يقيس البعض نضال ومشاركة المرأة الفلسطينية بعدد الشهيدات اللواتي ارتقين خلال الانتفاضة، لكن هذا المقياس يغفل صورا كثيرة لمشاركة المرأة الفاعلة في المجتمع الفلسطيني، تلك المشاركة التي عنت وتعني استمرار الحياة للآف الأسر الفلسطينية في ظل الظلال المعتمة التي ألقاها الحصار الإسرائيلي على مختلف الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني.
فالمرأة الفلسطينية كانت من أكثر المتضررين بشكل مباشر ليس فقط باجراءات الاحتلال في انتفاضة الاقصى، وإنما بآثار الحصار المفروض نظرا لدورها المزدوج في تدبير الشؤون المعيشية لأفراد أسرتها.
ففي الوقت الذي يمنع فيه أرباب الأسر من التوجه إلى مصادر رزقهم لتوفير الحد الأدنى من قوت عائلاتهم تتجلى إنعكاسات سلبية خطيرة على هذه الأسر التي تصبح غير قادرة على توفير أدنى المتطلبات من طعام وملبس وعلاج فتختل معايير هذه الأسر، وتضطرب أحوالها، وتعيش لحظات قاسية، ومع ذلك تأبى المرأة الفلسطينية أن ترضخ لهذا الوضع، فتبدأ نشاطها وحركتها التي لا تتوقف لتشكل عنصر الأمان لأسرتها في تجاوز هذه المرحلة المؤلمة من خلال إنشاء مشاريع صغيرة تساهم من خلالها في رفع مستوى أسرتها.
وهناك العديد من الصور والنماذج المشرقة لنساء فلسطينيات وإرادات نسوية اجتازت الواقع ببدائل خلاقة واستطاعت أن تقدم البديل المادي لأسرتها وأن تكفيها حاجاتها..
أم محمود تصنع البديل
أم محمود تحدت ظروف القهر والعذاب بإصابة زوجها نتيجة الاقتحامات المتكررة لقوات الاحتلال لقريتها "بدرس" مما أقعده عن الحركة باتت المعيلة الوحيدة لأبناها السبعة ولزوجها المصاب وما يترتب على ذلك من تحمل لأعباء مالية كبيرة.
أم محمود التي أبت أن تمد يدها أو تنتظر المساعدات الطارئة من هنا وهناك باعت مقتنياتها من المصاغ وعملت مشروعا شخصيا يقوم على تصنيع الألبان ومشتقاتها بالتعاون مع بعض المحلات التجارية في مدينة رام الله المجاورة بعد أن قامت بشراء بقرة.
ولتحسين وضعها للأحسن قامت بالإعلان بين الأهل والمعارف بأنها ستلبي طلبات من يحتاج إلى الخبز البلدي والشراك مستغلة بذلك عزوف الكثير من ربات الأسر عن العجن والخبز والاكتفاء بالخبز الجاهز، إضافة إلى عمل أكلة المفتول الفلسطينية الشهيرة وتحضير ما يطلب منها من المعجنات.
وتقول أم محمود إن هذا العمل لاقي نجاحا والحمد لله، وأصبحت الطلبات تزداد منوهة بأنها استطاعت أن تغطي مصاريف أولادها, قدمت أم محمود في ذلك فرنا أرضيا وقوده من الحطب.
وتضيف أن مشروعها لا زال ينتظر التطوير وأنها تسعى إلى إنماء مشروعها المنزلي لتحقق إكتفاءا ذاتيا كاملا حتى تشعر من خلاله بأنها قادرة على القيام بدور فاعل ومعطاء كمواطنة منتجة.
الإنتاج الزراعي هدف للرزق
تعددت السبل، لكن الهدف واحد. فأم عمر اختارت مجالا مغايرا ولكن منتجا ومفيد فهي تملك قطعة أرض قريبة من منزلها، ولأن زوجها توفي وأبناها في المعتقلات والثالث يدرس المحاسبة في بلاد الغربة، آثرت أن تعيل نفسها ولا تعتمد على مساعدات سواء عينية أو نقدية من الأقارب وأهل الخير، على الرغم من أثار التاعي البادية على وجهها الذي رسمت عليه أشعة الشمس خطوطها إلا أنها كانت تملأ صناديق الخيار والفقوس بسعادة غامرة.
