نلتقى اليوم بابن الاستشهادي الأول في فلسطين السيد يحيى سرور برهم وهو من مواليد 1938م، ابن الاستشهادي سرور برهم الذي اسشتهد على أرض فلسطين في العام 1948 خلال معركة بطولية كان يقودها أحد القادة الذين استشهدوا في المعركة نفسها ألا وهو الشهيد الملازم الأول محمد الحنيطي الأردني الجنسية وكان قائداً عاما لحيفا .
صابرون : بدأنا بتوجيه السؤال لابن الشهيد حيث طلبنا منه الحديث في البداية عن والده الشهيد
ابن الشهيد : عمل الوالد في الأربعينات من عمره في السكك الحديدية و عمل بعد ذلك 'فورمن' رئيس عمال في ميناء حيفا وشكل هو وزملاؤه منظمة الكف الأسود التي انبثقت من جماعة الشهيد عز الدين القسام بعد استشهاده.
صابرون : كيف استشهد والدك المجاهد سرور برهم؟
ابن الشهيد : في عام 1948م كانت حارة الناصرة التي كنا نسكن فيها على خط التماس مع اليهود، ففي فترة من الفترات لم تعد الذخيرة كافية فأصبح الناس يبيعون ممتلكاتهم من الذهب وغيرها لكي يجمعوا المال لشراء السلاح ، و اقترحت الثورة إرسال مجموعة من المجاهدين قوامها 21 شخصا إلى سوريا لكي يحضروا السلاح من المتبرعين و شراء بعضها وكان من بينهم الوالد والوالدة و صهري أبو يوسف سليمان محمود الحمدان و كانوا قد أخذونا معهم، وفي الطريق تركونا في مدينة صيدا اللبنانية، وعندما عادوا كان معهم سبع سيارات ذخيرة، و من بين السيارات سيارة تحمل لغماً كبيراً كان معداً لتفجير بناء من 14 طابقا،ً وعندما وصلوا الناقورة كانت هناك مجموعات من الإنكليز,و كما هو معلوم الانحياز البريطاني لليهود, حيث قاموا بإبلاغ المستعمرات اليهودية مثل مستعمرة موسكين و نهارية بشأن السيارات و عند دخولهم عكا اقترح الوالد تحميل الذخيرة بقوارب من عكا إلى حيفا لكي يتفادى المستعمرات التي في الطريق ولكن البعض اعترض مثل محمد فخر البرد ومحمد الحمد وكان معنا نفر من الشام و حلب.
و في الطريق وعند مستعمرة نهارية وجدوا بعض البراميل فقام محمد الحمد ليأخذ بعضها فقام اليهود و أطلقوا النار عليه فأردوه شهيدا و نشبت معركة استشهدت خلالها المجموعة ما عدا عائلتنا و صهري و السائق السوري، فقام الوالد و قال يا أم محمود اشهدي سوف اخذ القنبلة وأفجر اللغم فقال: صهري وأنا سوف أذهب معك فقال له الوالد لا، لأنه لا يوجد أحد عند الأولاد فانطلق الوالد مسرعاً و هو يطلق النار و فجر نفسه باللغم وإذا 350 من جنود العدو يسقطون أرضا وهناك الكثير من الناس من اقسم بذلك، و كانت أول عملية استشهادية في تاريخ فلسطين وكان الجيش الأردني و الإنكليزي شاهدا عيان على ما حصل.
و رجع صهري وأمي والسائق الشامي. ومن بعد ذلك استدعوا إلى المشفى لكي يتعرفوا على الشهداء وعرفت أمي أبي من لون بنطاله الذي لم يكن يستبدله والذي كان يغطي نصفه الأسفل لأنه كان قد شطر إلى نصفين من شدة الانفجار
بعد ذلك اشتدت المعركة في حيفا ولكن الغلبة كانت لليهود بسبب نقص الأسلحة لدينا...
صحيحا كنت صغيرا ولكني أذكر ذلك وأذكر أني كنت أنقل بعض الأسلحة وفي تلك الفترة إذا كنت تسأل الحارس كم من الذخيرة توجد معك يقول لك رصاصتان أو ثلاث وأذكر أن البيوت كانت مفتوحة من الأسفل على بعضها البعض و كنا ننقل السلاح من خلال هذه الفتحات على خطوط التماس و كانت بعض المعارك التي كانت تحصل قبل أن نغادر حيفا إلى سوريا واذكر أنه حتى النساء شاركن في تلك المعارك إما بنقل السلاح أو الطعام أو علاج الجرحى فكان لهن دور كبير في معاركنا مع اليهود و خصوصا عند تغطية المجاهدين المنسحبين.
