الوحدة الطلابية

عزيزي الزائر ...
أنت غير مشترك في عضوية هذا المنتدى للإنضمام الينا الرجاء الضغط على زر التسجيل اما اذا كنت عضوا فيرجى الضغط على زر الدخول .
إدارة منتديات الوحدة الطلابية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الوحدة الطلابية

عزيزي الزائر ...
أنت غير مشترك في عضوية هذا المنتدى للإنضمام الينا الرجاء الضغط على زر التسجيل اما اذا كنت عضوا فيرجى الضغط على زر الدخول .
إدارة منتديات الوحدة الطلابية

الوحدة الطلابية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الوحدة الطلابية

منتديات الوحدة الطلابية - جامعة اليرموك


    الإمبريالية البريطانية

    Anonymous
    زائر
    زائر


    الإمبريالية البريطانية Empty الإمبريالية البريطانية

    مُساهمة من طرف زائر 2008-06-16, 1:09 am

    قد يكون من الصعب تحديد تاريخ تطلع بريطانيا إلى احتلال الشرق الأدنى في التاريخ المعاصر ولكن المؤرخ فيليب حتى يعتقد أن إنجلترا، وإن لم تكن تجاور الدولة العثمانية اقليمياً، إلا أنها ابتدأت منذ القرن السادس عشر تبدي اهتماماً خاصاً بها بسبب تجارتها البرية مع الهند والشرقين الأدنى والأقصى. ويضيف: ببدء تلاشي الامبراطورية العثمانية تخطت مصالح بريطانيا التجارة إلى الإمبريالية فهي لم تكن تريد أن ترى الدولة العثمانية مقطعة الأوصال، كما أنها لم تكن ترغب في رؤية روسية متمركزة على البوسفور ( كتابة بالإنجليزية " تاريخ سوريا" ص 698).

    والحقيقة أنه منذ بداية القرن التاسع عشر أخذت الشركات البريطانية من الهند تقوم بخدمة ملاحة منتظمة إلى البصرة والسويس ( 1809) . وفي البحر المتوسط بدأت بواخر بريطانية أيضاً بخدمة منتظمة إلى مصر وسوريا.( برنارد لويس في كتابه " العرب في التاريخ" ص 169).

    ولا جدال في أن احتلال نابليون بونابرت، بجيشه الفرنسي، مصر عام 1798 ومحاولته احتلال سوريا الطبيعية( ونقد بها فلسطين وشرق الأردن ولبنان وسوريا) كانتا حملة عسكرية سياسية هدفت إلى أمرين: تهديد الإمبراطورية البريطانية الكولونيالية في الهند وتوسيع الإمبراطورية الفرنسية الكولونيالية.

    ولذلك تمثل الحملة النابليونية نقطة تحول في سياسة الكولونيالية البريطانية، فقد بدأت بعدها سلسلة " اتفاقاتها" مع أمراء ومشايخ ولايات سواحل شبه الجزيرة العربية ابتداء من عدن حتى الكويت، واحتلت المواقع الاستراتيجية والاقتصادية الحاسمة التي يمكن أن تقطع الطريق على أية قوة تهدد الهند درة التاج الإمبراطوري البريطاني، كذلك عاونت القوات البريطانية القوات العثمانية على إجلاء القوات الفرنسية عن مصر عام 1801 ولكنها لم تحاول البقاء فيها آنذاك.

    أما محاولتها احتلال قطرما في منطقة الشرق الأدنى فقد جرت عام 1807 حين هبطت قوة بريطانية بقيادة الجنرال فريزر إلى مصر بقصد احتلالها، إلا أنها أخفقت وهزمتها القوات المصرية في الرشيد فاضطرت إلى الانسحاب إلى الأسطول البريطاني الذي أبحر بها عائداً إلى قواعده.

