سيناريوهات معركة غزة (ترجمة عن دراسة عبرية)
سيناريوهات الحرب على غزة تصور لطبيعة معركة غزة القادمة من خلال تصور الأحداث التي من الممكن أن تجري في هذه الحرب. يضعها طاقم من كبار رجالات المؤسسة العسكرية والأمنية وخبراء السياسة في إسرائيل من خلال تمثيل الأدوار المفترضة لسيناريو الأحداث القادمة على طاولة تجمع هؤلاء الأشخاص وكأن الأحداث قد بدأت بالفعل. وقد عقدت هذه الحلقة في أحد المراكز الأمنية في تل أبيب، حيث يمثل كل واحد من أفراد الطاقم جهة ذات علاقة بالأمر بدءً من السلطة الفلسطينية، وحركة حماس، ممثل للحكومة المصرية، والولايات المتحدة، وروسيا، ورئيس الوزراء ووزير الدفاع، ووزراء كبار في الحكومة الإسرائيلية. هذا الطاقم مكون من مجموعة من جنرالات الاحتياط وشخصيات برتبة عميد وعقيد، ومسئولون كبار سابقين بالموساد والشاباك والاستخبارات العسكرية، وخبراء عسكريين وسياسيين، ومؤرخين عسكريين، وباحثين إستراتيجيين وتكتيكيين، وخبراء لاعبي الأدوار. وجدير بالملاحظة أن هناك خيارين للمواجهة ممثلتين في حكومتين ( إسرائيل 1، وإسرائيل 2 ). وفيما يلي الشخصيات التي لعبت أدوار الجهات:
1. السلطة الفلسطينية: العقيد شلومو بورم رئس قسم التخطيط الإستراتيجي، ونائب رئيس مجلس الأمن القومي سابقا.
2. حماس: يورام شفتسر مسئول سابق في الأجهزة الإستخبارية، رئيس قسم مكافحة الإرهاب الدولي في الجيش،. يوحنان تسورف وهو مستشار سابق لشئون العربية في للإدارة المدنية
3. الولايات المتحدة: د. إسحاق فيلر مسئول كبير سابق في الموساد، ونائب رئيس مجلس الأمن القومي سابقا. الجنرال المتقاعد د. روني برات خبير في التاريخ الأمريكي، والعلاقات الدولية.
4. مصر: الجنرال المتقاعد: إفرايم كم خبير في الاستخبارات الإستراتيجية .
5. إسرائيل 1: الجنرال المتقاعد غيور روم، نائب قائد سلاح الجو الإسرائيلي, وممثل الجيش في السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة،رئيس قسم علم النفس في جامعة بار إيلان في النقب . نائب وزير الخارجية د. مارك هيلر . وهو خبير في العلاقات الدولية، د. جابي سبوني، وهو جنرال احتياط و قائد سابق لفرقة جولاني، وهو مستشار في إدارة الوكلاء .
6. إسرائيل 2: الجنرال الاحتياط غيور ايلاند رئيس مجلس الأمن القومي سابقا . أور نئمان، رئيس قسم بالموساد سابق . ود . عناة كوران ، خبير في الجماعات الإسلامية والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
7. إدارة التمثيل: يونيت ليرنر . خبير في الشئون الإستراتيجية .
8. مركز النتائج – طاقم استخلاص العبر-: عقيد احتياط، د. تسيبي ستوبر، رئيس معهد للدراسات الأمن القومي، سفير إسرائيل السابق في بريطانيا .
أولاً: السيناريو الأول للمعركة مع غزة
تبدأ تفاصيل الأحداث على النحو التالي:
تقطع نشر أخبار الساعة السادسة صباحا ومقدم النشرة يتحدث عن تساقط أعداد من الصواريخ على مدينة عسقلان وسيدروت، وحزام غزة – المستوطنات المجاورة للقطاع. وينتقل المذيع إلى المراسل في المنطقة الجنوبية " والذي يتحدث "أن الوضع غير واضح" حيث تجري هناك حركة غير عادية للطائرات المروحية، وتحرك لقوات الجيش في منطقة موقع التدريب في "زكيم"، ويفيد المراسل أن قذيفة واحدة قد سقطت على الموقع، أو أن عملية تسلل لمجموعة فدائية للموقع، المستشفيات في حالة تأهب قصوى لاستقبال عشرات المصابين ".