تقول أم عمر على الرغم من أن فلذات كبدي غيبتهم الغربة عن ناظري إلا أن الأرض تعطيني شعورا أكبر بالانتماء والصبر، أزرع في أرضي أنواع كثيرة من المحاصيل الشتوية والصيفية بالإضافة إلى أشجار التفاح بأنواعه والمشمش والخوخ والبرقوق واللوز، بالإضافة إلى التين والعنب، وكل هذه تعطيني إكتفاءا ذاتيا كما أقوم ببيع كمية جيدة منه للمحلات في المنطقة التي أعيش فيها".
وتتابع أم عمر حديثها قائلة: "أقوم بزراعة أنواع مختلفة من الأعشاب البرية والتي شارفت على الإنقراض بسبب سوء استخدام الناس وعدم الحفاظ عليها مثل الزعتر والحصالبان والزعيتمان ونبتة كتة الحمار الطبية".
أم محمد.. من لا شيء أصبحت بائعة مشهورة
فبعد إنقطاع زوجها الذي يرعي عشرة أبناء بينهم طالبتان جامعيتان وأربعة طلاب في المدارس عن العمل داخل "الخط الاخضر" مع بداية انتفاضة الأقصى لم يعد لأسرة أم محمد أي ناتج، وتراكمت عليها المصاريف، ولم يعد أمام الأسرة سوى ترشيد المصاريف لتتوافق مع ما ادخرته العائلة فتضطر كلا الابنتين إلى تأجيل أكثر من فصل دراسي تمشيا مع ظروف الأسرة الاقتصادية حتى أن التقشف شمل الطفل الصغير أيمن الذي يدرس في إحدى رياض الأطفال ليذهب قسطه لتغطية جانب يسير من ضروريات البيت، لكن ومع كل هذا التقشف تفاقمت المشكلة.
هذه الظروف اضطرت أم محمد إلى اقتراض مبلغ بسيط ووظفته في مشروع يناسب إمكانياتها وحاجات منطقتها في بلدة حوارة القريبة من نابلس، فقامت بشراء تشكيلة متواضعة من البضاعة وعرضتها على طاولة مستديرة في زاوية من غرفة الإستقبال بمنزلها الصغير، وبدأت النسوة بالإقبال على الشراء، وتدريجيا تطورت الأمور فوضعت طاولة أخرى بجانب الأولى، وبتهافت الزبائن قررت إنشاء محل داخل البيت وقامت بتجهيزه، ومن أرباح المبيعات بدأت أم محمد تنفق على البيت والمحل وشيئا فشيئا عادت الطالبتان إلى مقاعد الدراسة وكذا بقية تلاميذ العائلة.
فالمرأة الفلسطينية كانت من أكثر المتضررين بشكل مباشر ليس فقط باجراءات الاحتلال في انتفاضة الاقصى، وإنما بآثار الحصار المفروض نظرا لدورها المزدوج في تدبير الشؤون المعيشية لأفراد أسرتها.
ففي الوقت الذي يمنع فيه أرباب الأسر من التوجه إلى مصادر رزقهم لتوفير الحد الأدنى من قوت عائلاتهم تتجلى إنعكاسات سلبية خطيرة على هذه الأسر التي تصبح غير قادرة على توفير أدنى المتطلبات من طعام وملبس وعلاج فتختل معايير هذه الأسر، وتضطرب أحوالها، وتعيش لحظات قاسية، ومع ذلك تأبى المرأة الفلسطينية أن ترضخ لهذا الوضع، فتبدأ نشاطها وحركتها التي لا تتوقف لتشكل عنصر الأمان لأسرتها في تجاوز هذه المرحلة المؤلمة من خلال إنشاء مشاريع صغيرة تساهم من خلالها في رفع مستوى أسرتها.
وهناك العديد من الصور والنماذج المشرقة لنساء فلسطينيات وإرادات نسوية اجتازت الواقع ببدائل خلاقة واستطاعت أن تقدم البديل المادي لأسرتها وأن تكفيها حاجاتها..
أم محمود تصنع البديل
أم محمود تحدت ظروف القهر والعذاب بإصابة زوجها نتيجة الاقتحامات المتكررة لقوات الاحتلال لقريتها "بدرس" مما أقعده عن الحركة باتت المعيلة الوحيدة لأبناها السبعة ولزوجها المصاب وما يترتب على ذلك من تحمل لأعباء مالية كبيرة.
أم محمود التي أبت أن تمد يدها أو تنتظر المساعدات الطارئة من هنا وهناك باعت مقتنياتها من المصاغ وعملت مشروعا شخصيا يقوم على تصنيع الألبان ومشتقاتها بالتعاون مع بعض المحلات التجارية في مدينة رام الله المجاورة بعد أن قامت بشراء بقرة.