صابرون : هل خرجتم من فلسطين بعد سقوط المدينة
ابن الشهيد : خرجنا من فلسطين في سنة 1948م وكانت مدينةحيفا على وشك السقوط.
صابرون : هل لك أن تحدثنا المعارك الأخيرة في حيفا خصوصا قبل سقوطها في يد المحتلين
ابن الشهيد : في الفترات الأخيرة أصبح عند اليهود مدفعية وبعض الطيران و لم يكن عندنا الذخيرة الكافية و أذكر أن الثورة في تلك المرحلة استطاعت شراء مدفع هاون من عيار 61 لم يكن يستطع استعماله إلا الوالد و في تلك الأيام هاجمنا اليهود من جهة الكرمل فخرج الثوار من الناحية الأخرى و بدأ القصف المعاكس و أذكر انهم ردوهم على أعقابهم وعاد الوالد في ذلك اليوم وكانت يده قد احترقت من سبطانة المدفع .و كانت المعارك كثيرة و أحيانا تكون فردية كالقنص مثلاً.
صابرون : لكن كم استمرت تلك المعركة؟ و كم استمرت المعارك بشكل عام ؟
ابن الشهيد : المعركة الأخيرة استمرت بحدود 4 ساعات، أما المعارك بشكل عام فلقد استمرت بحدود 6 أشهر إلى سقوط حيفا وأذكر حتى أنهم كانوا يقاتلون بمسدس واحد كما تضرب الدبابات بالحجارة الآن في فلسطين.
صابرون : كيف كان يجرى تنظيم الدفاع عن المدينة من قبل المجاهدين والناس ؟
ابن الشهيد : الحرس كانوا حول المدينة في الأماكن العالية و كانت الأماكن مجهزة و كان في كل محرس تجد شخصين أو ثلاثة. وأما إن سألت عن جهاد الناس بشكل عام فكان عدد من الشبان الصغار يتسللون إلى مناطق اليهود ليقاوموهم، و أذكر مرة أن ولداً انتظر على أحد المنعطفات حتى جاء باص فقام الولد وألقى البنزين على دولاب الباص و أشعله و الباص كان يسير،و قد قام الصهاينة بإطلاق النار على الولد و لكنهم لم يصيبوه .
صابرون : هل تذكر شيئا عند مغادرتكم؟
ابن الشهيد : لم أشاهد سوى البواخر التي كانت تحمل الناس خارج حيفا
صابرون : ما هي نوعية الاسلحة التي كانت بحوزة المجاهدين؟
ابن الشهيد : من ناحية الأسلحة و خصوصاً التي كانت تأتى من الأردن كانت فاسدة لدرجة أن الرصاصة تنفجر في داخلها فتكسر البندقية دون أن تخرج من البندقية وكانت في بعض الحالات تقتل حاملها . و عندما كانت تأتى الجيوش العربية يقولون لنا اخرجوا نحن سوف نعيد فلسطين فكان الشعب الجاهل بهذه الأنظمة يصدق هذا الكلام للاسف. وأذكر هنا الفضل للشيخ المجاهد محمد الأشمر الذي كان يأتي بالسلاح من سوريا إلى فلسطين.
صابرون : ماذا عن المجاهدين العرب ؟
ابن الشهيد : كانوا متفاجئين مثلنا من ناحية الأسلحة و وضعهم من وضعنا.
صابرون : هل تذكر شيئ عن أعمال الاحتلال الإنكليزضد المواطنين العزل؟
ابن الشهيد : كانوا يقومون بأعمال التفتيش فإذا وجدوا شيئا يعذب أهل البيت وإذا كان الموجود في البيت مشبوه يعتقل، و كان المجاهدون عندما يأتي الإنكليز يغيبون عن الأنظار
صابرون : هل تذكر أحد من هؤلاء المجاهدين ؟
ابن الشهيد : نعم أذكر منهم : نمر الخطيب - الشيخ خليل أبو إسعاف - أبو محمد الخطيب الشعبي وهذا كان يعمل مع الإنكليز في سجن عكا و في يوم من الأيام جاء الإنكليز إلى السجن و معهم رجال من الثوار المحكوم عليهم بالإعدام فجاء أبو محمد بلباس عسكري وألبس الثوار و أخرجهم على انه ذاهب في دورية و أخذهم والتحق بالثورة مع منظمة الكف الأسود.