وبعد نصف ساعة اتضحت الصورة، حيث تبين أن مجموعة فدائية قد تسللت عبر نفق من قطاع غزة في ساعات الصباح الباكر باتجاه قاعدة "زكيم" وتمكنت المجموعة من إصابة عدد من الحراس، وأطلقت المجموعة الرصاص وألقيت عدة قنابل يدوية باتجاه الخيام التي ينام بها الجنود. وفي نفس المكان جرت معركة قتل خلالها خمسة فدائيين وجرى مطاردة خلف اثنين آخرين الذين تمكنوا من الفرار باتجاه البحر. من جهة الجيش، قتل 7 جنود وأصيب 25 آخرين. وفي أعقاب الحادث دعا رئيس الوزراء على عجل إلى اجتماع طارئ للمجلس الأمني والسياسي المصغر في الساعة التاسعة صباحاً، المجلس المصغر ناقش تدهور الموقف قبل يومين حيث قتل 19 من نشاطي حماس وقامت كل التنظيمات وعلى رأسها حماس بقصف صاروخي مركز من كافة الأنواع من القذائف على حزام غزة، حيث سقط في اليوم الواحد من 50 -60 قذيفة وعلى أثر ذلك أغلقت المؤسسات التعليمية في سيدروت وتضررت بعض المصانع في المنطقة الصناعية جنوب عسقلان، وقتل ثلاثة مواطنين من الصواريخ، وأصيب أربعة جنود بجراح من قذائف الهاون. فقررت الحكومة في الجلسة السابقة أن تزيد الضغط العسكري والاقتصادي على حماس، ولكن من دون الدخول بعملية عسكرية واسعة في غزة و ومن هذه الإجراءات المفترضة قطع الكهرباء عن القطاع لعدة ساعات وتقليص الوقود بنسبته 15%، وقد تسربت من أحد الوزراء أنباء أنه قد تقرر تخفيف الحصار بعد ثلاثة أيام، وبعد ثلاث أيام ستقرر الحكومة ماذا ستفعل.
وبشكل موازي لذلك تمت عمليات تصفية من الجو ضد رجال المقاومة وشن الجيش هجمات برية في عدة مناطق قتل خلالها حوالي 46 من حماس والجهاد الإسلامي و11 مواطنا. وفي أحد المواجهات قتل ثلاثة جنود نتيجة تفجير في أحد الأبنية التي سيطر عليها الجيش. وفي نفس الوقت لم يتوقف إطلاق القذائف من كافة الأنواع. وهكذا وقعت العملية الكبرى التي حذر منها رئيس الشباك أمام مجلس الوزراء وسماها " المذبحة في زكيم ". وفي نتيجة للأحداث قطعت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس زيارتها في الشرق الأوسط وتوجهت إلى إسرائيل، والرئيس المصري قرر أن يرسل مبعوثا خاصا له إلى إسرائيل.
ليس من المتوقع أن تجري الأمور بهذه الصورة تماما ولكن هذه بداية اتخاذ القرار للخروج إلى الحرب "اذهب إلى غزة" والتي وُضع لها تصوران أمام حكومتين إسرائيليتين مختلفتين: الأولى ذهبت بالطريقة المعروفة وهي عن طريق فرض وقف إطلاق النار بواسطة عملية عسكرية واسعة النطاق، والثانية قررت وبصورة مفاجئة أن تؤجل الخروج إلى عملية عسكرية كبرى وعن كطريق توفير الأجواء أمام حماس من أجل القبول بوقف إطلاق النار عن طريق التفاوض ومن دون أن تستعمل القوة.
الحكومة الإسرائيلية تقرر الخروج إلى عملية عسكرية واسعة النطاق
الجنرال المتقاعد غيرو روم وأفراد الطاقم المشارك معه والذين مثلوا دور الوزراء في المجلس الوزاري المصغر، والجهات الأمنية – رئيس الشباك، رئيس الأركان، ورئيس مجلس الأمن القومي- كلهم قالوا بصوت واحد: "لا مفر من عملية عسكرية كبيرة في غزة"، ولكن الخلاف هنا حول عملية عسكرية كبيرة من أجل احتلال القطاع كله، الأمر الذي يحتاج إلى تقييمات دائمة للوضع واستدعاء للاحتياط، وبين عملية احتلال جزئي 5 كم من الشمال، واحتلال 5 كم على طول ممر فيلادلفيا في منطقة رفح من أجل فصل رفح عن مصر.