    وهناك من المؤرخين من يعتقد أن هذه الحملة لا تؤلف محاولة بريطانية مصممة على احتلال مصر، بل كانت من قبيل الاستكشاف وتوطيد المواقع البريطانية الاقتصادية حيال التطورات الداخلية في مصر تبلورت آنذاك في تقليص نفوذ المماليك حلفاء بريطانيا، وصعود محمد علي إلى الحكم كان يبدي ميلاً للفرنسيين.. ولكن هذا التقديرلا يصمد للوقائع فبريطانيا حاولت قصداً احتلال مصر في عام 1807 إلا أنها ما كانت تستطيع أن تلقي بقوات أكبر من القوات التي ألقتها في المعركة. ففي ذلك الوقت كان نابليون يسيطر على أوروبا ويهددها تهديداً خطيراً ويفرض عليها ، لمواجهته، حشد قواها لا توزيعها على مختلف الجبهات.

    وعادت أطماع الكولونيالية البريطانية بادية للعيان في فترة محاولة حاكم مصر محمد علي وولده إبراهيم إقامة الدولة العربية الكبيرة الأولى في الفترة المعاصرة بين 1831-1840.

    آنذاك وقفت بريطانيا بوضوح وعنف تقاوم هذه الدولة الفتية، التي امتدت من مصر عبر سوريا الطبيعية حتى حدود آسيا الصغرى، وتعاونت مع الإمبراطورية العثمانية والدول الكولونيالية الأوروبية الأخرى لإجلاء القوات العربية المصرية عن سوريا وإعادتها إلى مصر وحصر الدولة الحديثة التي كانت تنمو في حدود مصر .

    وقامت عام 1840 القوات البريطانية البرية، التي أنزلت على ساحل سوريا، والبحرية التي كانت تقصف القوات المصرية من البحر، بدور فعال في تقهقر قوات إبراهيم المصري وانسحابها من سوريا.

    ولاحظ المؤرخ جورج انطونيوس أن مقاومة بريطانيا مشروع الدولة العربية الناشئة كان أحد العوامل الجوهرية في إخفاقها. كتب : " قد يكون الاصطدام بين محمد علي وإنجلترا أمراً لا بد من وقوعه لأن نمو سلطانه في مصر ثم امتداده إلى الجزيرة العربية والبحر الأحمر أكسبه سيطرة قوية في تلك المناطق الواقعة على طريق من اخطر الطرق التجارية في العالم، وله في الوقت نفسه قيمة خاصة للتجارة الإنجليزية( يقظة العرب تعريب علي حيدر الركابي).

    وتدعم الوقائع هذا التقدير، فوزير خارجية بريطانيا ( ورئيس وزرائها فيما بعد) بالمرستون في رسالة إلى سفير بلاده في نابولي بتاريخ 21 آذار ( مارس) 1833 كتب:

    " إن هدف محمد علي الحقيقي هو إقامة مملكة عربية تضم جميع البلاد التي تتكلم العربية، وقد لا يحوي هذا المشروع ضرراً ما في حد ذاته ولكنه سيؤدي إلى تطيع أوصال تركيا وهذا ما لا نرضى عنه، وفضلاً عن ذلك فلا نرى سبباً يبرر إحلال ملك عربي محل تركيا في السيطرة على طريق الهند". ( المصدر ذاته ص 21-22).

    وفي رسالة إلى السير وليام كامبل سفير بلاده في كابول عام 1833 كتب بالمرستون في نفس الروح إلا أنه كان أحد وأشد بتأكيده على عدم تسليم بريطانيا بوجود دولة غير تركيا على طريق الهند فهي" خير ملك عربي يقوم على هذه البلاد ويكون نزاعاً للعمل كثير الحركة" ( الدولة العربية المتحدة أمين سعيد ص 95 جزء أول).

    الكولونيالية البريطانية تصبح صهيونية قبل نشوء الحركة الصهيونية
    لقد أثبتنا تطورالمطامع البريطانية في الشرق الأدنى تمهيداً لنبحث في بداية اللقاء بين الكولونيالية البريطانية والصهيونية من قبل أن تولد الحركة الصهيونية بحوالي نصف قرن وكان التهديد الذي مثله محمد علي وولده إبراهيم بمحاولتهما إقامة الدولة العربية الكبيرة نقطة البداية في هذا اللقاء.