----------------
* قام باجراء هذا اللقاء الأستاذ هشام سلامة مدير موقع صابرون في منزل ابن الشهيد سرور برهم الاستاذ يحيى سرور برهم وذلك بتاريخ 1/5/2001 في مخيم اليرموك بدمشق ولم يبخل ابن الشهيد بعرض الوثائق الخاصة عن والده الشهيد ونشكره لحسن الاستقبال والضيافة.
[img][/img]
صابرون : بدأنا بتوجيه السؤال لابن الشهيد حيث طلبنا منه الحديث في البداية عن والده الشهيد
ابن الشهيد : عمل الوالد في الأربعينات من عمره في السكك الحديدية و عمل بعد ذلك 'فورمن' رئيس عمال في ميناء حيفا وشكل هو وزملاؤه منظمة الكف الأسود التي انبثقت من جماعة الشهيد عز الدين القسام بعد استشهاده.
صابرون : كيف استشهد والدك المجاهد سرور برهم؟
ابن الشهيد : في عام 1948م كانت حارة الناصرة التي كنا نسكن فيها على خط التماس مع اليهود، ففي فترة من الفترات لم تعد الذخيرة كافية فأصبح الناس يبيعون ممتلكاتهم من الذهب وغيرها لكي يجمعوا المال لشراء السلاح ، و اقترحت الثورة إرسال مجموعة من المجاهدين قوامها 21 شخصا إلى سوريا لكي يحضروا السلاح من المتبرعين و شراء بعضها وكان من بينهم الوالد والوالدة و صهري أبو يوسف سليمان محمود الحمدان و كانوا قد أخذونا معهم، وفي الطريق تركونا في مدينة صيدا اللبنانية، وعندما عادوا كان معهم سبع سيارات ذخيرة، و من بين السيارات سيارة تحمل لغماً كبيراً كان معداً لتفجير بناء من 14 طابقا،ً وعندما وصلوا الناقورة كانت هناك مجموعات من الإنكليز,و كما هو معلوم الانحياز البريطاني لليهود, حيث قاموا بإبلاغ المستعمرات اليهودية مثل مستعمرة موسكين و نهارية بشأن السيارات و عند دخولهم عكا اقترح الوالد تحميل الذخيرة بقوارب من عكا إلى حيفا لكي يتفادى المستعمرات التي في الطريق ولكن البعض اعترض مثل محمد فخر البرد ومحمد الحمد وكان معنا نفر من الشام و حلب.
و في الطريق وعند مستعمرة نهارية وجدوا بعض البراميل فقام محمد الحمد ليأخذ بعضها فقام اليهود و أطلقوا النار عليه فأردوه شهيدا و نشبت معركة استشهدت خلالها المجموعة ما عدا عائلتنا و صهري و السائق السوري، فقام الوالد و قال يا أم محمود اشهدي سوف اخذ القنبلة وأفجر اللغم فقال: صهري وأنا سوف أذهب معك فقال له الوالد لا، لأنه لا يوجد أحد عند الأولاد فانطلق الوالد مسرعاً و هو يطلق النار و فجر نفسه باللغم وإذا 350 من جنود العدو يسقطون أرضا وهناك الكثير من الناس من اقسم بذلك، و كانت أول عملية استشهادية في تاريخ فلسطين وكان الجيش الأردني و الإنكليزي شاهدا عيان على ما حصل.
و رجع صهري وأمي والسائق الشامي. ومن بعد ذلك استدعوا إلى المشفى لكي يتعرفوا على الشهداء وعرفت أمي أبي من لون بنطاله الذي لم يكن يستبدله والذي كان يغطي نصفه الأسفل لأنه كان قد شطر إلى نصفين من شدة الانفجار
بعد ذلك اشتدت المعركة في حيفا ولكن الغلبة كانت لليهود بسبب نقص الأسلحة لدينا...
صحيحا كنت صغيرا ولكني أذكر ذلك وأذكر أني كنت أنقل بعض الأسلحة وفي تلك الفترة إذا كنت تسأل الحارس كم من الذخيرة توجد معك يقول لك رصاصتان أو ثلاث وأذكر أن البيوت كانت مفتوحة من الأسفل على بعضها البعض و كنا ننقل السلاح من خلال هذه الفتحات على خطوط التماس و كانت بعض المعارك التي كانت تحصل قبل أن نغادر حيفا إلى سوريا واذكر أنه حتى النساء شاركن في تلك المعارك إما بنقل السلاح أو الطعام أو علاج الجرحى فكان لهن دور كبير في معاركنا مع اليهود و خصوصا عند تغطية المجاهدين المنسحبين.
صابرون : هل خرجتم من فلسطين بعد سقوط المدينة
ابن الشهيد : خرجنا من فلسطين في سنة 1948م وكانت مدينةحيفا على وشك السقوط.