في المجلس الوزاري المصغر جرى جدال. الجيش يرغب بعملية عسكرية كبيرة لكنه يطلب مزيدا من الوقت من أجل استدعاء الاحتياط، وكذلك هناك جدال حول نهاية المعركة: فيما إذا كان الجيش سوف يخرج بعد فترة قصيرة ويتمركز في مناطق محادية لفترات طويلة أو الانتظار حتى تصل قوات دولية بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية. ومن الجدير بالذكر أن فكرة القوات الدولية قد تم الحديث فيها خلال زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى المنطقة. والنية هنا أن مجلس الأمن الدولي يرسل قوات دولية إلى قطاع غزة لتحل محل القوات الإسرائيلية حتى تتمكن قوة فلسطينية تابعة للسلطة في رام الله من السيطرة على الوضع في القطاع.
من جهته، يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي في الأمر فرصة لنقل المسئولية عن القطاع إلى مصر، من المنطق أن نفحص إمكانية أن تتعاطى مصر مع تواجد قوات دولية في القطاع بهذه الصورة. أحد الوزراء الذين تم توبيخهم بسبب صمتهم في جلسة مجلس الوزراء قبل حرب لبنان الثانية، فتذمر بالقول: "ما هو الهدف الإستراتيجي لهذه العملية العسكرية؟ بالضبط كما حدث في حرب لبنان الثانية نضع الافتراضات لتحقيق ثمن سياسي من الأعداء وليس أكثر من ذلك، هذه حماس كحركة شعبية لا يمكن القضاء عليها. الأهداف الإستراتيجية عادية". فيرد عليه رئيس الوزراء بكل هدوء: الهدف وقف النار لفترة طويلة وتقوية أبو مازن وإضعاف حماس. رئيس الوزراء بعد حرب لبنان الأخيرة يبدو حذرا إلى درجة كبيرة ولا يريد أن يضع أهداف كبيرة ولكن مثله مثل باقي الحضور فهو يؤمن أن ضربة عسكرية قوية ضد حماس وجلب قوات دولية سيجلب أجواء جديدة على المنطقة وهذا أقصى شيء يتطلع إليه رئيس الوزراء وأدنى شيء يتطلع إليه هو هدف واقعي بأن "تدفع حماس ثمن قاسيا سيجبر حماس على الحفاظ على وقف إطلاق النار".
في نهاية المطاف وافق المجلس الأمني المصغر على القيام بالعملية العسكرية وكان القرار على النحو التالي: "عملية عسكرية تؤدي إلى تدمير القدرة الإنتاجية وقدرة إطلاق صواريخ القسام في القطاع وإيجاد قوة ردع عن طريق ضربة فاعلة ضد حماس وباقي الفصائل الأخرى".
الأوامر أعطيت للجيش بالقيام بقطع الرؤوس لقادة حماس بدون التمييز بين القيادة السياسية العسكرية وتدمير المقرات والبني التحتية. ومن الممكن الطلب من السكان مغادرة مناطق سكناهم حتى لا يتعرضوا للقصف. ومن أجل منع وقوع كارثة إنسانية من الممكن إيجاد تنسيق لإدخال المواد الغذائية لهم. وفي المقابل لا بد من تجهيز مناطق لاستقبال الفارين من القصف إلى داخل الحدود الإسرائيلية في معسكرات تحت سيطرة الجيش. حين تبدأ العملية، فإن سكان بيت حانون ورفح أعطوا التعليمات من أجل ترك مساكنهم، آلاف الفلسطينيين فروا إلى ساحل البحر وتوجهوا إلى الحدود المصرية، حيث في اليوم الأول شن سلاح الجو 100 غارة على 40 هدف، عشرات الطائرات تعمل في الجو من كافة الأنواع طائرات هجومية ومروحيات وطائرات بدون طيار . قوات برية تشتبك مع مقاتلين فلسطينيين متحصنين في مخابئ. في ساعات المساء أعلن الناطق العسكري الإسرائيلي عن مقتل 8 جنود، حتى صباح اليوم التالي ارتفع العدد إلى 20، بعد أن صعدت ناقلة جند فوق لغم شديد الانفجار نصبه الفلسطينيين.