    كتب ناحوم سولوكوف، أحد كبار مؤسسي الحركة الصهيونية، يبرز الصلة بين محاولة إقامة الدولة العربية الكبيرة وتبني الكولونيالية البريطانية الفكرة الصهيونية من قبل أن تنشأ منظمة صهيونية أو يضع أسسها أيديولوجي يهودي فأكد:

    " ونشأت ( بعد تدخل الدول الأوروبية لإنقاذ الإمبراطورية العثمانية وإعادة قوات إبراهيم إلى مصر).مسألة مستقبل فلسطين. هل كانت ستبقى بيد تركيا أم هل كانت بريطانيا العظمى ستفوز بالأماكن الهامة. وكان السائد في الرأي العام البريطاني ضم عكا وقبرص إلى الإمبراطورية البريطانية. فبريطانيا وقد احتلت موقع عكا الحصين الذي لا يقهر كانت لا تضطر إلى السعي لضمان حرية الطريق إلى الهند من أي دولة أخرى". ثم أورد أمثلة عديدة على ساسة بريطانيين نادوا باستيطان اليهود في فلسطين.( كتابة تاريخ الصهيونية المجلد الأول 104).

    ومن هذه الأمثلة أنه في 25 أيلول ( سبتمبر) 1840 كتب الإيرل شافتسبري بالمرستون وزير الخارجية البريطاني بشأن المسألة السورية ( التي كانت لا تزال موضع بحث في الميدان الدولي وتدور حولها المفاوضة مع محمد علي – المؤلف أ.ت) يقترح إقامة مستعمرة بريطانية ( دومنيون) . وأضاف أن المنطقة تحتاج إلى المال والعمل… وأن العبرانيين يترقبون العودة إلى سوريا ولذلك فإذا ضمنت الدول قوانين تحقق المساواة في سوريا وتبدد شكوك العبرانيين فعندئذ يستنفرهم النداء فيخرجون بثرواتهم وصناعتهم .. وأكد في النهاية أن استعمار العبرانيين سوريا هو أرخص وأضمن أسلوب لتزويد هذه المناطق القليلة السكان بحاجاتها.( المصدر ذاته المجلد الثاني ص 229).

    وعاد شافتسبري ليؤكد هذا الأمر بعد ربع قرن:
    ففي مقال كتبه عام 1876 تحدث عن اليهود بوصفهم تجاراً بارزين وقال أن سوريا تحتاج إلى راس مال وسكان. واستنتج أن اليهود يستطيعون تزويدها بالأمرين، وسأل شافتسبري: أو ليس لبريطانيا مصلحة في ذلك .. وأجاب:
    " إنها لضربة لإنجلترا إذا ما استولى أي من منافسيها على سوريا. فإمبراطوريتها التي تمتد من كندا في الغرب إلى كلكتا ( الهند ) واستراليا في الجنوب الشرقي تقطع نصفين… يجب أن تصون إنجلترا سوريا لنفسها…ألا تستدعي السياسة إذن أن تنتمي انجلترا، وهي دولة تجارية بحرية عظمى، قومية اليهود وأن يرجع إليها فضل استيطان اليهود في فلسطين"( سجل ذلك ناحوم سولوكوف في كتابه تاريخ الصهيونية المجلد الأول ص 206).

    وبين هذين التاريخين 1840 و 1876 عالج عدد من الكتاب والساسة البريطانيين غير اليهود ما كان يطلق عليها آنذاك المسألة التركية أو المسألة الشرقية وأكدوا أمرين، بالتساوي تقريباً: ضرورة سيطرة بريطانيا على الشرق الأدنى وبالتحديد سوريا ( وتشمل فلسطين) واستخدام اليهود أو العبرانيين في استيطان فلسطين أو سوريا لتثبيت السيطرة البريطانية على المنطقة وحماية طريق الهند.

    وكان أحد هؤلاء الكولونيل شارلز هنري تشرشل( 1814-1877) أحد ضباط الحملة البريطانية التي حاربت القوات المصرية العربية في سوريا عام 1840.