ولتحسين وضعها للأحسن قامت بالإعلان بين الأهل والمعارف بأنها ستلبي طلبات من يحتاج إلى الخبز البلدي والشراك مستغلة بذلك عزوف الكثير من ربات الأسر عن العجن والخبز والاكتفاء بالخبز الجاهز، إضافة إلى عمل أكلة المفتول الفلسطينية الشهيرة وتحضير ما يطلب منها من المعجنات.
وتقول أم محمود إن هذا العمل لاقي نجاحا والحمد لله، وأصبحت الطلبات تزداد منوهة بأنها استطاعت أن تغطي مصاريف أولادها, قدمت أم محمود في ذلك فرنا أرضيا وقوده من الحطب.
وتضيف أن مشروعها لا زال ينتظر التطوير وأنها تسعى إلى إنماء مشروعها المنزلي لتحقق إكتفاءا ذاتيا كاملا حتى تشعر من خلاله بأنها قادرة على القيام بدور فاعل ومعطاء كمواطنة منتجة.
الإنتاج الزراعي هدف للرزق
تعددت السبل، لكن الهدف واحد. فأم عمر اختارت مجالا مغايرا ولكن منتجا ومفيد فهي تملك قطعة أرض قريبة من منزلها، ولأن زوجها توفي وأبناها في المعتقلات والثالث يدرس المحاسبة في بلاد الغربة، آثرت أن تعيل نفسها ولا تعتمد على مساعدات سواء عينية أو نقدية من الأقارب وأهل الخير، على الرغم من أثار التاعي البادية على وجهها الذي رسمت عليه أشعة الشمس خطوطها إلا أنها كانت تملأ صناديق الخيار والفقوس بسعادة غامرة.
تقول أم عمر على الرغم من أن فلذات كبدي غيبتهم الغربة عن ناظري إلا أن الأرض تعطيني شعورا أكبر بالانتماء والصبر، أزرع في أرضي أنواع كثيرة من المحاصيل الشتوية والصيفية بالإضافة إلى أشجار التفاح بأنواعه والمشمش والخوخ والبرقوق واللوز، بالإضافة إلى التين والعنب، وكل هذه تعطيني إكتفاءا ذاتيا كما أقوم ببيع كمية جيدة منه للمحلات في المنطقة التي أعيش فيها".
وتتابع أم عمر حديثها قائلة: "أقوم بزراعة أنواع مختلفة من الأعشاب البرية والتي شارفت على الإنقراض بسبب سوء استخدام الناس وعدم الحفاظ عليها مثل الزعتر والحصالبان والزعيتمان ونبتة كتة الحمار الطبية".
أم محمد.. من لا شيء أصبحت بائعة مشهورة
فبعد إنقطاع زوجها الذي يرعي عشرة أبناء بينهم طالبتان جامعيتان وأربعة طلاب في المدارس عن العمل داخل "الخط الاخضر" مع بداية انتفاضة الأقصى لم يعد لأسرة أم محمد أي ناتج، وتراكمت عليها المصاريف، ولم يعد أمام الأسرة سوى ترشيد المصاريف لتتوافق مع ما ادخرته العائلة فتضطر كلا الابنتين إلى تأجيل أكثر من فصل دراسي تمشيا مع ظروف الأسرة الاقتصادية حتى أن التقشف شمل الطفل الصغير أيمن الذي يدرس في إحدى رياض الأطفال ليذهب قسطه لتغطية جانب يسير من ضروريات البيت، لكن ومع كل هذا التقشف تفاقمت المشكلة.
هذه الظروف اضطرت أم محمد إلى اقتراض مبلغ بسيط ووظفته في مشروع يناسب إمكانياتها وحاجات منطقتها في بلدة حوارة القريبة من نابلس، فقامت بشراء تشكيلة متواضعة من البضاعة وعرضتها على طاولة مستديرة في زاوية من غرفة الإستقبال بمنزلها الصغير، وبدأت النسوة بالإقبال على الشراء، وتدريجيا تطورت الأمور فوضعت طاولة أخرى بجانب الأولى، وبتهافت الزبائن قررت إنشاء محل داخل البيت وقامت بتجهيزه، ومن أرباح المبيعات بدأت أم محمد تنفق على البيت والمحل وشيئا فشيئا عادت الطالبتان إلى مقاعد الدراسة وكذا بقية تلاميذ العائلة.