سيناريوهات الحرب على غزة تصور لطبيعة معركة غزة القادمة من خلال تصور الأحداث التي من الممكن أن تجري في هذه الحرب. يضعها طاقم من كبار رجالات المؤسسة العسكرية والأمنية وخبراء السياسة في إسرائيل من خلال تمثيل الأدوار المفترضة لسيناريو الأحداث القادمة على طاولة تجمع هؤلاء الأشخاص وكأن الأحداث قد بدأت بالفعل. وقد عقدت هذه الحلقة في أحد المراكز الأمنية في تل أبيب، حيث يمثل كل واحد من أفراد الطاقم جهة ذات علاقة بالأمر بدءً من السلطة الفلسطينية، وحركة حماس، ممثل للحكومة المصرية، والولايات المتحدة، وروسيا، ورئيس الوزراء ووزير الدفاع، ووزراء كبار في الحكومة الإسرائيلية. هذا الطاقم مكون من مجموعة من جنرالات الاحتياط وشخصيات برتبة عميد وعقيد، ومسئولون كبار سابقين بالموساد والشاباك والاستخبارات العسكرية، وخبراء عسكريين وسياسيين، ومؤرخين عسكريين، وباحثين إستراتيجيين وتكتيكيين، وخبراء لاعبي الأدوار. وجدير بالملاحظة أن هناك خيارين للمواجهة ممثلتين في حكومتين ( إسرائيل 1، وإسرائيل 2 ). وفيما يلي الشخصيات التي لعبت أدوار الجهات:
1. السلطة الفلسطينية: العقيد شلومو بورم رئس قسم التخطيط الإستراتيجي، ونائب رئيس مجلس الأمن القومي سابقا.
2. حماس: يورام شفتسر مسئول سابق في الأجهزة الإستخبارية، رئيس قسم مكافحة الإرهاب الدولي في الجيش،. يوحنان تسورف وهو مستشار سابق لشئون العربية في للإدارة المدنية
3. الولايات المتحدة: د. إسحاق فيلر مسئول كبير سابق في الموساد، ونائب رئيس مجلس الأمن القومي سابقا. الجنرال المتقاعد د. روني برات خبير في التاريخ الأمريكي، والعلاقات الدولية.
4. مصر: الجنرال المتقاعد: إفرايم كم خبير في الاستخبارات الإستراتيجية .
5. إسرائيل 1: الجنرال المتقاعد غيور روم، نائب قائد سلاح الجو الإسرائيلي, وممثل الجيش في السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة،رئيس قسم علم النفس في جامعة بار إيلان في النقب . نائب وزير الخارجية د. مارك هيلر . وهو خبير في العلاقات الدولية، د. جابي سبوني، وهو جنرال احتياط و قائد سابق لفرقة جولاني، وهو مستشار في إدارة الوكلاء .
6. إسرائيل 2: الجنرال الاحتياط غيور ايلاند رئيس مجلس الأمن القومي سابقا . أور نئمان، رئيس قسم بالموساد سابق . ود . عناة كوران ، خبير في الجماعات الإسلامية والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
7. إدارة التمثيل: يونيت ليرنر . خبير في الشئون الإستراتيجية .
8. مركز النتائج – طاقم استخلاص العبر-: عقيد احتياط، د. تسيبي ستوبر، رئيس معهد للدراسات الأمن القومي، سفير إسرائيل السابق في بريطانيا .
أولاً: السيناريو الأول للمعركة مع غزة
تبدأ تفاصيل الأحداث على النحو التالي:
تقطع نشر أخبار الساعة السادسة صباحا ومقدم النشرة يتحدث عن تساقط أعداد من الصواريخ على مدينة عسقلان وسيدروت، وحزام غزة – المستوطنات المجاورة للقطاع. وينتقل المذيع إلى المراسل في المنطقة الجنوبية " والذي يتحدث "أن الوضع غير واضح" حيث تجري هناك حركة غير عادية للطائرات المروحية، وتحرك لقوات الجيش في منطقة موقع التدريب في "زكيم"، ويفيد المراسل أن قذيفة واحدة قد سقطت على الموقع، أو أن عملية تسلل لمجموعة فدائية للموقع، المستشفيات في حالة تأهب قصوى لاستقبال عشرات المصابين ".