صابرون : هل لك أن تحدثنا المعارك الأخيرة في حيفا خصوصا قبل سقوطها في يد المحتلين
ابن الشهيد : في الفترات الأخيرة أصبح عند اليهود مدفعية وبعض الطيران و لم يكن عندنا الذخيرة الكافية و أذكر أن الثورة في تلك المرحلة استطاعت شراء مدفع هاون من عيار 61 لم يكن يستطع استعماله إلا الوالد و في تلك الأيام هاجمنا اليهود من جهة الكرمل فخرج الثوار من الناحية الأخرى و بدأ القصف المعاكس و أذكر انهم ردوهم على أعقابهم وعاد الوالد في ذلك اليوم وكانت يده قد احترقت من سبطانة المدفع .و كانت المعارك كثيرة و أحيانا تكون فردية كالقنص مثلاً.
صابرون : لكن كم استمرت تلك المعركة؟ و كم استمرت المعارك بشكل عام ؟
ابن الشهيد : المعركة الأخيرة استمرت بحدود 4 ساعات، أما المعارك بشكل عام فلقد استمرت بحدود 6 أشهر إلى سقوط حيفا وأذكر حتى أنهم كانوا يقاتلون بمسدس واحد كما تضرب الدبابات بالحجارة الآن في فلسطين.
صابرون : كيف كان يجرى تنظيم الدفاع عن المدينة من قبل المجاهدين والناس ؟
ابن الشهيد : الحرس كانوا حول المدينة في الأماكن العالية و كانت الأماكن مجهزة و كان في كل محرس تجد شخصين أو ثلاثة. وأما إن سألت عن جهاد الناس بشكل عام فكان عدد من الشبان الصغار يتسللون إلى مناطق اليهود ليقاوموهم، و أذكر مرة أن ولداً انتظر على أحد المنعطفات حتى جاء باص فقام الولد وألقى البنزين على دولاب الباص و أشعله و الباص كان يسير،و قد قام الصهاينة بإطلاق النار على الولد و لكنهم لم يصيبوه .
صابرون : هل تذكر شيئا عند مغادرتكم؟
ابن الشهيد : لم أشاهد سوى البواخر التي كانت تحمل الناس خارج حيفا
صابرون : ما هي نوعية الاسلحة التي كانت بحوزة المجاهدين؟
ابن الشهيد : من ناحية الأسلحة و خصوصاً التي كانت تأتى من الأردن كانت فاسدة لدرجة أن الرصاصة تنفجر في داخلها فتكسر البندقية دون أن تخرج من البندقية وكانت في بعض الحالات تقتل حاملها . و عندما كانت تأتى الجيوش العربية يقولون لنا اخرجوا نحن سوف نعيد فلسطين فكان الشعب الجاهل بهذه الأنظمة يصدق هذا الكلام للاسف. وأذكر هنا الفضل للشيخ المجاهد محمد الأشمر الذي كان يأتي بالسلاح من سوريا إلى فلسطين.
صابرون : ماذا عن المجاهدين العرب ؟
ابن الشهيد : كانوا متفاجئين مثلنا من ناحية الأسلحة و وضعهم من وضعنا.
صابرون : هل تذكر شيئ عن أعمال الاحتلال الإنكليزضد المواطنين العزل؟
ابن الشهيد : كانوا يقومون بأعمال التفتيش فإذا وجدوا شيئا يعذب أهل البيت وإذا كان الموجود في البيت مشبوه يعتقل، و كان المجاهدون عندما يأتي الإنكليز يغيبون عن الأنظار
صابرون : هل تذكر أحد من هؤلاء المجاهدين ؟
ابن الشهيد : نعم أذكر منهم : نمر الخطيب - الشيخ خليل أبو إسعاف - أبو محمد الخطيب الشعبي وهذا كان يعمل مع الإنكليز في سجن عكا و في يوم من الأيام جاء الإنكليز إلى السجن و معهم رجال من الثوار المحكوم عليهم بالإعدام فجاء أبو محمد بلباس عسكري وألبس الثوار و أخرجهم على انه ذاهب في دورية و أخذهم والتحق بالثورة مع منظمة الكف الأسود.
----------------
* قام باجراء هذا اللقاء الأستاذ هشام سلامة مدير موقع صابرون في منزل ابن الشهيد سرور برهم الاستاذ يحيى سرور برهم وذلك بتاريخ 1/5/2001 في مخيم اليرموك بدمشق ولم يبخل ابن الشهيد بعرض الوثائق الخاصة عن والده الشهيد ونشكره لحسن الاستقبال والضيافة.
[img][/img]