    كتب في مقدمة كتابه " جبل لبنان" ( بالإنجليزية صدر عام 1853 ): إن كنا نريد الإسراع في تقدم المدنية وأردنا توطيد سيادة إنجلترا في الشرق فمن الواجب أن تقع سوريا ومصر تحت سيطرتها ونفوذها بهذا الشكل أو بذاك.

    ودعا إلى مثل هذا المستشرق البريطاني السير اوستن هنري لايارد ( 1817-1894) عضو البرلمان في سنوات الخمسين من القرن التاسع عشر، قال في إحدى خطبه التي عالج فيها المسألة التركية: " علينا أن لا ننسى أنه إذا كانت مصر طريقاً من الطرق إلى الهند فسوريا ووادي الدجلة والفرات هي الطريق والدولة التي تسيطر على هذين القطرين تتحكم في الهند".
    ( مجموعة خطاباته في المسألة التركية ص 10 صدر بالإنجليزية عام 1857).

    وقال الكولونيل جورج جولر( 1796-1869) حاكم جنوب أستراليا في خطاب ألقاه في 25 كانون الثاني (يناير ) 1853:لقد وضع القدر سوريا ومصر بين انجلترا وأعظم مناطق إمبراطوريتها الكولونيالية ومراكز تجارتها في الهند والصين والأرخبيل الهندي وأستراليا. وأضاف أن استيلاء أي دولة على مصر وسوريا يهدد تجارة بريطانيا، ولذلك يدعو القدر انجلترا إلى أن تحسن سوريا وتطورها وذلك بنشاط أبناء إسرائيل ومساعيهم.

    وتؤكد هذه التصريحات فعالية المحرك الكولونيالي في دفع كتاب إنجلترا وساستها إلى الدعوة إلى بسط النفوذ البريطاني على سوريا ( فلسطين) واستخدام أبناء إسرائيل أو العبرانيين في استيطانها على نسق المستوطنين الأوروبيين في أمريكا لتحقيق ذلك، فهذا فقط يفسر صدور الكتب العديدة نسبياً التي تدعو إلى هذا الأمر (1).

    وقد طابق اشتداد الاهتمام الكولونيالي في الشرق الأدنى أزمات سياسية دولية معينة، الأولى أثناء محاولة محمد علي وولده إبراهيم إقامة الدولة العربية الكبيرة في مصر وسوريا، والثانية أثناء التوتر الذي رافق مسألة حفر قناة السويس وملابساتها.

    ولاحظ هذا الأمر هوراس ماير كلن في كتابه " الصهيونية والسياسة الدولية" فكتب: انتشرت فكرة بعث إسرائيل باعتبارها ممكنة التحقيق على صعيد السياسة العملية والمستوى الديني(2) في بريطانيا وفرنسا بين غير اليهود بشكل أوسع واشد من انتشارها بين اليهود ، فبالنسبة لهونغورث حين كتب عام 1952 في إنجلترا ( ملاحظات حول وضع اليهود في فلسطين) لم تكن إقامة الدولة اليهودية في فلسطين عملاً إنسانياً وعادلاً بل ضرورة سياسية في الذهن البريطاني لحماية الطريق عبر آسيا الصغرى إلى الهند- أما المحرك المباشر فكان الحديث الملح حول قناة السويس. فهذا المشروع الكبير حرك الفرنسيين للتفكير بالفكرة نفسها( بعث إسرائيل) كما يظهر ذلك من كتاب ديني " المشكلة الشرقية الجديدة" وكتاب أ. لاهرامي: " المسألة الشرقية "( ص 48-49).

    وهكذا ينبه هذا الكاتب إلى أن سياسة الكولونيالية البريطانية الصهيونية .. أي تبني انجلترا فكرة " بعث إسرائيل" قابلتها في مرحلة قصيرة سياسة كولونيالية فرنسية صهيونية. وبذلك جرى التنافس الكولونيالي حول فلسطين في ميدان واحد هو ميدان " البعث الإسرائيلي"! إلا أن هذه الفترة كانت قصيرة جداً، والكولونيالية الفرنسية لم تهتم الاهتمام الضخم بالمشروع الكولونيالي الإسرائيلي الذي أبدته بريطانيا منذ عام 1840 وما بعد.

