الاول (ديسمبر) 1948 اصدرت الجمعية العامة لهيئة الأمم قراراً (194111) بإنشاء لجنة توفيق "لمساعدة الحكومات… لتحقيق تسوية سلمية نهائية لجميع القضايا العالقة بينها". كما نصت الفقرة الحادية عشرة منه على حق اللاجئين "الراغبين في العيش بسلام مع جيرانهم" في العودة "الى منازلهم" او في التعويض لمن يرغب في العودة، وفي نيسان 1949 وافقت كل من الدول العربية (مصر والاردن ولبنان وسوريا) و"اسرائيل" على حضور مؤتمر برعاية لجنة التوفيق يعقد في لوزان في سويسرا. وفي ايار وقع الطرفان مستقلين عن بعضهما البعض مسودتين متطابقتين في نصيهما تفيدان بانهما على استعداد لاعتماد خريطة لتقسيم فلسطين وفق قرار هيئة الأمم الصادر عام 1947 الحقت بكل المسودتين "كنقطة بداية واطار Starting Point &Framework لبحث القضايا الاقليمية". واصر الطرف العربي على عودة اللاجئين وفق قرار كانون الاول 1948 وكان اقصى عدد وافقت "اسرائيل" على عودته 100,000 لاجىء على ان يشمل هذا الرقم من دخل البلاد من الفلسطينيين منذ وقف القتال قدرتهم "اسرائيل" بـ 35 الفاً فرفض العرب الاقتراح وقدمت "اسرائيل" جانبياً اقتراحاً بضم قطاع غزة بسكانه ولاجئيه على ان يكون هذا بديلاً عن اقتراحها الاول فرفض هذا ايضاً طبعاً. وهكذا لم تسفر محادثات لوزان عن اية نتيجة، اللهم الا انها استعملت كورقة تين لقبول "اسرائيل" في عضوية هيئة الأمم في ايار 1949 ما لبثت بعد الحصول عليها ان اعلنت "اسرائيل" رفضها لـ"اطار" التقسيم لعام 1947 ولقرار هيئة الأمم بعودة اللاجئين. وهكذا تم ضمناً الاقرار الدولي بما فعلته "اسرائيل" خلال الحرب وحصلت هي على الشرعية الدولية رغماً عن ذلك وكان هذا الاساس "القانوني" لتدفق المعونات عليها الذي اسلفنا ذكره. ونصت اتفاقات الهدنة التي عقدت عند وقف القتال 1949 بين "اسرائيل" من ناحية وكل من مصر والاردن ولبنان وسوريا (سحب العراق