وبعد نصف ساعة اتضحت الصورة، حيث تبين أن مجموعة فدائية قد تسللت عبر نفق من قطاع غزة في ساعات الصباح الباكر باتجاه قاعدة "زكيم" وتمكنت المجموعة من إصابة عدد من الحراس، وأطلقت المجموعة الرصاص وألقيت عدة قنابل يدوية باتجاه الخيام التي ينام بها الجنود. وفي نفس المكان جرت معركة قتل خلالها خمسة فدائيين وجرى مطاردة خلف اثنين آخرين الذين تمكنوا من الفرار باتجاه البحر. من جهة الجيش، قتل 7 جنود وأصيب 25 آخرين. وفي أعقاب الحادث دعا رئيس الوزراء على عجل إلى اجتماع طارئ للمجلس الأمني والسياسي المصغر في الساعة التاسعة صباحاً، المجلس المصغر ناقش تدهور الموقف قبل يومين حيث قتل 19 من نشاطي حماس وقامت كل التنظيمات وعلى رأسها حماس بقصف صاروخي مركز من كافة الأنواع من القذائف على حزام غزة، حيث سقط في اليوم الواحد من 50 -60 قذيفة وعلى أثر ذلك أغلقت المؤسسات التعليمية في سيدروت وتضررت بعض المصانع في المنطقة الصناعية جنوب عسقلان، وقتل ثلاثة مواطنين من الصواريخ، وأصيب أربعة جنود بجراح من قذائف الهاون. فقررت الحكومة في الجلسة السابقة أن تزيد الضغط العسكري والاقتصادي على حماس، ولكن من دون الدخول بعملية عسكرية واسعة في غزة و ومن هذه الإجراءات المفترضة قطع الكهرباء عن القطاع لعدة ساعات وتقليص الوقود بنسبته 15%، وقد تسربت من أحد الوزراء أنباء أنه قد تقرر تخفيف الحصار بعد ثلاثة أيام، وبعد ثلاث أيام ستقرر الحكومة ماذا ستفعل.
وبشكل موازي لذلك تمت عمليات تصفية من الجو ضد رجال المقاومة وشن الجيش هجمات برية في عدة مناطق قتل خلالها حوالي 46 من حماس والجهاد الإسلامي و11 مواطنا. وفي أحد المواجهات قتل ثلاثة جنود نتيجة تفجير في أحد الأبنية التي سيطر عليها الجيش. وفي نفس الوقت لم يتوقف إطلاق القذائف من كافة الأنواع. وهكذا وقعت العملية الكبرى التي حذر منها رئيس الشباك أمام مجلس الوزراء وسماها " المذبحة في زكيم ". وفي نتيجة للأحداث قطعت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس زيارتها في الشرق الأوسط وتوجهت إلى إسرائيل، والرئيس المصري قرر أن يرسل مبعوثا خاصا له إلى إسرائيل.
ليس من المتوقع أن تجري الأمور بهذه الصورة تماما ولكن هذه بداية اتخاذ القرار للخروج إلى الحرب "اذهب إلى غزة" والتي وُضع لها تصوران أمام حكومتين إسرائيليتين مختلفتين: الأولى ذهبت بالطريقة المعروفة وهي عن طريق فرض وقف إطلاق النار بواسطة عملية عسكرية واسعة النطاق، والثانية قررت وبصورة مفاجئة أن تؤجل الخروج إلى عملية عسكرية كبرى وعن كطريق توفير الأجواء أمام حماس من أجل القبول بوقف إطلاق النار عن طريق التفاوض ومن دون أن تستعمل القوة.
الحكومة الإسرائيلية تقرر الخروج إلى عملية عسكرية واسعة النطاق
الجنرال المتقاعد غيرو روم وأفراد الطاقم المشارك معه والذين مثلوا دور الوزراء في المجلس الوزاري المصغر، والجهات الأمنية – رئيس الشباك، رئيس الأركان، ورئيس مجلس الأمن القومي- كلهم قالوا بصوت واحد: "لا مفر من عملية عسكرية كبيرة في غزة"، ولكن الخلاف هنا حول عملية عسكرية كبيرة من أجل احتلال القطاع كله، الأمر الذي يحتاج إلى تقييمات دائمة للوضع واستدعاء للاحتياط، وبين عملية احتلال جزئي 5 كم من الشمال، واحتلال 5 كم على طول ممر فيلادلفيا في منطقة رفح من أجل فصل رفح عن مصر.