    وتعود إلى هذه الفترة محاولة تخفيف حدة التنافس الأنجلو – فرنسي باقتراح هنري دونانت، في رسالة مفتوحة، تأليف جمعية شرقية دولية يؤيدها الرأي العام الدولي لبعث الشرق زراعياً وصناعياً وتجارياً ، وخاصة فلسطين، بالتعاون مع الإسرائيليين وبتأييد أصحاب القول الفصل في فرنسا وبريطانيا وغيرها.( تاريخ الصهيونية المجلد 2 ص 295).

    يتبع
    Anonymous
    زائر
    زائر


    الإمبريالية البريطانية Empty رد: الإمبريالية البريطانية

    مُساهمة من طرف زائر 2008-06-16, 1:09 am

    هذا ويلاحظ المؤرخ أن الحماس البريطاني لفكرة الاستيطان اليهودي خف في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ثم عاد وتجدد في القرن العشرين.

    ولهذا أسباب منها أن لينين لاحظ في دراسته العبقرية " الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية" أنه في أوج ازدهار المزاحمة الحرة عالمياً في مرحلة 1840-1860 كان السياسيون البرجوازيون في بريطانيا ضد السياسة الكولونيالية وكانوا يعتبرون تحرر المستعمرات وانفصالها التام عن انجلترا أمراً محتوماً. ( حركة شعوب الشرق الوطنية التحررية ص 168).

    ولذلك لم تكن بريطانيا، التي احتلت مناطق عديدة في العالم تفكر في المرحلة هذه، باحتلال مناطق جديدة بل مواصلة سياسة الاستيطان الكولونيالي الذي بدأ في القرن السابع عشر، وترى فيه سبيلاً لحماية مصالحها التجارية وهذا ما ظهر من كل تصريحات وكتابات الساسة البريطانيين.

    وهذا ما أكده سولوكوف فكتب: أن فكرة استعمار سوريا نشأت في حين كان استعمار أمريكا واستراليا على قدم وساق.. وأضاف: فالسيطرة على القطر السوري كانت تزيد في موارد بريطانيا التجارية وقواها الدفاعية ( تاريخ الصهيونية، المجلد الأول، ص 105-106).

    ثم هناك سبب آخر أبعد بريطانيا عن فكرة احتلال سوريا آنذاك، ونقصد به التوازن الدولي في العالم. فقد كان يستبعد إجراء تغييرات في أوضاع الإمبراطورية العثمانية تمنح أي من الدول الكولونيالية امتيازاً على الأخرى.

    وأهمية صيانة هذا التوازن ظهرت في المناسبتين اللتين نشبت فيهما الحرب بين روسيا القيصرية والإمبراطورية العثمانية، ففي المناسبة الأولى- وعرفت بحرب " القرم" (3)- هزمت في بدايتها روسيا القيصرية الإمبراطورية العثمانية فاقتحمت بريطانيا ومعها فرنسا وسردينيا وبروسيا ميدان المعركة وقلبت نصر روسيا القيصرية هزيمة وعقد مؤتمر باريس عام 1856 وقرر " تمامية السلطنة العثمانية" وتكامل أراضيها.

    أما في المناسبة الثانية فهزم روسيا القيصرية الإمبراطورية العثمانية عام 1876 لم يؤد إلى تدخل عسكري واستطاعت روسيا القيصرية أن تفرض على الإمبراطورية العثمانية معاهدة سان ستيفانو، إلا أن بريطانيا نجحت في أن تجند دول أوروبا الكبرى وأن تفرض على روسيا القيصرية الاشتراك في مؤتمر برلين والقبول بنتائجه وأهمها إعادة الولايات التي احتلتها روسيا القيصرية إلى الإمبراطورية العثمانية.

    وقد دخل عامل التجارة في الموقف البريطاني من يهود الشرق الأدنى.

    في كتابة " تقرير حول سوريا" وصف جون بردنغ اليهود في دمشق أن التجار اليهود الأجانب في دمشق هم الفئة الأغنى بين التجار وذكر عائلتين تملك كل منهما مليون ونصف مليون جنيه( وهذه ثروة ضخمة في ذلك الحين) وأضاف أن أكثر البيوتات التجارية تتاجر مع بريطانيا.( سولوكوف تاريخ الصهيونية المجلد الأول ص 76).

    وهذا قد يكون عاملاً من العوامل التي جعلت بريطانيا تمد حمايتها على يهود الإمبراطورية العثمانية في سنوات الربعين من القرن التاسع عشر، أي في هذه الفترة من شيوع الصهيونية الكولونيالية البريطانية غير اليهودية.

    ولاحظ سولوكوف أن عوامل سياسية أيضاً دفعت بريطانيا نحو مد حمايتها لتشمل اليهود في الإمبراطورية العثمانية.( تاريخ الصهيونية المجلد الأول ص 118).

    وفسر ضرورات السياسة البريطانية هذه الدكتور ادوارد روبنسون ( 1797 – 1863) في كتابة " تنقيبات توراتية في فلسطين"، حين كتب :
    " كانت فرنسا منذ وقت طويل حامي الدين الكاثوليكي ( التابع لروما) المعترف بها.. ووجد أبناء الكنيسة الأرثوذوكسية ( الرومية) أنصار أشداء في الروس .. ولكن لا يوجد متحيزون للإنجليز في أي مكان من الإمبراطورية العثمانية".

    وبما أن الدولة الكولونيالية، في مساعيها للتسرب إلى الإمبراطورية العثمانية واقتسام تركتها في الشرق الأدنى كانت تستفيد من التظاهر بالدفاع عن هذه الطائفة أو تلك فقد وجدت بريطانيا أنها في حاجة إلى طائفة لتواجه روسيا القيصرية وفرنسا، فأرادت أن تتوكأ على اليهود، وقد لجأت فيما بعد حين اشتد الصراع بين الدول الإمبريالية إلى زعماء الدروز تماماً كما وجدت فرنسا بغيتها في زعماء الموارنة وروسيا القيصرية في زعماء الروم الأرثوذوكس (4).

    وهنا نستطيع أن نجيب على السؤال لماذا خفت الدعوة إلى بعث إسرائيل في الربع الأخير من القرن التاسع عشر؟

    أوضح لينين كما ذكرنا أن فترة المزاحمة التجارية بين 1840-1860 خلقت الاعتقاد بأن تحرر المستعمرات ( المستوطنات على وجه التحديد) أمر محتوم، على اعتبار أن وجودها يعرقل نمو التجارة واتساعها، ولكنه أضاف في كتابه " الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية" أن الوضع تغير بنمو الاحتكارات وتراجعها عن مبدأ المزاحمة الحرة في التجارة الدولية.

    لقد بدأت الكولونيالية تتحول إلى إمبريالية. ومن ملامح الإمبريالية إتمام تقسيم العالم بين الدول الإمبريالية.
    ولهذا اشتد الصراع بينها على المستعمرات.

    وكتب لينين في هذا الصدد: " إن مرحلة اشتداد الاستيلاء على المستعمرات، اشتداداً كبيراً ، وهي بالنسبة لانجلترا سنوات 1860-1880، واشتداداً ملحوظاً جداً في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر. ومرحلة الاشتداد الكبير بالنسبة لفرنسا وألمانيا هي العقدان الأخيران بالضبط" ( حركة شعوب الشرق الوطنية التحررية ص 183).

    وهكذا ففي الربع الأخير من القرن التاسع عشر، خصوصاً بعد افتتاح قناة السويس عام 1869، واشتد الصراع الإمبريالي على الإمبراطورية العثمانية.