في المجلس الوزاري المصغر جرى جدال. الجيش يرغب بعملية عسكرية كبيرة لكنه يطلب مزيدا من الوقت من أجل استدعاء الاحتياط، وكذلك هناك جدال حول نهاية المعركة: فيما إذا كان الجيش سوف يخرج بعد فترة قصيرة ويتمركز في مناطق محادية لفترات طويلة أو الانتظار حتى تصل قوات دولية بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية. ومن الجدير بالذكر أن فكرة القوات الدولية قد تم الحديث فيها خلال زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى المنطقة. والنية هنا أن مجلس الأمن الدولي يرسل قوات دولية إلى قطاع غزة لتحل محل القوات الإسرائيلية حتى تتمكن قوة فلسطينية تابعة للسلطة في رام الله من السيطرة على الوضع في القطاع.
من جهته، يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي في الأمر فرصة لنقل المسئولية عن القطاع إلى مصر، من المنطق أن نفحص إمكانية أن تتعاطى مصر مع تواجد قوات دولية في القطاع بهذه الصورة. أحد الوزراء الذين تم توبيخهم بسبب صمتهم في جلسة مجلس الوزراء قبل حرب لبنان الثانية، فتذمر بالقول: "ما هو الهدف الإستراتيجي لهذه العملية العسكرية؟ بالضبط كما حدث في حرب لبنان الثانية نضع الافتراضات لتحقيق ثمن سياسي من الأعداء وليس أكثر من ذلك، هذه حماس كحركة شعبية لا يمكن القضاء عليها. الأهداف الإستراتيجية عادية". فيرد عليه رئيس الوزراء بكل هدوء: الهدف وقف النار لفترة طويلة وتقوية أبو مازن وإضعاف حماس. رئيس الوزراء بعد حرب لبنان الأخيرة يبدو حذرا إلى درجة كبيرة ولا يريد أن يضع أهداف كبيرة ولكن مثله مثل باقي الحضور فهو يؤمن أن ضربة عسكرية قوية ضد حماس وجلب قوات دولية سيجلب أجواء جديدة على المنطقة وهذا أقصى شيء يتطلع إليه رئيس الوزراء وأدنى شيء يتطلع إليه هو هدف واقعي بأن "تدفع حماس ثمن قاسيا سيجبر حماس على الحفاظ على وقف إطلاق النار".
في نهاية المطاف وافق المجلس الأمني المصغر على القيام بالعملية العسكرية وكان القرار على النحو التالي: "عملية عسكرية تؤدي إلى تدمير القدرة الإنتاجية وقدرة إطلاق صواريخ القسام في القطاع وإيجاد قوة ردع عن طريق ضربة فاعلة ضد حماس وباقي الفصائل الأخرى".
الأوامر أعطيت للجيش بالقيام بقطع الرؤوس لقادة حماس بدون التمييز بين القيادة السياسية العسكرية وتدمير المقرات والبني التحتية. ومن الممكن الطلب من السكان مغادرة مناطق سكناهم حتى لا يتعرضوا للقصف. ومن أجل منع وقوع كارثة إنسانية من الممكن إيجاد تنسيق لإدخال المواد الغذائية لهم. وفي المقابل لا بد من تجهيز مناطق لاستقبال الفارين من القصف إلى داخل الحدود الإسرائيلية في معسكرات تحت سيطرة الجيش. حين تبدأ العملية، فإن سكان بيت حانون ورفح أعطوا التعليمات من أجل ترك مساكنهم، آلاف الفلسطينيين فروا إلى ساحل البحر وتوجهوا إلى الحدود المصرية، حيث في اليوم الأول شن سلاح الجو 100 غارة على 40 هدف، عشرات الطائرات تعمل في الجو من كافة الأنواع طائرات هجومية ومروحيات وطائرات بدون طيار . قوات برية تشتبك مع مقاتلين فلسطينيين متحصنين في مخابئ. في ساعات المساء أعلن الناطق العسكري الإسرائيلي عن مقتل 8 جنود، حتى صباح اليوم التالي ارتفع العدد إلى 20، بعد أن صعدت ناقلة جند فوق لغم شديد الانفجار نصبه الفلسطينيين.