    وكان الصراع على أشده بين بريطانيا وفرنسا في الشرق الأدنى.
    ولم يكمن الصراع على مجرد النفوذ أو المواقع الاقتصادية، بل على الأقطار نفسها، فالاستيلاء على القطر المعين كان يمنح احتكارات الدولة السائدة المواقع الاقتصادية ويمكنها من السيطرة على سوقها ومقدراتها.

    وفعلاً ركزت بريطانيا جهودها لاحتلال مصر ونجحت في ذلك عام 1882 في حين نجحت فرنسا في احتلال تونس قبل سنة من هذا التاريخ.

    يقسم دافيد هيل في كتابه " تاريخ الدبلوماسية في التطور الدولي في أوروبا"، تاريخ السياسة الدولية التي مارستها بريطانيا العظمى من سنة 1870 وما بعد إلى أربع مراحل:
    1. الآسيوية الأولى وفيها قاومت بريطانيا تقدم روسيا في آسيا الوسطى في اتجاه الهند.
    2. الإفريقية ( سنوات 1885-1902 على وجه التقريب) وفيها اشتد الصراع بين بريطانيا وفرنسا من أجل اقتسام إفريقيا ووقعت حادثة فاشودا (5) فأصبحت الحرب بين القطرين قاب قوسين أو أدنى.
    3. الآسيوية الثانية وخلالها عقدت بريطانيا معاهدة مع اليابان للتصدي لروسيا القيصرية.
    4. الأوروبية وفيها وقفت بريطانيا أمام ألمانيا التي كانت تريد إعادة تقسيم المستعمرات لتفوز " بحقها" منها.

    والمهم هنا أن بريطانيا احتاجت فكرة بعث إسرائيل في فترة المزاحمة الحرة ولم تكن في حاجة لها في وقت الصراع الشديد مع فرنسا في نهاية القرن التاسع عشر فقد كان ميدان الصراع مصر وافريقيا وفيهما لم يكن من الممكن الاستفادة من صهيونية بريطانيا الكولونيالية. إلا أنها احتاجت من جديد إلى الصهيونية في بداية القرن العشرين.

    ولكن آنذاك كانت الصهيونية قد أصبحت يهودية. وكانت منظمتها قد بدأت تحتل مكانها في بعض المحافل الأوروبية.

    ________________________________________
    هوامش:
    1- من هذه الكتب: كتاب توماس كلارك فلسطين لليهود وفيه أبرز الكاتب أن استيلاء اليهود على فلسطين بحماية بريطانيا ضرورة قصوى. كتاب هولنغورت تاريخ اليهود في فلسطين الصادر عام 1852 ويدعو إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين لحماية طريق الهند.

    2- لقد انتشرت فكرة دينية – إلى جانب الفكرة السياسية المذكورة- تقول أن عودة اليهود إلى فلسطين أو بعث إسرائيل يقرب خلاص الإنسانية وعودة المخلص ولذلك على المسيحيين الدعوة إلى ذلك .

    3- 1854-1856.

    4- تمتعت الدول الأوروبية بنظام الامتيازات في الإمبراطورية العثمانية وهذه كانت تمنح من يتمتع بالحماية الأجنبية حقوقاً خاصة منها عدم المثول أمام المحاكم المحلية.

    5- قرية على حدود السودان التقت فيها قوتان، بريطانيا وفرنسا كانتا تحددان حدود إمبراطورية كل منهما . آنذاك رفضت بريطانيا لقوة فرنسا بالتقدم واضطرت فرنسا للتراجع.
    ابن الوحدة
    ابن الوحدة
    عميد


    عدد الرسائل : 869
    العمر : 35
    الموقع : www.wehdeh.com
    بلد الأصل : قضاء نابلس \ قرية ياسوف
    السٌّمعَة : 60
    تاريخ التسجيل : 01/03/2008

    الإمبريالية البريطانية Empty رد: الإمبريالية البريطانية

    مُساهمة من طرف ابن الوحدة 2008-06-17, 3:02 am

    موضوع جميل أشكرك عليه

      الوقت/التاريخ الآن هو 2024-11-25, 8:34 pm